الهجرة الكنز المفقود (2-2)
سامي الشاطبيالموروث الشعبي في قصص السردي المحلي : لقد واجه الموروث حيفا من قبل كتاب السرد ( غير المهاجرين ) ايضا ولعل ابرزهم مكانة واشهرهم الاستاذ زيد مطيع دماج . ان تاريخ السرد لن يتجاهل معالجة دماج واهتمامه الكبير برسم افضل صورة ممكنة عن زمن الامامة وظلمها لكن التاريخ نفسه لن يتجاهل عدم اهتمامه بالعودة الى الموروث حيث بدا اعجابه بالغرب هائلا وفي كل نتاجه القصصي والروائي كافة . ( ... هجموا علينا في اطراف تهامة الشامية ببنادقهم الالمانية الصنع كانوا وهابيين وسعايدة وكما نحن يمانيون متوكليون وزيود نحمل بنادق الصابة والمورزر والسك الفرنسية مع ذخائر المعوضة كان والدي يقص علينا الاحداث بتفاصيلها الدقيقة .. الرهينة ) . ... احلف واه عبده : انفرط العقد وما زالت القصة تتنازع بين ثقافة المهجر وافتقار وعي الكاتب المحلي الى ان برز في منتصف الثمانينيات عدد من الكتاب ابرزهم الاستاذة اروى عبده عثمان ومحمد الغربي ومحمد احمد عثمان ومحمد مثنى والذين اشتغلوا بدأت في القصة ونهلوا من موضع الكنز كثيرا لدرجة ان ذهب عشق اروى للموروث وارتباط قصصها به الى التضحية بزهرة شبابها في سبيل احياء هذا الموروث .. اذا ان كلف ما كتبته سواء من قصة او انواع ادبية اخرى منذ عقد ونصف لم يخرج عن اطار الموروث .. لقد كللت اروى جهودها الحثيثة في الحفاظ على الموروث الشعبي اليمني من عوامل الاندثار والضياع بعد تكلم السنوات الصعبة بتأسيس بيت الموروث الشعبي والذي ادى انشغالها فيه الى التوقف عن الكتابة السردية .. صحيح ان البيت يعنى بنشر الوعي المجتمعي بأهمية الموروث لكن الخاسر الحقيقي كانت القصة اليمنية . ... الظل العاري .. بذرة في الصحراء : الكاتب السردي محمد الغربي عمران يعتبر اكثر من نهل من الموروث الشعبي ففي مجموعته القصصية الظل العاري ومجموعته القصصية حريم اعزكم الله .. اظهر قدرة فائقة على توظيف الموروث من اغاني واناشيد وزوامل واهازيج والخ توظيفا يزيد قصصة قربا من الشارع اليمني . .... مريم الغربي .. الكاتب الموروثي : واسوق لكم انموذجا من نتاج الغربي في قصة مريم والتي تحكي عن فتاة تتهم بقتل ابن الشيخ وفي السجن بالزنا .. تدور اجمل احداث القصة واكثرهم تعبيرا وصدقا اثناء جر المعسكر لمريم الى الساحة تمهيدا لتنفيذ حكم الرجم عليها اذ يردد العسكر زاملهم المعتاد . بسم الله مفتاح السماء من فوق خلق الله دليتنا وهديتنا لاحسن طريق سلام بين المال ياللي طلعتك جنب الظلام ياذروة الباهوت يا دولة عليه ان توظيف الغربي لهذا النشيد لم ينبع من فراغ حيث تتيبدى المفارقة في مضمونت الزامل الذي يعتبر الله دون احد من البشر هو الحاكم والعادل الشرعي والعسكر الذين ينفذون حكما بالرجم على انسانة بريئة يرددون ذلك الاعتبار عن جهل . في قصة امي بدا نهل الغربي من الموروث الشعبي مفرطا وهائلا لكنه الافراط المدروس والموظف لخدمة القصة في القصة يستعيد البطل بعضا من ماضية .. ذكرياته عصية على النسيان يبرز دور الموروث في