استطاعت أن تثبت مكانتها فنجحت بدرجة امتياز
تحقيق / غادة عصفورمازالت المرأة القطرية العاملة تواجه بعض التحديات والعوائق التي تحول بينها وبين خروجها للعمل، وعلي الرغم من أن امرأة العصر الحديث أوفر حظاً من المرأة في السنوات السابقة، إلا أن بعض العائلات مازالت متمسكة بالنظرة القديمة للمرأة، تلك النظرة التي تحصر مهمة المرأة في الحياة داخل المنزل فقط دون الاعتراف بدورها المجتمعي.في هذا التحقيق رصدنا بعض الحالات النسائية في المجتمع القطري لسيدات وفتيات لهن بصمة مشرفة علي جبين الوطن، بعضهن واجهن رفضاً من أسرهن حول خروجهن للعمل، والبعض الآخر كان حظهن موفقاً مع أزواج أو آباء متفهمين لدور المرأة وضرورة عطائها لمجتمعها.السيدة لينا الدفع ناشطة اجتماعية قطرية تقول عن عمل المرأة وتأييد المجتمع لهذه الفكرة في العصر الحالي: قليلاً ما نجد اليوم من يعارض عمل المرأة من الأوزاج، بل إن الشاب إذا أقدم على الزواج يفضل ان تكون زوجته امرأة عاملة، لأننا اليوم نعيش زمناً صعباً، فالمعيشة أصبحت غالية، وربما كانت المرأة القطرية تواجه هذا الرفض في السنوات الماضية، لأن الحياة في الماضي كانت أكثر يسر وسهولة، ولم يكن الرجل وقتها بحاجة إلي عمل زوجته ومساعدته، أما اليوم فحتي المرأة التي تجلس في بيتها قد تعاون زوجها من خلال بعض الأعمال التي لا تستدعي خروجها من المنزل، كأن تقوم بإعداد بعض الأكلات وبيعها للآخرين.وتتحدث لينا الدفع عن تجربتها الشخصية: أنا متزوجة منذ عشرين عاماً ولدي 6 أبناء، وقد خرجت إلي العمل منذ 6 سنوات فقط استطعت خلالها أن أحقق مكاناً مميزاً في مجتمعي، وقد قررت الخروج إلي العمل حينما شعرت أن وطني بحاجة إلي كفاءتي، لذلك لم تكن المادة هي هدفي، بل عملت لأساهم في تنمية المجتمع والتوعية والارشاد، وقد لاقى قرار خروجي للعمل تأييداً وتشجيعاً من زوجي رجل الأعمال، خاصة ان ابنائي أصبحوا الآن في عمر لا يحتاجون بشكل كبير إلي تواجدي بجوارهم طوال الوقت، ويمكنهم الاعتماد علي انفسهم، وقد وجدت مساندة من زوجي لأنه يثق تماماً أنني على قدر المسؤولية، وللَّه الحمد فقد استطعت ان أوفق بعملي مثلما أنا موفقة داخل منزلي، وهو بالنهاية توفيق من اللَّه عز وجل، فالشخص الناجح داخل عمله ناجح في منزله أيضاً.وتضيف السيدة لينا: قد يظن كثيرون ان المرأة غير العاملة تكون ناجحة مع أسرتها، وهذا اعتقاد خاطئ جداً، فليس شرطاً عدم العمل يؤدي إلي نجاح الأسرة، وأيضاً ليس شرطاً عمل المرأة يكون سببا في اخفاقها في حياتها الزوجية فالنجاح يعود إلي حنكة المرأة وحسن تدبيرها للأمور، ومدي تفاهم زوجها وتشجيعه لها، ومازلت أشعر ان بلدي في حاجة إلي خدماتي لذلك سأقوم بترشيح نفسي لانتخابات البرلمان القطري لأن بلادنا تحتاج كثيراً إلي مجهوداتنا.