فرض الله الصيام على المسلمين في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، ليكون حصناً للمخلصين وأماناً للمتقين، من شر النفوس التي قد تجمح بهم عن الطريق السوي وتنزع بهم إلى ما طبعت عليه من الأمر بالسوء، والصد عن المعروف والإحسان. قال الله تبارك وتعالى : (يا أيها الذين آمنو كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).ففرض الصيام إنما هو لتقوى الله عز وجل في أيام معدودات هي أيام رمضان وشهره المبارك, ولا بد من تأثير هذه الأيام في أنفس الصائمين، فلا يتركهم الشهر إلا بعد أن يربي ويغذي فيهم الفضائل، ويضبط نفوسهم، ويقوي عزائمهم، وينقي أجسامهم من الفضلات الرديئة ويكبح جماح نفوسهم، ويصدهم عن الفحشاء والمنكر.إذ أن المسلم الذي يمتنع عن أكل الحلال من الغذاء مع العلم بأن الغذاء لا يستغني عنه إنسان ومع هذا يتركه مرضاة لله سبحانه وتعالى، وخوفاً من أليم عذابه، وطمعاً في عظيم رحمته، فأولى بهذا الإنسان أن يمتنع عن اقتراف الحرام وهو في غنى عنه. فلا يكذب الصائم ولا يغدر ولا يخون ولا ينقضى عهداً ولا يخلف وعداً، ولا يرائي ولا يراجي، ولا يطعن ولا يلعن، ولا يقول إلا حقاً، بعيد عن الغيبة والنميمة، عف اليد واللسان، كثير المعروف والإحسان، صادق وفي، ومخلص أمين، صابر عند الشدائد والملمات، لا تطغى عليه شهوته، ولا ينقاد لما تأمره به نفسه، بل نفسه طيعة منقادة لروحه القوية، التي راضها الصيام وجعلها وديعة هادئة، قوية في الحق، صابرة على الشدائد والمكاره والصوم من أكبر الدروس العملية التي تعد الصائم الصادق للتقوى فهو مرب للإرادة، ومروض للروح يغرس في صاحبه ملكة الصبر إذا أخلص النية لله. والصوم طهرة وزكاة للجسد، يطهر الإنسان من بطر النعمة، ويزيل عنه آثار الشح والبخل والكبر والخيلاء، ويزكي جسمه من آفاق فضلات الأطعمة والأشربة.وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل شيء زكاة، وزكاة الجسد الصوم، والصيام نصف الصبر). رواه ابن ماجة.والصوم هو الركن الرابع من أركان الدين الإسلامي، ومن فوائدة الاجتماعية المساواة فيه بين الاغنياء والفقراء، والخاصة والعامة، وفي مشاركة الأغنياء للفقراء في الجوع اشعارهم بلزوم العطف عليهم وأداء حقوقهم التي فرضها الله في أموالهم إلى الفقراء.
|
رمضانيات
من فوائد الصيام
أخبار متعلقة