تؤكدها دراسة الخبير المصرفي المصري أحمد آدم :
القاهرة / 14اكتوبر / وكالة الصحافة العربية :تشهد الساحة المصرفية في مصر تطورات إقتصادية متلاحقة في الفترة الأخيرة كان أبرزها الإعلان عن بيع 80 % من أسهم بنك القاهرة لمستثمر استراتيجي وما تبعه من ردود أفعال متباينة عن جدوي البيع لمستثمر أجنبي، ومن أهم الأحداث التي برزت أيضاً علي الساحة استحواذ بنك أبوظبي الإسلامي علي حصة حاكمة من البنك الوطني المصري والمفاوضات الجارية لاندماج البنك التجاري الدولي والبنك العربي الأفريقي في كيان عملاق يخلق قدرة تنافسية عالية.. كل هذه الأحداث كان لها تأثيرها علي الأنشطة المصرفية بشكل عام وعلي قطاع توظيف أموال البنوك لدي العملاء بشكل خاص، وهو مارصدته دراسة مصرية عن نشاط التوظيف قام بها الخبير المصرفي أحمد آدم .وتؤكد الدراسة أن الحذر التام من قبل البنوك عند التوظيف لدي العملاء في ظل ظاهرة التعثر وفي ظل المحاولات الجادة من البنوك والبنك المركزي المصري لإغلاق هذا الملف أثر علي انخفاض معدلات النمو بالتوظيف لدي العملاء بالعملة المحلية والذي بلغ بين عامي 2002 و 2006 "17 %" فقط بينما انعكس النشاط المتميز للبنوك الأجنبية في مجال ضخ توظيف لدي العملاء وتحقيقها لمعدلات نموذجية في هذا المجال علي معدلات النمو المحققة بالتوظيف لدي العملاء بالعملة الأجنبية بين عامي 2002 و 2006 والذي بلغ 87.7 %، وبلغ إجمالي التوظيف عام 2002 نحو 266.1 مليار جنيه منها 213 ملياراً لدي عملاء عملة محلية و 53.1 مليار جنيه لدي عملاء عملة أجنبية، وفي 2006 بلغ الإجمالي 343.9 مليار جنيه منها 249 مليون جنيه بالعملة المحلية و 94.9 مليار جنيه بالعملة الأجنبية.ويقول آدم في دراسته أن بنوك القطاع الخاص ذات رأس المال الأجنبي مثل بنك NSGB الذي استحوذ علي بنك مصر الدولي قد حقق معدل نمو 152 % بينما استمر بنك HSBC في تحقيق معدلات نمو جيدة خلال الأعوام الأخيرة فحقق 17 % معدل نمو بتوظيفه لدي العملاء.وأضاف : أن تلك المعدلات الجيدة هي انعكاس لتمويل تلك البنوك الأنشطة البترول والأدوية والصناعات الاستراتيجية والبتروكيماويات والشركات العاملة في مجال تلك الأنشطة وهي شركات تحافظ علي اسمها وسمعتها ومنحها قروضا وتسهيلات ائتمانية أمر مضمون ومأمون، وتشمل الإيجابيات العائدة من تحقيق معدلات نمو جيدة بالتوظيف لدي العملاء. وأوضح أن الواقع يؤكد أن التوظيف لدي العملاء يحقق للبنوك أعلي عوائد محصلة مقارنة بأي استثمارات أخري لموارد البنوك إذا ما تحسنت ظروف السوق فستشهد معدلات النمو بالتوظيف لدي العملاء وكذا معدلات العائد علي هذه التوظيف طفرة كبيرة .[c1]عوائد إيجابية[/c]وأشار آدم في دراسته إلي أنه من الإيجابيات أيضاً تحقيق هامش عوائد إيجابي فيما بين معدل العائد علي التوظيف لدي العملاء ومعدلات العائد علي الودائع وهذا الهامش الإيجابي كان نتيجة مباشرة لزيادة معدلات العائد المحصل من التوظيف لدي العملاء، والواقع يؤكد أن عقد البنوك المحصل من التوظيف لدي العملاء، لابد أن يقابلها منح قروض لعملاء يتزايد بها التوظيف الجيد بما يؤثر إيجابا علي معدلات العائد المحصل من التوظيف وكذا علي هامش العوائد فيما بين العائد المدفوع علي الودائع والعائد المحصل من التوظيف وبصفة عامة وبرغم ابتعاد البنوك ومنذ فترة طويلة عن الهرولة نحو التوظيف لدي العملاء إلا أن هذا النوع من التوظيف مازال يمثل العمود الفقري لاستثمار موارد البنوك.