إشراقة
يمكن للإنسان الذي يعيش في القرى (الريف) أن يتقبل وضع عدم توفر المياه لديه، فقد كيف سكان تلك المناطق حياتهم وفق هذه القاعدة بأن يعشوا على الكفاف من الماء، وإذا ما انقطع عنهم لأي سبب كان فإن بمقدورهم التحمل إن توفر ما يكفي للشرب، حيث المتطلبات الأخرى يمكن تجاوزها، كما أنه بمقدور أبناء الريف جلب الماء- كحالة طبيعية- من أماكن بعيدة..لكن في الواجهة المعاكسة، فإنه من غير المقبول ولا المعقول أن يتحمل ساكنوا المدينة انقطاع الماء عنهم ليوم كامل، إذ أن حياتهم سوف تكون ضرباً من المعاناة، إن لم تبلغ المستحيل ذاته. خصوصاً أن احتياجهم للماء لا يقتصر على كميات الشرب، وتجاوز ما عداها من ضرورات إلا بحسب ما يتوفر من كميات كحال أبناء الريف.إذاً وفق هذه القاعدة، فإن الوضع في مدن محافظة أبين الرئيسية وتحديداً عاصمتها زنجبار يفوق معاناة هذه القاعدة إلى حدود ما يمكن تسميته بـ “الجحيم” من حيث عدم توفر المياه وانقطاعاتها المستمرة سواء ما يمكن لسكانها أن يشربوه أو يقضوا به الاحتياجات الأخرى.منذ وقت ليس بالقصير نسي السكان أن يشطبوا من أجندة يومهم مشكلة المياه حيث أصبحت المياه وتوفرها هماً يومياً ينبغي أن يتصدر جدول الأعمال اليومي لهؤلاء، وإن كان في كثير من الأحيان ولدى كثير من السكان تكون نتيجة الجهد سلبية مؤداها العجز عن توفير شربة ماء.منذ أكثر من عشر سنوات ظل سكان مدن أبين وأولهم ساكنوا العاصمة مدينة زنجبار يحلمون بأن يتوفر الماء لمدة ساعتين يومياً فقط بدون انقطاع، وإن حصل ذلك فإنهم سوف يصلون لله ويشكرونً السلطات المختصة، لكن وهم يتجرعون معاناة الانقطاع لأيام متواصلة فإنهم يصبون جام غضبهم ولعناتهم على تلك السلطات التي لم تحرك ساكناً يذكر سوى الكلام الذي لا يسقي عطشاناً.والمشكلة الأدهى والأمر التي تزيد الأمر إيلاماً أن محافظة أبين لاتعاني من شحة المياه في جوف محيطها بل هي من أغنى مناطق اليمن في هذا الجانب، وكذلك فإن ماهو قائم من مشروعات مياه تمكنه أن يغطي اليمن كله، ولا ننسى أن أبين تسهم بنمو 50% من تموينات محافظة عدن من خلال مشروع مياه عدن الكبرى الذي يضم نحو أربعين بئراً في منطقة الحصن، وجرى التنازل عنه كلية لصالح عدن وحرمان أبين منه في “ليل أظلم” لم يكشف الزمن عن خباياه بعد وغدت أبين بعد ذلك كحال جما ل الجاهلية يقتلها الظمأ والماء على ظهورها محمول.وبذلك فإن أس المشكلة يكمن في سوء الإدارة ولا مبالاة السلطة التي لو أن لها أذناً تسمع ذوي المعاناة المتكررة يومياً عبر الصحف أو منابر المساجد والمنتديات واللقاءات ومهرجانات الحملات الانتخابية وغيرها، لفعلت الكثير لا نقول لرفع المعاناة ولكن للحد منها.. لكن السلطة المحلية لا يعينها أمر المواطن ومعاناته لأنها لا تشعر بمرارة المعاناة حيث والماء متوفر لديها بواقع ثلاثين ساعة في اليوم!!