الإرهاب آفة خطيرة تحرق الأخضر واليابس، تقتل وتدمر، إنها حالة مرضية متشددة للعنف تستوجب القضاء عليها وما يحدث في العراق من قتل ودمار خير دليل على هذا الغول القادم من أعماق الماضي القديم للعقلية المتخلفة المعتمدة على القوة والعنف .. إنه ضد الحياة والازدهار والتطور للشعوب. فالعراق البوابة الشرقية للوطن العربي كان يمثل السد المنيع والحصين الذي تصدى للكثير من محاولات الاختراق للأمن والاستقرار في دول المنطقة وكان العراق مساهماً فاعلاً في إفشال مخططات دول إقليمية تسعى إلى إثارة الفتن الطائفية والمذهبية وتقديم الدعم المادي والعسكري لبعض العناصر ذات الامتداد الفكري الطائفي لشق الصفوف وتهديد الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي تنفيذاً للأجندات الخارجية. وعندما التقت المصالح لإسقاط وهدم البوابة الشرقية للوطن العربي وبدأ التآمر والتقارب لضرب العراق والانقضاض عليه بدأت الحرب ( الجريمة ) لإسقاط النظام بالاستخدام الجائر للقوة العسكرية التي قتلت البشر وأحرقت الحجر والشجر ودخل العملاء على ظهر الدبابات من دون أن يستقبلهم أحد بالزهور والورود كون الدمار حصد وأحرق كل شيء. ومنذ احتلال العراق في العام 2003م تحول إلى ساحة للحرب والدمار والفتن الطائفية وساحة مفتوحة يسرح ويمرح فيها رجالات دوائر الاستخبارات الأجنبية لزعزعة الأمن والاستقرار وتصفية الحسابات ودخول العناصر الإرهابية لتنظيم القاعدة، ووقع صراع دموي شيعي - بدعم دول إقليمية للسيطرة والهيمنة على الساحة العراقية - مع الطائفة السنية واختلطت الأوراق وفقدت القوات الأمريكية السيطرة على الأوضاع الأمنية واختلط الحابل بالنابل وبرز امتداد تأثير النفوذ والسيطرة والهيمنة الإيرانية على الوضع الداخلي العراقي والذي أصبح يهدد دول المنطقة وعلى وجه الخصوص دول الخليج من جهة والمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة من جهة أخرى. ومن خلال ما تقدم في هذه اللمحة البسيطة والسريعة للانفلات الأمني في العراق الذي تفرضه إيران لتنفيذ مخططاتها التوسعية لاستعادة أمجاد ودور الإمبراطورية الفارسية وما يلوح في الأفق من المشاريع التوسعية الإيرانية بالإصرار على احتلال الجزر الإماراتية وإعلانها البحرين محافظة إيرانية والتعبير المتعمد والمتكرر لتسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي ودعم حزب الله الشيعي في لبنان وفتح جبهة صراع عسكرية في اليمن البوابة الجنوبية لمنطقة الجزيرة العربية من خلال الدعم المالي والعسكري واللوجستي للعناصر المتمردة الحوثية في محافظة صعدة بشمال الوطن وتحول الصراع العسكري إلى صراع عسكري مباشر مع القوات المسلحة السعودية على الحدود وداخل الأراضي السعودية في الأطراف هو التحول في المعركة المخطط لها لقيام العناصر الحوثية بالوكالة عن إيران بالمواجهة العسكرية مع المملكة العربية السعودية والتي تأتي في إطار نزاعات إقليمية كان ظاهرها بشكل مباشر وجلي تداعيات الأزمة على الساحة اللبنانية .كما أن التقارب والدعم الإيراني للعناصر الإرهابية لتنظيم القاعدة المتواجدين في الساحة اليمنية لتنفيذ عملياتهم الإرهابية الجبانة التي استهدفت الأبرياء من المواطنين والمنشآت الاقتصادية في اليمن وكذا الاشتراك في عمليات إرهابية داخل الأراضي السعودية، كلها تحركات مدروسة ومخططة لصالح تصفية حسابات إقليمية تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وقد بدأت معالم التنفيذ لها تلوح في الأفق من خلال فتح مواجهات مسلحة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية. ولهذا يتوجب على دول الجوار الوقوف الجاد والصادق من خلال تقديم الدعم اللازم لليمن من اجل أن يتمكن من اجتثاث هذه العناصر المتمردة الحوثية واستئصالها من جذورها لتجنيب اليمن ودول الجوار مخاطر أعمالهم الشريرة الشيطانية. وانطلاقاً مما تشكله هذه العناصر المتمردة من مخاطر جمة على مستقبل الوطن والمواطن وما سيلحق بالوطن من دمار وقتل للأبرياء فإن المسؤولية الوطنية تحتم على كافة القوى الوطنية أحزاباً وتنظيمات سياسية ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات اجتماعية تشكيل الاصطفاف الواطني الواسع من اجل المواجهة والتصدي لهذه العناصر الإرهابية الحوثية وعناصر تنظيم القاعدة والخارجين على النظام والقانون الذين يقومون بأعمال العنف والقتل وقطع الطرق في بعض مديريات المحافظات الجنوبية حيث إن الأمر أصبح لا يحتمل المماطلة أو التسويف والضرورة وواجب المسؤولية الوطنية يستدعيان الوقوف الجاد أمام تداعيات الأزمة التي تتعرض لها بلادنا والدول المجاورة. وسرعة التجاوب مع دعوة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للحوار الوطني تحت قبة مجلس الشورى لوضع الحلول والمعالجات التي من شأنها الخروج من الأزمة القائمة التي تمر بها بلادنا وتحقيق الاصطفاف الوطني المطلوب لمواجهة التحديات الماثلة أمام حاضر ومستقبل اليمن وهذه مسؤولية وطنية يتحملها الجميع دون استثناء لأحد ومهما بلغت درجة الخلافات فإن طاولة الحوار الوطني كفيلة بمعالجتها ما دامت تحت سقف الثوابت الوطنية. وكون الأزمة التي نعيشها يمنية داخلية ونمتلك الكثير من القدرات والخبرات التي تتميز بها الشخصيات اليمنية المجربة المؤهلة سياسياً وفكرياً ولديها الإمكانيات لإخراج البلاد من هذا المنعطف القائم بفعل الأجندات الخارجية، فإن ذلك يتطلب الوقوف الجاد والمسؤول من ذات البيت لحل مشاكلنا الداخلية دون الرجوع أو الحاجة إلى وساطات خارجية قد تزيد من تعقيدات الوضع أكثر مما يحتمل. ولهذا أملنا كبير بحكمة العقلاء من القادة السياسيين والشخصيات الاجتماعية البارزة كون الوطن فوق كل الخلافات ويظل أمانة في أعناق الجميع وسيسجل التاريخ بأحرف من نور في أنصع صفحاته هذه المواقف الوطنية المسؤولة تجاه المصلحة العليا للوطن والمواطن.. وسدد الله خطى الجميع لما فيه الخير.
أخبار متعلقة