اذكاء هذا الماضي . الامسى مسي بسم الله رحمن رحيم .. الامسى والسعادة والنعيم الامسى عمرك يابو الولد .. الامسى والولد شيخ البلد لقد ازدانت قصة الغربي بحضور كبير لمفردات ومكونات الموروث .. غاية في الابداع .. زوامل .. اناشيد .. رقصات تعود بك الى جذورك الاولى .. حيث الارض والمرعى والجد واشياء وصور كثيرة .. لقد صوب الغربي في الاتجاه الصحيح ونجح في تحقيق قاعدة جماهيرية لا يستطيع احد انكارها .. ... مخرجات عامة : لمعت الحجرة في المجنة وبدت كالماسة اذا .. واضطر العشرات من كتاب السرد ( غير المهاجر ) طيلة اربعة وسبعين عاما دفع ثمن بعد القصة عن الموروث لثلاث اسباب . الاول : مضي كتاب القصة ( غير المهاجر ) في طريق الركاكة واجترار الماضي طمعا في رضا المؤسس وافتقارهم للوعي تجاه اسهام الموروث في تحقيق الارتباط الكلي بالمجتمع ادى الى ان تخسر القصة قاعدة جماهيرية كبيرة اكبر من الموجود الان .. ان جهد اروى عثمان والغربي عمران ومحمد عثمان لم يكن هينا . الثاني : ظهور طبقة طارئة من سياح القصة لم تولي القصة اهتمامها .. فبمجرد كتابة قصة او عدة قصص تعود ادراجها مثلها مثل السائح الذي يعود الى بلده . المرة الثالثة : حصر هدف القصة من دون لغته الشعبية في اقامة الثورة والتي ما ان قامت حتى بدا عجزها عن الخروج من نفق القضية الام مستحيلا فما كان يسمى بالشمال ظل يجتر الماضي ويخوض جدالاً عقيما حول تفاصيل هامشية وغير شرعية وغير ضرورية فيما الجنوب لم يخرج عن نطاق ادبيات الحزب الاشتراكي وطرد الانجليز .. بالنسبة لكتاب المهجر فقد ادت الاسباب التي ذكرتها سابقا الى بعدهم عن الموروث كنتيجة طبيعية لوجودهم خارج الوطن وعيشهم فيه لسنوات طويلة كفيلة بطمس كل ما حفظوه من موروث .. ان بدأ تاريخ القصة المكتوبة على هذه الشاكلة مرعب وقاس والنتيجة ان شابت المولدة في ظلام المجنة . فالبعد عن الموروث خلق القطيعة واجترار الماضي ركنها جانبا .. وغموض الهدف زاد من بعدها وانجرارها نحو الخطاب العالمي غربها وعجزها عن اكتشاف موضع الكنز ضيق من قاعدتها الجماهيرية ..و..و .. كلها كوارث طاردت وما زالت القصة والنهاية لا تبدو سارة مطلقا .. ان الموروث الشعبي بحاجة الى كتاب بحجم اورى عثمان ومحمد عمران لتعاد للقصة قاعدتها الجماهيرية .. توصيات : غياب النقد والدراسات عن المشهد القصصي عموما وعلاقة القصة بالموروث خصوصا خلق حالة من القطيعة بين السارد وموروثة ما ادى الى حدوث فجوة بين الشارع الملتصق جذريا بموروثه والقصة .. لبذا من الضروري دعوة النقاد والدارسين لتناول هذه المسألة .. * اقامة المحاضرات والندوات للتعريف اكثر بالموروث ومدى استفادة الادب منه .. في زمن يتضاءل عشقنا للموروث امام هجمة التغريب . * تشجيع كتاب السرد تشجيعا ماديا ومعنويا ورفد مكتباتهم بالمطبوعات الموروثية . ----------------------------------------------------------------------هوامش : 1- كاتب الدراسة : سامي الشاطبي قاص وباحث يمني 2- الدراسة من وثائق مهرجان الاديب اليمني الثاني