غضون
* أحد ابرز رجال الدين في هذا العصر قال قبل يومين ان الاختلاف بين السنة والشيعة ليس عميقاً، وان اصحاب المذهبين متفقون في موضوع العقائد.. وهو كلام عاطفي بالطبع، فمنذ نحو قرنين ظهرت فكرة التقريب بين المذهبين، وفي هذا العصر عقدت عشرات المؤتمرات واللقاءات لذات الغرض ومع ذلك فمساحة الخلاف اليوم أوسع مما كانت عليه قبل خمسة قرون.. الفوارق عميقة ورسختها عوامل كثيرة منذ بواكير التاريخ الإسلامي وحتى اليوم.. ومصطلحات «الرافضة» و«النواصب» تستخدم على نطاق واسع اليوم.. السني المتعصب يكفر الشيعة باعتبارهم أهل شرك، ويجيز قتلهم ويعتبر خطرهم أشد من خطر أي عدو آخر، حتى في المجال الخيري الذي يخدم الإنسان كإنسان.. بغض النظر عن عقيدته وموطنه.* تدون جمعيات الإغاثة السلفية في لوائحها ان تقديم خدمة طبية أو أي مساعدة إنسانية للمنكوب أو الفقير لا تجوز إذا كان مقدمتها شيعياً أو «رافضياً» وأن هذا الرافضي إذا كان يشتغل قصاباً أو جزاراً لا يجوز للسني أن يأكل من ذبائحه!.. * وبالمناسبة اليوم الانقسام بين السنة أسوأ.. والمتعصبون أو الاصوليون الشيعة الاثناعشرية عندهم أن الإمامة «من أركان الدين» وأن الصلاة على الفاسق تجوز شريطة أن يتم لعنه عقب التكبيرة الرابعة والابتهال إلى الله أن يدخله جهنم.. وعندهم غاسل الشيعي لابد أن يكون شيعياً وإمام صلاة الجماعة لابد أن يكون أثناعشرياً.. واجمالاً أوجه الاختلاف كثيرة ومترسخة والتقريب بين الطرفين عسير إذا كان القصد منه أن ينزل هذا عند رأي ذاك أو أن يتخلى هذا عن اعتقاد مقابل تخلي الآخر عن فكرة مقابلة.. وأصلاً لماذا التقريب ؟.. ما المانع أن يحتفظ كل طٍرف بعقيدته ويتم تبادل الاعتراف بهذا الحق؟! .* وإذا كان لدى الطرفين رغبة في فك هذا الاشتباك فلماذا لم يتحررا من براثن التاريخ ويتعبدا بدين الله بدلاً من اجتهادات الوهابية والإمامية؟ ولماذا لم يدخلا في ثقافتهم ومناهج مدارسهم مفاهيم عصرية مثل التسامح الديني والتعايش وحقوق الإنسان واحترام حرية العقيدة؟* ومازلنا نعتقد أن أفضل حل لهذا الصراع.. والحل المقبول لإنهاء هذه الحروب هو الذي اقترحه الكواكبي قبل أكثر من مئة عام.. لندع الأديان تحكم في الآخرة!