أحمد عبدالله سعد الفعل المسرحي الحقيقي هو ذلك الذي يأخذك إلى اقتحام الأبواب الموصدة ويلج بك إلى الفضاء الدرامي، وهذا الفعل في إقدامه يخلف وراءه المتباكين والذين ظلوا زمناً طويلاً يرصدون الظاهرة المسرحية وينظرون للفعل الميؤوس وقبل أن يحبطوا أنفسهم حاولوا بكل ما أوتوا من نظريات وأفكار وشعارات أن يجعلوا الإقدام على الفعل المسرحي من سابع المستحيلات التي لا تأتي إذا قدر لها أن تأتي يوماً إلا من خلالهم فقط... إن العاجز دائماً تغلف عجزه (بشكاوى) لا أول لها ولا آخر. ومع الوقت حتى وإن أبصر من موقف عجزه ضوءاً وصوتاً يدعوه للخروج من حالته، يحاول بجميع أسلحته أن يطفئ هذا الضوء، والصوت، ومهما دعته الأصوات للخروج مما هو فيه فإنه لا يسمع إلا صوته العاجز حالة وفعل المسرح لا تشفع للفنان في الوقوف والتغني بأمجاده الماضية.. حالة المسرح فعل مستمر، من وقف سيخلفه الفعل المسرحي ويتركه لتباكيه كما أن الريادة والأستاذية لا تشفع للمسرحي في وصم كل فعل متجدد بالجهل ومحدودية التجربة... إن العيب الذي يصيب الكثيرين هو تلك النظرة المتعالية على التجارب الشابة وما وصفها من قبل البعض بمصطلحات - عفى عليها الزمن - إلا دليل عجز قد أصاب تلك العقول المتحجرة وجعلها أسيرة ماضيها القديم.إن قطار المسرح اليمني قد بدأ يطلق صفارته بعد توقف طويل كاد يصيب عرباته وحتى سكته بالصدأ .. وليسى من العيب أن يلحق الجميع بهذا النداء.. حتى وإن أتت تلك (الصفارة) من شباب خبرتهم في القيادة لا تزال جديدة.لكن هؤلاء الشباب يكفي أن نسجل لهم الشكر والتقدير لأنهم بمغامرتهم المدروسة والمحسوبة يعرفون دفة القيادة (وراسمين) أمام أعينهم، الاتجاه الذي يسيرون عليه.هذا الإطراء الذي نسجله هنا في هذه التحية لهؤلاء الشباب يجب علينا أن نعطي صاحب هذه التجربة في هذا الفعل المسرحي حقه، وليست هذه التحية مجاملة بل هي واقع يفرضه علينا أبو الفنون - المسرح - الذي يدعونا لرفع قبعاتنا احتراما لمن حاول أن يحرك المياه الراكدة في المسرح اليمني ونعني به المؤلف والمخرج الشاب المبدع - عمرو جمال - وفرقته خليج عدن ونصفق لـ عمرو بكفوف أيادينا طويلاً .. أولاً لإحترامه واقع المسرح اليمني المأزوم وثانياً لإقتحامه الأبواب الموصدة أمام النشاط المسرحي فالمؤلف والمخرج عمرو جمال لم ييأس أو يصب بالشيخوخة المسرحية المبكرة التي وقع أغلبنا فيها وذلك من جراء حالة الركود والسبات الطويل الذي أصاب المسرح، كما لم تقف العمارة المسرحية (خشبة المسرح الفعلية) جداراً مغلقاً أمامه، بل راح يطرق وزملاؤه الأبواب ويبصر النوافذ القليلة ويفتح الجدران المغلقة لوضع الفعل المسرحي في أول حدث درامي. وتلك بنظري شجاعة تحسب له ولزملائه .. وحتى المعوقات المادية فإنها كانت تحدياً جابه بحب الفعل المسرحي والاستمتاع وامتاع المشاهدين فالنتيجة عنده وعند زملائه هي الربح الكبير. وحساب الربح والخسارة حددها من أول مشواره المسرحي بضحكة طفل وتصفيقة شيخ وابتسامة عجوز. وتلك والحق يقال - على الأقل في الواقع الدرامي المسرحي - هي رصيد الفنان المسرحي الحقيقي وربحه الأكبر، حتى وإن خسر مادياً..إن الجميع مدعوون مع هذا الشاب المسرحي المتألق - عمرو جمال - وزملائه للوقوف والدعم وإن كنا لا نملك ما نقدمه مادياً لتجربة هذا الفنان المتألق - عمرو -فيكفي أن نرفع أصواتنا ونقول له على الأقل: (برافو) عمرو. أما السكوت والتعالي والأستاذية الزائفة وعدم الإعتراف بصاحب هذه التجربة والنظر إليها بفوقية فإنها ترتد على أصحابها ولا تزيد عمراً وزملاءه إلا متابعة والسير قدماً.وفي النهاية: زميلي عمرو أنا لا أملك إلا أن أقول لك أنطلق بثبات فحتماً الفعل سيخلف لك رد فعل؟
أخبار متعلقة