وتؤكد مريم خالد وهي متزوجة وتعمل في إحدي المؤسسات الحكومية بالدولة أن تفهم الزوج وإيمانه بعمل المرأة وسعة أفقه وتفكيره، كل ذلك عوامل هامة تساعد المرأة على تحقيق النجاح في حياتها بشكل عام، وكما يقولون إن وراء كل رجل عظيم امرأة، فإن وراء كل امرأة ناجحة رجلاً مثقفاً وواعياً، فالأمر كله بيد الزوج، هو وحده صاحب مفتاح نجاح المرأة أو تدمير كيانها، أو جعلها كائنا يحيا داخل جدران المنزل فقط منفصلاً عن العالم الخارجي، وقد وفقني الله بزوج يدرك جيداً أن للمرأة دوراً هاماً داخل هذا المجتمع، تماماً مثل دور الرجل، وهذه الثقة التي منحها لي زوجي دفعتني أن اجتهد في العمل وفي المنزل حتي أثبت له أنني كنت عند حسن ظنه في، لذلك فأنا أحمل علي عاتقي مسؤولية الحفاظ علي بيتي وأسرتي لكي أؤكد أن خروج المرأة للعمل ليس سبباً أو مبرراً للتقصير في واجباتها تجاه الأسرة.أما ش.ح فتقول إن حياتها الزوجية انتهت بفشل ذريع بسبب عدم رغبة زوجها في العمل وإصرارها هي على عكس ذلك، حيث تعمل مصممة ديكور وافتتحت مكتباً لها تمارس به هذه المهنة التي عشقتها منذ الصغر، قائلة: أحببت عالم تصميم الديكور منذ أن كنت بالمرحلة الاعدادية، فكنت من وقت لآخر أقوم بتغيير مواقع بعض قطع الأثاث بمنزل أسرتي، وأضيف عليها بعض اللمسات الجمالية التي تحول الأثاث من مجرد قطعة عادية صامتة إلي تحفة فنية، ومع اقتراب دخولي الجامعة قررت أن أدرس تصميم الديكور، وساعدني في ذلك أن والدي رحمه الله كان متحمسا لموهبتي، فأرسلني إلي إحدي الجامعات البريطانية حيث درست الديكور هناك، وبمجرد تخرجي أهداني مكتباً أمارس من خلاله عملي، وحين تمت خطبتي كان زوجي يعرف مقدار حبي للعمل في هذا المجال، حتي أنني صممت ديكورات منزلي بنفسي وأشرفت علي كل قطع الأثاث به، وبعد عام واحد من الزواج بدأ زوجي يتذمر من عملي ويبدي ضيقا شديدا، إذا علم أنني ذهبت لأتابع سير العمل في المكتب، وطلب مني اغلاق المكتب والتفرغ للمنزل، رغم أنني لم أكن مقصرة يوماً في واجباتي المنزلية، لكنه أصر علي موقفه رافضا أي نقاش في الأمر، وباءت كل محاولاتي للوصول إلي حل يرضي طرفينا، لكنه كان عنيداً جدا وأنانيا أيضا، فلم نكن قد أنجبنا أطفالا، لذا فإن مسؤولياتي الأسرية كانت ضئيلة، وكنت أحرص علي متابعة عملي أثناء خروجه هو إلى العمل، حتي لا يشعر أن عملي يغيبني عن المنزل كثيرا، وأمام اصراره علي موقفه وجدنا أن الحل الأمثل للمشكلة هو الانفصال.. وكان ذلك.منيرة التي تعمل معلمة بأحدي المدارس المستقلة تقول: لا أعتقد أن زوجي كان من الممكن أن يوافق علي عملي بأي مجال سوى التدريس لعدة أسباب، أولها أن فترة الدوام تكون صباحا، أي أثناء تواجده هو بالعمل، ثانيها أن مهنة التدريس لا تتيح الاختلاط من الجنسين، وهو ما جعل زوجي يبدي موافقته على عملي، وقد تحدث إلي بشكل صريح أنه لا يوافق على عملي في أي مجال آخر.وتضيف منيرة: في الحقيقة مازالت المرأة العربية، والخليجية تحديداً تواجه بعض الصعوبات التي تشبه الحصار في مسألة خروجها للعمل فقد تواجه اعتراضا على عملها من قبل والدها أو شقيقها الأكبر، أو من قبل زوجها، فمازالت هناك بعض العقول العربية القديمة التي تحرك فكر الرجل ونظرته للمرأة، ورغم ذلك فإنني أعتقد أن المرأة القطرية في عصرنا هذا أكثر حظاً من السنوات السابقة في مدي تفهم الرجل لدورها في دائرة العمل، بدليل احتلال عدة أسماء نسائية مناصب متميزة في قطر ومنطقة الخليج بشكل عام.[c1]*عن / صحيفة(الراية) القطرية[/c]