ويقول : أنه باستقراء الظروف الحالية للتوظيف بالجهاز المصرفي المصري نجده ينقسم حالياً إلي: بنوك حكومية متخصصة وبنكي قطاع عام "الأهلي ـ مصر " علي اعتبار أن بنك القاهرة علي ذمة البيع، وبنوك قطاع خاص رأسمالها أجنبي وبنوك قطاع خاص رأسمالها عربي وبنوك القطاع الخاص العربية والوطنية لديها مشكلات في محفظة القروض وتسير نحو تنظيف محافظها بإجراء تسويات وعمليات جدولة للديون الرديئة مع محاولة تحقيق أكبر قدر ممكن من ناتج الأعمال لتكوين مخصصات لعلاج العجز في المخصصات المطلوب تكوينها. ويشير إلي أن أغلب تلك البنوك إتجه للقروض الاستهلاكية التجزئة المصرفية رغم ما لها من تأثيرات سلبية علي منحني الطلب خلال الأمد المتوسط، أما بنوك القطاع العام التجارية والمتبقي منها حالياً "الأهلي ـ مصر" فشاركت وبقوة في فترة منتصف القرن الماضي في بناء الاقتصاد الوطني بعد ثورة 23 يوليو 1952 وتحملت أعباء اثقلت كاهلها وجميع الديون الحكومية والتي تشكل نسبة كبيرة من محفظة القروض بتلك البنوك تحولت لقروض استحقت ولم تسدد ومنذ فترة طويلة، وفي حالة تطبيق بازل 3 ستشكل تلك القروض مشكلة كبيرة للبنكين الأهلي ـ مصر وهيكل الودائع بتلك البنوك يسمح لها بإمكانية تمويل قروض طويلة الأجل.[c1]بنوك قوية[/c]و بالنسبة لبنوك القطاع الخاص الأجنبية فتوضح الدراسة أن معظمها بنوك قوية وبخاصة الإسكندرية و NSGB و HSBC وكريدي اجريكول وباركليز وبي أن بي باريبا وبيريوس وتشارك بقوة في تدعيم الاقتصاد القومي وزيادة حجم الاستثمارات المباشرة رغم وجود بنك عالمي كبير لا يعمل إلا في القروض الاستهلاكية وقد تسبب في مشاكل متعددة للمتعاملين معه وللبنوك المثيلة والتي انساقت وراءه في إطار المنافسة وتخلت عن ضمانات رئيسية وتسببت بسبب التخلي عن تلك الضمانات في زيادة نسبة المتعثرين في مجال تلك القروض واختنق سوق القروض الاستهلاكية بسبب انسياق معظم البنوك وراء هذا البنك.أما بنوك القطاع الخاص الأجنبية فتتوافر لديها موارد سيولة كبيرة نتيجة لتحقيقها معدلات نمو متعاظمة بودائع العملاء يتم توجيهه لاستثمارات مضمونة بشركات ذات اسم وسمعة معروفة يدر عليها عوائد كبيرة، وكذا في أقراض البنوك الزميلة والتي تحتاج لسيولة وخصوصا في نظام الإنتربنك الدولاري.كما أن محفظة القروض لديها نظيفة وبالتالي فلا توجد حاجة لتلك البنوك في الضغط علي مراكزها المالية لتكوين مخصصات متعاظمة مما يعود في النهاية بالإيجاب علي صافي أرباحها، ومن العرض السابق نستطيع أن نؤكد أن البنوك الخاصة الأجنبية تتزايد حصتها السوقية يوما بعد يوم علي حساب البنوك الخاصة الأخري وكذا بنوك القطاع العام.