أيام قلائل قبل وداعنا لشهر رمضان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، أيام ونودع هذا الضيف المبارك، ضيف الخير والبركة والبر والإحسان، شهر يتميز عن باقي الشهور، وفضله رب البريه بأن جعله شهراً تتضاعف فيه الأجور وتصفد الشياطين ويتوب العصاة وتعمر المساجد، وجعل الصيام فيه له سبحانه وتعالى ليتكفل وهو يجزي به.هذا الشهر الفضيل الذي كان كل شيء متميز فنهاره هدوء وسكينة وليله حركة وعبادة ومناجاة، وفيه ليلة خير من ألف شهر،هي ليلة القدر.ومن خصوصية شهر رمضان أنه كما يقال يأتي وخيره معه، ففيه يقبل الكثيرون على الله بقلوب صادقة تائبة، راجية الرحمة والمغفرة، تملئ بيوت الله بالمسلمين والعاكفين ويتجمع الناس في المساجد للافطار الجماعي، وفي صلاة التراويح والقيام، وتزيد فيه اعمال الخير وتزول آثار المشاحنات والمباغضات وتسود فيه روح التعاون والتكافل والتسامح والتصدق وصلة الأرحام واطعام الطعام وحب المساكين.في شهر رمضان تجود الأرض بما لديها من خيرات فترى الأسواق مليئة بأنواع عديدة من الفواكه والخضروات وباسعار معقولة ليتمكن الناس من الحصول عليها وتفتح أبواب الرزق لكثير من المحتاجين الذين تكتظ بهم الأسواق.وفي رمضان تقوم المؤسسات الخيرية والجمعيات والبيوت التجارية بتوزيع المساعدات على الفقراء والمحتاجين لتخفف عنهم معاناة الحياة ومتطلباتها.وفي رمضان الكثير من المشاهد اليومية الحية التي لايمكن أن تجدها في غيره، منها المشهد الذي نرأه بين العصر والمغرب في الأسواق وما يسودها من ازدحام وبيع وشراء وحركة متسارعة، كل إلى مبتغاه قبل ان يحين اذان المغرب.والمشهد الآخر الذي يختص به رمضان هو ما نرأه بعد صلاة العشاء والتراويح حيث تبدأ الحياة تدب والحركة تتزايد ايقاعاتها لتصل ذروتها بعد منتصف الليل وتستمر حتى طلوع الفجر ليذهب الجميع إلى السحور وتخفت الحركة والضجيج لتعود الكرة مرة أخرى بعد العصر، وهكذا هو الحال يومياً وحصرياً في شهر رمضان.والخلاصة التي يجب ان يخرج بها المسلمون من هذا الشهر الفضيل كثيرة المناحي جميلة المعاني، لعل من أهمها الصوم والذي يذكر بإحساس الفقراء والمعسرين بالجوع وحاجتهم إلى الطعام والشراب، والتوجه إلى الله بالاعمال الصالحة والصدقات وحسن المعاملة والتخلق بمكارم الاخلاق، والتعاون والتكافل ومساعدة المحتاجين من الفقراء والمساكين، وجعل كل هذه الاعمال والعبادات خاصة لوجه الله. وفي ليالي رمضان الأخيرة، ومع ارتفاع أصوات الدعاء والتضرع إلى المولى عز وجل نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن صامه وقامه، وان يجعلنا من العائدين الفائزين، وان يعود علينا شهر التراويح، شهر المصابيح ونحن في خير وبركة واستقرار، وكل عام والجميع بخير.
أخبار متعلقة