كأسك يا وطني عنوان مسرحية شاهدتها منذ سنوات على شاشة التلفاز بطولة دريد لحام وصباح جزائرية، وهي تجسد حالة البؤس والفقر والكآبة التي أصاب الوطن العربي عامة وتذكرت مشهداً اليماً هز وجداني في تلك المسرحية، ذلك المشهد الذي يعرض فيه “الأب أبناءه” الصغار للبيع لأنه يعاني من شدة الفقر وغير قادر على إعاشة أولاده ويرغب في إخراجهم من مستنقع الجوع والضياع.*ولكن أصبحنا اليوم- ونحن نعيش في عصر العولمة الرأسمالية وما جلبته لنا من مآس وويلات اجتماعية- نشاهد على شاشة القنوات الفضائية مشاهد حية، جعلتنا نقف على مدى انتشار قصص الفقر الأليم والجوع المصاحب لشبح الموت وتفاقم المشاكل الاجتماعية، وتكاثر أمراض اجتماعية شتى فمن تسول إلى رشوة ومن سرقة إلى نهب... الخ ونحن في هذا لا ننفصل عن عالمنا الثالث الذي ننتمي إليه فحالات الفقر والجوع في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية أكثر إيلاماً وقسوة والتغير الاجتماعي يسير إلى الخلف.*وعلينا أن ننتبه إلى انه مع كل هذه الأمراض الاجتماعية تضعف القيم والمبادئ وكثير من قوى الضغط، وتنحدر الأخلاق إلى الحضيض وتتعرقل كل عمليات التنمية التي لا يمكن ان تتحقق إلا بالإنسان فهو أداة التنمية وهدفها وغايتها.*ولا يمكن لأحد أن يضع قائمة أسباب للحالة التي وصلت إليها فئات اجتماعية كثيرة في بعض أقطارنا العربية وفي العالم الثالث لكن الأسباب لا تنفصل عن دائرة الديون الخارجية التي تثقل كاهل أقطارنا العربية وترهق اقتصادياتها كما تثقل كاهل أشقائنا في العالم الثالث، المسمى بالجنوب المتخلف ولا تنفصل- ايضاً- عن الضغوط التي يمارسها العالم الصناعي، واحتكاراته الصناعية الضخمة وسرقة المواد الخام والعقول وغزوة الأسواق وإغراقها بكل منتجاته الصناعية الكمالية والاستهلاكية المطلوبة وغير المطلوبة..وأصبحنا له مستهلكين من الدرجة الأولى، دون الاعتماد على أنفسنا في إنتاج ما نحتاجه من متطلبات ضرورية وأساسية لحياتنا.*للأسف نحن بعنا أبناءنا يوم أغلقنا الورش الصغيرة وهجر الفلاحون أراضيهم ووسعنا دائرة استيرادنا لكل شيء من الخارج واستسهلنا السلعة المستوردة التي تستنزف من ميزانيتنا العملة الصعبة ولن نحمي أبناءنا إلا إذا عمل الوطن كله لكي لايأكل إلا ماينتج من خيراته وما تصنعه أيادي أبنائه لأن العمل والجهد البشري هما عماد التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولهذا علينا أن نحرص قدر الإمكان- على توفير فرص عمل للشباب، وألا نتركهم لقمة سائغة للضياع والتطرف والجريمة ، وان نكثر من الحرف لهؤلاء الشباب حتى ينجو من براثن الفقر وشطف العيش.
|
اتجاهات
كاسك ياوطني
أخبار متعلقة