مر وقت طويل ونحن الاثنين على أفضل ما يرام من المودة والصداقة والحميمية .. كنت أجده في أي وقت أطلبه، فينير طريقي بما ينثره فيها من لآلئ و جواهر ثمينة تغنني عن طلب سواه، لقد سندني في أوقات كثيرة، وأفاض علي من كرم عطائه وفيض مكنونه ما جعل عقلي يشع نوراً وقلمي ينبض بالحياة .. إن واجهتني الخطوب والملمات؛ أجده بجانبي، يشد من أزري حين أشركه في أمري، فأجد عنده الحلول الناجعة والإرشادات النافعة .. وفي غير تلك الأوقات كان سميري وخليلي، يتنقل بي من علم إلى علم ومن فن إلى آخر، أجني معه رحيق الأفكار وخلاصة التجارب ودرر الأشعار..لقد كان منحة ربانية، وعلاقتي به أنموذجية .. حتى أصبح بحق خير جليس، وأعز صديق إلى نفسي .. والجميل في تلك العلاقة أننا الاثنان صنعنا جسراً رائعاً للتواصل البناء فيما بيننا أسسناه على التفاهم والثقة والإيجابية .. ولكن ماذا حدث بعد ذلك ؟؟ كأني بك عزيزي القارئ تسأل هذا السؤال ؟! لقد حدث أمر جلل !! فدعني أصف الحدث .. فلقد كان درساً جديداً أضافه صديقي الحميم ( الكتاب) إلى رصيده في تعليمي .. [c1]جمر التوقعات :[/c] كنت ذات يوم أبحث عن معلومة، فاستنجدت بكتابي لثقتي بأنني سأجد ضالتي لديه .. ولكن للأسف فإنه في هذا الظرف العصيب قد تبع خطى ضالتي فغاب عن عيني - هو أيضاً-!! ( فظننت) أنه قد توارى استحياءً خلف أحد الملفات أو تحت بعض الأوراق؛ بعدما حس بحاجتي، فلقد تملكه الخجل لأن ضالتي لم تكن متوافرة لديه؛ ففضل التواري عن المواجهة .. لكن عهدي به أنه لا يخلط الأوراق، وأنه شجاع وصريح، والأمور بيننا في منتهي الشفافية والوضوح .. فماذا حدث إذن ؟؟ (سألتني نفسي هذا السؤال) !! فأجبت: لعله يتهرب مني لأنه مكدّر الخاطر من ناحيتي بسبب جفوتي ومقاطعتي له منذ فترة .. فجديت في البحث عنه لأعيد الود القديم، وأجدد العهد .. وعندما لم أجده؛ ضاق بي الحال، وانقبض صدري، (وتوقعت) أنه قد عاف مصاحبتي ورغب بنفسه عني، أو لعله قد اتخذ له صديقاً غيري .. فالتهبت النار في جوفي، وأقسمت أن أنتقم منه ولو كلف الأمر ضياع كل شيء .. وبقيت في حالة من الهستيرية والفوران أرغي وأزبد، وأوصمه بكل لفظ (قبيح) .. ثم (قلت لنفسي) : من المؤكد أنه يتعمد خذلاني لينتقم منى بسبب ذلك الموقف الذي حدث سابقاً عندما قام أحد أبنائي بسلخ غلافه، وقلع بعض أوراقه !! يا له من ناكر للجميل ... ألا يتذكر أنني يومها ذهبت به إلى المطبعة وقمت بتجليده وحباكته وأعدته في صورة أفضل مما كان عليها ؟؟ ألا يتذكر أنني قد أكرمته ووضعته مكاناً علياً في مكتبتي ؟؟ ألا يتذكر أنني قد تغاضيت عن الأخطاء المطبعية التي انتشرت في معظم صفحاته ؟؟ ألا يتذكر أنني ما خدشت صفحاته وإنما استخدمت لإبراز بعض سطوره وعباراته قلماً فسفوريا جميلاً ؟؟.. إنه لصديق ( سيئ).. [c1]إنتهاء مسرحية الألم..[/c]وبقيت ساعات أتقلب في جمر أفكاري وتوقعاتي التي شكلت سلسلة لا متناهية من السلبية؛ كبلتني وقيدت بصري وبصيرتي، وألقت بي في الدرك الأسفل من التعاسة والألم . وظللت أغوص .. أغوض في بحيرة من الكآبة إلى أن دق جرس ساعتي يعلن انتهاء (مسرحية الألم).. وينبهني بأن وقت النوم قد استنفد، ووقت الصلاة قد أزف، وأنه يتوجب عليّ أن أستيقظ لأستعد ليوم جديد أستفتحه باتصال أجريه بمصدر الطهر والنقاء. لم أصدق وأنا أفتح عيني أنني في بر الأمان .. وأنني ما برحت مكاني منذ البارحة، وأن علاقتي بصديقي لم تشبها شائبة، حتى التفت يمنة ويسرة لأجد كل المعالم تحكي أنني فعلاً ما برحت مكاني منذ أن تغشاني نوم عميق وأنا بين أحضان كتابي .. فها أنذا على فراشي، وهذا كتابي إلي جانبي مفتوح ينطق بالحق .. ويشهد أنني توقفت معه - قبل أن يغلبني سلطان النوم - عند عبارة : ( راقب أفكارك فإنها ستصبح كلمات، وراقب كلماتك فإنها ستصبح أفعالاً .. وراقب أفعالك فإنها ستصبح طبائع .. وراقب طبائعك فإنها تحدد مصيرك .. فحياتك من صنع أفكارك ) .. فحمدت الله أنني كنت في حلم، فقد كان بحق حلم وعلم ..www.muniralselwi.jeeran.co[
|
اتجاهات
أطلق عنان توقعاتك لتلامس معاني إيجابية
أخبار متعلقة