وعن تأثير التطورات المحلية الجارية علي نشاط التوظيف يقول : إن إعلان اتخاذ بنكي التجاري الدولي والعربي الأفريقي إجراءات الدمج لتكوين كيان عملاق جاء نتيجة مباشرة للأحداث التي تجري علي الساحة المصرفية فبينما أكد بعض المحللين أنها خطوة نحو تكوين كيان مصرفي قوي يتمكن من شراء بنك القاهرة فأننا نؤكد أن دخول اسماء مصرفية جديدة للتنافس علي الفور بصفقة بنك القاهرة أفضل من فوز البنكين بعد الدمج بهذه الصفقة وخاصة أنهما بنكان موجودان علي الساحة بالفعل ولن يضيف جديداً في حالة تمكنهما من شراء بنك القاهرة وهو أمر مستبعد إن لم يكن مستحيلاً والواقع يؤكد أن تراجع البنك التجاري الدولي من المركز الأول كأكبر البنوك الخاصة أمتلاكا للأصول إلي المركز الثاني بعد بنك سوسيتيه جنرال، وهناك احتمالات كبيرة في استمرار تراجعه في ظل الطفرة الكبيرة التي يحققها بنك الإسكندرية والتي كشفت عنها مراكزه المالية الأخيرة في 31 / 3 / 2007.وفي ضوء أن البنك التجاري الدولي أغلب رأسماله وطني وهو بنك القطاع الخاص المصري الذي يستطيع منافسة بنوك القطاع الخاص الأجنبية والعربية فإن اندماجه مع العربي الأفريقي سيحقق منظومة تنافسية جديدة، واندماج البنكين في كيان مصرفي واحد سيؤدي لضخ استثمارات مالية أكبر للسوق المصرية.وتوضح الدراسة أن إتمام شراء بنك أبوظبي الإسلامي للبنك الوطني للتمنية بعد طول انتظار سيغير من خريطة التوظيف بالجهاز المصرفي علي الأمد المتوسط فنشاط منح القروض بالنظام الإسلامي "المشاركة، المضاربة، المرابحة" هي أفضل أنظمة التوظيف علي وجه الإطلاق فيما لو طبقت بشكل سليم وهي تضمن وبشكل مؤكد استخدام القرض أو التسهيل في الغرض المخصص له واستخدام القرض في غير الغرض المخصص له كان أحد الأسباب الرئيسية لحالة التعثر المصرفي التي شهدناها بمصر في منتصف تسعينيات القرن الماضي ومازالت قائمة حتي اليوم ، كما أن النظام الإسلامي يضمن متابعة العميل وبشكل مؤكد والواقع أن بنك فيصل وبنك التمويل المصري السعودي حصتهما من التوظيف بالجهاز المصرفي المصري والموجهة للسوق المصرية لا تتجاوز 50 % .وإذا ما وضعنا في الاعتبار أن %65 من توظيف بنك فيصل موجه لتعاملات تجارية مع بنوك و 35 % موجه لعملاء وحصته من التوظيف في المجالين تبلغ 4.5 % من توظيف الجهاز المصرفي في 31 / 12 / 2006.وانضمام بنك أبوظبي الإسلامي للجهاز المصرفي سيمثل إضافة قوية في ضوء أن توظيف البنك الوطني للتنمية يبلغ في 31 / 12 / 2006 ما قدره 6.2 مليار جنيه ويشكل 1.8 % من توظيف الجهاز المصرفي المصري ودخول بنك أبوظبي الإسلامي للساحة يشكل إضافة في ضوء انتشار فروع الوطني للتنمية في وجه بحري والصعيد بشكل متميز وبمناطق متعطشة لوجود فروع إسلامية خالصة وهو ما يدعو للتأكيد علي ضرورة تغيير اسم البنك من الوطني للتنمية لأبوظبي الإسلامي لارتباط اسم البنك بمشاكل متعددة أثيرة بالجرائد أثر سلباً علي معدلات النمو بجميع أنشطته المصرفية، وعلي الأمد المتوسط خلال 3 سنوات نتوقع أن تصل نسبة التوظيف بالنظام الإسلامي من البنوك التي تطبق النظام خالصا لما يزيد علي 10 % من إجمالي توظيف الجهاز المصرفي.