مشغولة في إعادة هيكلة شركتها وجمع منافسيها في كيان واحد
الرياض/ متابعات: بذلت الحكومة السعودية خلال العقود الثلاثة الماضية جهوداً يصعب تقديرها لدعم قطاع الصناعة، وهو ما يتماشى مع خططها الإستراتيجية لجعل هذا القطاع رافداً حقيقياً للاقتصاد الوطني، والاستفادة من العوامل المتوفرة، وخاصة ما يتعلق منها بالطاقة الرخيصة، والمنتجات النفطية ومشتقاتها.فيما يخص صناعة الحديد، برز اسم “ السيل الشرقية للحديد والصلب” كلاعب رئيسي، وربما الأكبر في هذا القطاع، واليوم تبدو رئيسة مجلس إدارة الشركة ناديا الدوسري منهمكة في وضع اللمسات الأخيرة على مشروعها الصناعي الجديد والذي استقدمته خصيصا من الولايات المتحدة الأمريكية لإنجاز خطوط خاصة للإتلاف.والدوسري مشغولة أيضاً فيما تسميه “إعادة هيكلة” للمجموعة التي تنشط في مجالات عدة، منها صناعة الحديد، والعقار، ونشاطات أخرى متفرقة، ولكن إعادة الهيكلة لن تتضمن تقليصا للأعمال أو النفقات، فالأزمة العالمية الحالية لا تعني بالنسبة لها إلا “البحث عن الفرص الثمينة وسط الركام، والأمر يتطلب عينا ثاقبة”، بحسب ما أكدته الدوسري.وقالت الدوسري:” إن الدولة تقدم للصناعة دعماً مالياً كبيراً، ونحن في “السيل” شملنا هذا الدعم، وقبل فترة حصولنا على قرض صناعي، ومرت الأمور بيسر وسلاسة بعيدا عن التعقيد، ولكن في جانب آخر يسن البعض قوانين تترك آثارا سلبية ليس على تطور الصناعة فحسب، بل تهدد وجودها أحيانا، وهو ما يدعو إلى العجب، بل والأسى، فليس من المعقول، أن نتلقى الدعم من جهة، ويأتي آخرون ويبددون جهود الدولة، وجهودنا أيضا”.وأضافت الدوسري، موضحة رأيها عن القوانين التي تم اتخاذها في قطاع الحديد، “اتخذ قرار بعدم السماح بتصدير الحديد، وسمح في الوقت نفسه، باستيراده من خارج المملكة، فهل يعقل أن نتبع قوانين السوق المفتوحة باتجاه واحد فقط؟ وهل يعقل أن نلتزم بحرية التجارة وقوانين السوق بجانب واحد، لماذا لا يسمح لنا كمصنعي حديد، البحث عن أسواق أخرى لنبيع إنتاجنا ما دام الأمر عرضا وطلبا؟، وهل يمكن لأصحاب صناعة الحديد من داخل المملكة تحمل الخسائر إلى أجل غير مسمى؟.وأجابت الدوسري في ردها على سؤال لماذا لا يقوم منتجو الحديد هؤلاء بتخفيض أسعارهم، وهل ساهم القرار المذكور في خفض أسعار الحديد التي سجلت مستويات عالية خلال الفترة الماضية؟: “علينا ألا ننسى أن القرار المذكور تزامن مع تداعيات الأزمة المالية وما رافقها من تراجع في الطلب، ثم لم نكن كمصنعي حديد وراء ارتفاع الأسعار، بل المضاربة هي التي تسببت في ذلك، كما حدث في أكثر من قطاع، وكذلك المقارنة بين أسعار الحديد المحلي والمستورد يجب أن تلحظ جودته، فالمحلي أفضل من ناحية الجودة، وأخيرا أنا لست ضد أن تأخذ القوانين باعتبارها مصلحة المواطن، ولكن ليسمح لنا كمنتجين البحث عن أسواق أخرى إذا كانت المنافسة محلياً ليست في صالحنا”.وعادت الدوسري إلى مزيد من التوضيح فقالت: “ننتظر إصدار قوانين متوازنة تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، المنتج والمستهلك، شركات وأفراد، والتوازن يعني أيضا السماح بالتصدير عندما يسمح بالاستيراد، ثم إننا كأصحاب أعمال جزء من الاقتصاد الوطني، واستمرارنا يصب في صحة الاقتصاد بشكل عام، والانتقاد لا يعني أن سمعة بلدي لا تهمني، بل أن تشكل أفضل بيئة عمل لي، وللمستثمرين من خارج المملكة.ولكن أين الحل؟ أجابت الدوسري: “أن تتشارك الأطراف المعنية، عند اتخاذ قرار، وأيضا الحرص على حسن تطبيقها، فلا فائدة من قرارات جيدة بتطبيق سيئ”. وتساءلت الدوسري “لمصلحة من تصدر قوانين تضر الصناعة الوطنية وربما تتسبب في إقفالها، كان بإمكاننا في المجموعة التركيز على التجارة مثلا ذات المردود القصير الأجل مقارنة بالصناعة، لكن للصناعة دور استراتيجي للمملكة بشكل عام، والنجاح فيها يتطلب خبرة كبيرة، وهنا تكمن أهمية اتخاذ قرارات تصب في صالح تطورها”.وعن أهم الأسواق التي اتجهت إليها شركة السيل قبل منع التصدير، ذكرت الدوسري أن حجم التصدير لم يتجاوز 2.5% من إجمالي الإنتاج، وفسرت ذلك بارتفاع الطلب المحلي قبل بوادر الأزمة المالية، والمتزامنة مع قرار السماح بالاستيراد، ومنع التصدير، وأعربت عن ثقتها بقدرتها على المنافسة خارجيا لمناسبة أسعار منتجاتها مع الجودة.ولم تفصح سيدة الأعمال السعودية كثيراً عن خططها الحالية، وكل ما تحدثت عنه هو العمل بجدية في الوقت الحالي على إعادة هيكلة المجموعة لتوسيع نشاطها، سواء على صعيد القطاعات التي تعمل بها، أو للدخول في نشاطات جديدة رفضت الدوسري تحديد نوعها أو مكانها.ويشكل حجم الاستثمار في الصناعة حوالي 25% من إجمالي استثمارات المجموعة، بينما تزيد الاستثمارات العقارية عن ذلك بقليل، والباقي استثمارات متنوعة.