(وداد عادل البرغوثي صحفية وأديبة من فلسطين في رام الله كتبت العديد من القصائد الوطنية الحماسية، ولها روايتان احداهما فازتا بالجائزة الأولى بين الكتابات النسائية عام 1999م.وقد تم استعراضها في صحيفتنا في فترة سابقة وهي رواية »حلم البيادر«، كما كتبت بحثاً عن الشاعر اليمني الكبير لطفي جعفر أمان. والكاتبة وداد البرغوثي تهتم كثيراً بقضايا اليمن المختلفة لحبها الشديد لهذا البلد الطيب. نعيد هنا نشر مقالة لها نشرت في إحدى الصحف الفلسطينية لأهميتها).المحررة/ نادرة عبدالقدوستحضرني أبيات شعرية بعنوان »الغزو من الداخل« للشاعر اليمني الراحل عبدالله البردوني .غزاة لا أشاهدهم وسيف الغدر في صدريفهم يأتون تبغا في سجائر لونها يغريوفي أقراص منع الحمل في قارورة العطروفي سروال أستاذ وتحت عمامة المقريوقد يأتون سرا في مناديل الهوى العذريوفي صدقات وحشي يؤنسن وجهه الصخريوينسلون من جلدي ويستخفون في شعريوتحت جلودهم جلدي وتحت نعالهم ظهري(من ديوان: السفر إلى الأيام الخضر)..هذا جزء صغير (عينة) من قصيدة لشاعر كفيف حرمه الله نعمة البصر ومنحه نعمة التبصر العميق في الأشياء. رأى جوهر المشكلة في التنمية الثقافية، أو في الثقافة التنموية.غزو وتبعية اقتصادية. هذا هو الحال، وليس وضع الثقافة أسعد حالاً من السياسة والاقتصاد.نحتاج إلى ثقافة تنموية ونحتاج إلى تنمية ثقافية، أيهما نحتاجه أولاً، وأيهما يسبق الآخر، أيهما السبب وأيهما النتيجة؟الإجابة على هذا السؤال تماماً كالإجابة على السؤال أيهما أولاً »البيضة أم الدجاجة«، جدل سيدور دون أن نصل إلى نتيجة. لأننا بدون ثقافة لن نصل إلى التنمية وبدون تنمية لن نصل إلى الثقافة.إنصافاً أقول: إذا افترضنا المجتمع أو الوطن جسداً فإن أفضل حسم للجدل أن نقول أن أحدهما الذراع الأيمن والثاني الذراع الأيسر، أو العين اليمنى والعين اليسرى.. إلى آخره من الثنائيات العضوية في الجسد الآدمي وحتى غير الآدمي.فلا يمكننا أن نتحدث عن ثقافة تنموية ونحن مازلنا نبحث عن »الخبز المخبوز والمية في الكوز«.نتباهى نحن بنسبة التعليم الجامعي المرتفعة جداً في بلادنا. ونعتقد أننا حققنا الشيء الكثير. وهذه النظرة ربما تسبب إحدى إشكاليات الثقافة التنموية. لدينا حملة شهادات وليس لدينا مثقفون تنمويون. الشهادة في كثير من الأحيان تصبح عبئاً على حاملها، رغم أنه سعى إليها ودفع في سبيلها الكثير وربما قضى من أجلها أحلى سنوات عمره. فبعدأن حملها اكتشف إنه غير قادر على القبول بعمل في غير مجاله، في وقت لم يجد عملاً يتناسب مع شهادته. تحوله الشهادة إلى محبط يائس، يفكر في الهجرة و »يلعن أبو« اليوم الذي قرر فيه الدراسة وتوهم أن الشهادة الجامعية ستحقق أحلامه.الذنب ليس ذنبه، الذنب ذنب العشوائية وعدم التخطيط والخطط والمخططين. تخصصات كثيرة تفتح في الجامعات ولا يوجد فرص عمل توازيها في السوق.ببساطة التنمية الثقافية تعني القدرة على التعامل مع المتغيرات، الثقافة بحد ذاتها ليست هدفاً بل هي وسيلة من الوسائل التي تكرس لخدمة الانسان والإنسانية.أما أن تجري الثقافة في واد والحياة في واد آخر في هذه الحالة »لا فينا ولا في ثقافتنا«.الثقافة نمط، نسق متكامل، يتكامل بالحياة، بالممارسة، فإذا كانت هذه الثقافة قابلة للحياة يعني ثقافة مثل ما بيقولوها »بنت عيشة«، لأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض.
|
ثقافة
ثقافة ( بنت عيشة)
أخبار متعلقة