[c1]شكل التوظيف[/c]وأشارت الدراسة إلي أن بيع بنك القاهرة أيضاً سيغير من شكل التوظيف بالجهاز المصرفي فحصة البنك كمتوسط من الأنشطة تبلغ 7 % ومن المنتظر أن تنخفض حصة البنك بعد بيعه إلي أقل من هذه النسبة لأن حصة البنك من نشاط التوظيف ستنخفض بعد سداد الحكومة لديونها بمحفظة البنك، إلا أن فروع البنك بالأقاليم ستكون بعد البيع منافسا قوياً لفروع بنكي مصر والأهلي بصفة خاصة، ومن المتوقع أن تشهد فروع البنوك بالأقاليم منافسة شديدة كالتي تشهدها فروع البنوك بالقاهرة إلا أن المنافسة بالأقاليم ستؤثر وبشدة علي حصة بنكي القطاع العام "مصر والأهلي" بالسوق المصرفية، إذا ما وضعنا التناقص المستمر ووضعنا في الاعتبار أن البنك الأهلي- وبدون منافسة من بنوك خاصة لفروعه بالأقاليم -ازدادت حصته من التوظيف خلال عام 2006 بمقدار 1.3 % فقط. فقد زادت الحصة من 24.3 % إلي 25.6 % إذ بلغ حجم التوظيف لدي العملاء بالبنك في 31 / 6 / 2005، أن القراءة المستقبلية لنشاط التوظيف تؤكد علي استمرار المنافسة القوية علي العملاء ممن لهم سابقة تعامل جيدة مع العملاء بين فروع البنوك الخاصة بالقاهرة الكبري مع انتقال المنافسة بالأقاليم وخصوصاً بين فروع بنكي مصر والأهلي وفروع بنك القاهرة بعد بيعه وبنك الإسكندرية وبنك أبوظبي الإسلامي.وتوقعت الدراسة أن تكون المنافسة علي حساب حصة بنوك القطاع العام التجارية والمتخصصة أيضاً إذا لم تنتبه وتقوم بتعديل استراتيجيتها، كما أن هناك منافسة جديدة سيشهدها السوق بين البنوك التي تطبق النظام التجاري والبنوك التي تطبق النظام الإسلامي وهي منافسة المستفيد الأول والأخير منها هو المواطن المصري.[c1]تنافس محموم [/c]وأشارت إلي أن نظام التجزئة المصرفية "القروض الاستهلاكية" سيشهد تنافسا وبشكل محموم في ظل حجم السوق المحدود بعد أن أصبحت القوائم السلبية للعملاء في هذا المجال مؤثراً سلبياً علي حجم سوق القروض الاستهلاكية ، وستتزايد معدلات النمو بالتوظيف لدي العملاء في ظل توجه الكيانات العملاقة للتوظيف الكلاسيكي CIB- hsbc-nsgb بعد إندماجه والعربي الأفريقي ـ الإسكندرية ـ القاهرة بعد بيعه وضعا في الاعتبار أن سداد الحكومة لديونها لبنك القاهرة سيحقق للبنك سيولة ستتيح له التوجه بقوة للحصول علي حصة مؤثرة من التوظيف بالجهاز المصرفي المصري. ونوهت الدراسة إلي أن الإقراض المتناهي الصغر والذي زاد التوجه له بعد دخول بنك الإسكندرية لهذا المجال وهو سبيل للحد من معدل البطالة ستشهد فيه المنافسة بين بنوك القاهرة بعد بيعه والإسكندرية وجمعيات رجال الأعمال وهي منافسة في صالح العملاء وصالح اقتصادنا الوطني لما لهذا التوظيف من تأثيرات مدهشة علي العملاء ووضعا في الاعتبار احتمالات كبيرة لظهور نظام إسلامي جديد لتمويل المشروعات الصغيرة والحرفيين بعد دخول بنك أبوظبي الإسلامي للساحة ، وسينخفض الدين الحكومي بالبنوك بعد بيع بنك القاهرة ونقصد هنا القروض الممنوحة للهيئات الحكومية وقطاع الأعمال العام من قبل البنوك.وأكدت الدراسة أن هناك حتمية في أن يحكم البنك المركزي المصري قبضته علي البنوك بتدعيم قطاع الرقابة علي البنوك، وكذا قطاع البحوث المصرفية والذي لابد من قيامه شهرياً بإعداد دراسات حول أبرز الظواهر المصرفية التي تفرزها الرقابة بالنزول للبنوك التي بها ظواهر سلبية للوقوف علي أسبابها ،وذلك لعلاج أي سلبيات في بداياتها مع تدعيم للإيجابيات حتي يتحقق لاقتصادنا القومي كل ما نتمناه.