صافرة قلم
العزي العصامي :- ما يؤسف له أن تظهر علينا بين الفينة والأخرى تصريحات عن اليمن ومسألة انضمامها إلى دورات كأس الخليج , بثقافة متدنية تعكس مدى الأزمة النفسية وعقدة النقص التي تستحكم بهم وهم يسرفون في وصف أنفسهم بأنهم فوق مستوى البشر , وأن اليمنيين دون ذلك , “ولولاهم لما دارت عجلة الزمن” , لدرجة أن أحدهم يتحدث في الصحف مدعيا عدم وجود أية روابط أو قواسم مشتركة تربط الخليجيين باليمن وفقا لرؤيته السوداء القاتمة متناسيا رابطة الدين والدم و الأرض المشتركة .. فاليمن أصل العروبة. - لقد قرأت مقابلة أجرتها مؤخرا صحيفة الشرق القطرية مع رئيس إتحاد كرة السلة في دولة البحرين “ الشقيقة “ عادل عبد الرحمن العسومي , وكان يتطرق في حديثه إلى قضايا مختلفة لكرة السلة البحرينية والخليجية , على أبواب منافسات دورة كاس الخليج الكروية والألعاب المصاحبة لها في سلطنة عمان , وفجأة تطرق محاوره الصحفي محمد علي المهندي إلى وجود اليمن في خليجي 19 لكرة القدم , وسأله عن رأيه في انضمامها لكرة السلة وكانت إجابته التي استفزت مشاعري ومشاعر كل من سيقرؤها , وستستفز مشاعر كل يمني يعلم بما يعتقده البعض في دول الجوار الخليجي ورؤيتهم السوداء والقاتمة عن اليمن , بقوله وفقا لما ورد في الصحيفة “ لا أؤيد مشاركة اليمن وكذلك العراق لا في كرة القدم ولا حتى الألعاب المصاحبة , لأنه من صالحنا تطور اللعبة , نحن في دول مجلس التعاون لنا صلات وروابط مشتركة وتجمعنا صلة القرابة ولنا عاداتنا وتقاليدنا وموروثنا الحضاري , لذا هناك اختلاف كبير بيننا , هناك فائدة فقط على المستوى الفني , ما عدا ذلك فليس بيننا قواسم مشتركة”.- مسألة عدم تأييده لانضمام اليمن أو العراق الشقيق إلى دورات كاس الخليج أمر يخصه وهذا لا غبار عليه باعتبار أن ذلك جزءاً من حرية الرأي والتعبير في دول الجوار , ولكن أن يصدر ثقافة جديدة مضمونها عدم وجود أية روابط أو قواسم مشتركة بين اليمن ودول الجوار الخليجي وكأن اليمن هي تقع في جنوب القارة الأفريقية أو وسط أمريكا اللاتينية وربما في القطب الجنوبي , لقد جانبه الصواب في ذلك وهو يكشف عن جهل كبير “ وغباء “ مستحكم في منطق قلة من رجالات دول الجوار الخليجي الذين يرون أنفسهم فوق كل اعتبار وقد تناسوا أن أقدم وأعرق الحضارات الإنسانية كانت موجودة في اليمن والعراق قبل أن تذكر كتب التاريخ ما يسمى بدول الخليج الذي يؤصل صاحبنا لها بموروث حضاري وعادات وتقاليد وصلات قرابة خليجية وروابط مشتركة , ربما لا يرى أن منبعها أصلا جاء من اليمن السعيد موطن الحضارات والشموخ. - هذا الحديث يكشف بعض الرؤى التي يسعى قلة من رجالات الجوار الخليجي إلى بعثها للوجود في محاولة لطمس حقائق التاريخ وواقع كبير لا يستطيع مثل هؤلاء طمسه أو نكرانه , فمسألة تخصيص قواسم مشتركة بين دول الجوار الخليجي هي مسألة تخصهم ولكن يجب أن نفصل بين القواسم المشتركة فيما بيننا كعرب ومسلمين ودول جوار يتحدث عن التاريخ ويؤصلها رجال الفكر والسياسة والأدب والتاريخ ولا يفهمها أدعياء العروبة الثقافة والذين تشربوا من نبع الثقافات الغربية الغريبة على مجتمعنا ويرغبون بفرضها واقعا ملموسا ويزرعون لها في عالم من الوهم عمقا تاريخيا لا صلة له بتاريخ المنطقة. - ربما تكون اليمن بلدا فقيرا من حيث موارده المالية التي أرادها الله سبحانه وتعالى أن تزداد لدى أشقائنا في دول الجوار لحكمة لا يعرفها إلا هو , وبالمقابل فقد منح الله اليمنيين عزة وشموخاً وتاريخاً وعراقة ومكانة لا تساويها كل أموال وكنوز الدنيا مواردها النفطية, ونحن نعرف مكانة اليمن عند كثير من الخليجيين من مختلف الأوساط والمشارب والذين يؤمنون أن أصلهم وفصلهم يعود إلى اليمن مهد الحضارات وأرض النبوات. - ولكن ما يؤسف له أن يتولى مسئولية بعض القطاعات الرياضية الخليجية أشخاص بمثل هذه الثقافة المتدنية التي تعكس الأفق الضيق الذي يمارسون شطحاتهم من خلاله للفت الأنظار إليهم في وقت لم يعد أحد يعترف بمثل هذا المنطق وفي زمن التكتلات القوية التي يجب أن تكون موجودة بين العرب والمسلمين بشكل عام وليس بين الخليجيين وحدهم أو الخليجيين واليمنيين .صافرة أخيرة - ما حدث للمنتخب اليمني في مسقط عند وصول بعثته إلى مسقط من تأخير لعدة ساعات وعدم اكتمال تأشيرات عدد من أعضاء البعثة ربما يعكس واقع الحال لتعامل الآخرين معنا بلا مبالاة , على عكس ما يحدث لأي منتخب خليجي آخر , والأسوأ من ذلك أن يقوم الأشقاء في اللجنة المنظمة بتعديل جداول التدريبات بعد إقرار مشاركة المنتخب الكويتي دون أن يكلفوا أنفسهم عناء إبلاغ قيادة إتحاد كرة القدم اليمني بالأمر وكأن الأمر لا يعنيهم فحدثت الصدمة الثانية عند إلغاء الحصة التدريبية الأولى للمنتخب , ولا ألوم الكابتن محسن صالح عندما انفعل بكل تلك الحدة والدكتور حميد شيباني عندما أكد أن المعاملة ستكون بالمثل في خليجي 20 , باعتبار أن ما صدر منهما كان رد فعل لما حدث ونأمل ألا تتكرر هذه المواقف التي تفرض علينا دوما الدخول في جدال عميق ومهاترات لا تسمن ولا تغني من جوع .