قرية كانت في يوم من الأيام ملء السمع والبصر ، تقع تحت سفح باب عدن أو باب العقبة ، كانت مطمح القوى المحلية المختلفة ، ومطمع والقوى الغير محلية على سبيل المثال ابن مهدي ، الأيوبيين ، الرسوليين ، والطاهريين نظرًا لموقعها الاستراتيجي العسكري الخطير , ودارت فيها معارك ضارية بين تلك القوى ــ كما ذكرنا سابقاً ـــ الطامحة والطامعة على السيطرة على مدينة عدن. والحقيقة كانت الدول اليمنية المركزية المختلفة كالدولة الصليحية ، الرسولية ، الطاهرية وغيرها من الدول اليمنية كانت تدرك الأهمية السياسية لثغر عدنحيث كان من يسيطر عليها يسيطر على القبائل اليمنية من ناحية وكانت تمثل الخزانة العظيمة من ناحية أخرى لكونها كانت تمولها بالذهب والفضة بسبب ميناءها الهام المطل على البحر العربي والذي كان يمثل همزة وصل بين الشرق ( الهند ) والغرب ( مصر ) فضلاً عن تحكمه بمدخل جنوب البحر الأحمر .[c1]محطة للمسافرين[/c]وكانت أيضاً تلك القرية محطة هامة للمسافرين القادمين من المناطق اليمنية الداخلية إلى عدن والذاهبين منها . وكانت القوافل التجارية البرية تتجمع بها استعدادًا لدخول عدن عبر بوابتها الضخمة لتبيع منتجاتها من السلع والبضائع المحلية . وتتحدث كتب التاريخ أنّ تلك القرية ، كانت تموج بالحياة التجارية والنشاط الاقتصادي . وذكرت الروايات التاريخية أنها كانت تغص بالدكاكين ، ولكن لم تذكر أنواع النشاط التجاري التي كانت تزاوله ولكن من المحتمل أنّ تكون من السلع والبضائع المرتبطة بالحياة الريفية . وقيل أنّ القرية اشتهرت بحرق النورة ، وغالبية أهلها كانوا يشتغلون بصيد السمك . وتذكر المراجع التاريخية أنه كان هناك ارتباط وثيق بين استقرار عدن وتلك القرية ، فإذا كان هناك ازدهار تجاري في المدينة تزدهر تلك القرية ، وإذا حدث اضطراب وفتن ، وقلاقل انعكس ذلك على القرية .[c1]المباه[/c]وفي عهد الملك عامر بن عبد الوهاب المقتول سنة ( 923هـ / 1517م ) والذي يعد أعظم ملوك الدولة الطاهرية على الإطلاق ، قام بتجديد وصيانة مسجد القرية القديم ، “ ورتب فيه إمامًا ومؤذناً ، وخطيبًا يخطب بالناس يوم الجمعة . وذكرها بامخرمة في كتابه ( تاريخ ثغر عدن ) بأنها ، كانت تسمى ( المباه )، ويشرح المؤرخ عبد الله محيرز معنى تسمية المباه ، قائلاً : “ويعلل بامخرمة تسميتها ، فلعل ( المباه ) المباءة بالهمزة والمد من التبوء ، ولما كثر استعمال العامة لها خففوها بإزالة الهمزة والمد. وفي القاموس : المباءة هي المنزل “ . ويفهم من ذلك أنّ القرية كانت محطة يستريح بها المسافرين القادمين والذاهبين ، وكان من الطبيعي أنّ تدر أرباحًا كبيرة على القرية وأهلها لكونها كانت محطة ( ترانزيت ) حيث كانت مركز تجمع القادمين من الريف إلى مدينة عدن ، والذاهبين منها .[c1]أفول القرية[/c]وتذكر المصادر بأنّ قرية ( المباه ) امتدت إليها يد الخراب والدمار في القرن العاشر الهجري / القرن السادس عشر بسبب الاضطرابات والقلق التي شهدتها عدن من جراء محاولة البرتغاليين احتلالها سنة ( 919هـ / 1513م ) ولكن المدينة وأهلها صدوا هجومهم ، وفشلوا فشلاً ذريعًا في الاستيلاء على عدن . وتذكر الروايات بأنّ دخول العثمانيين إلى عدن سنة ( 945هـ / 1538م ) والذين حولوها إلى قاعدة بحرية لتكون نقطة مراقبة ، وقاعدة انطلاق لمطاردة الأسطول البرتغالي الذي عاث الفساد في السواحل اليمنية وأيضاً السواحل الجنوبية العربية . وعلى أيةحال كان تحويل عدن إلى قاعدة بحرية قد أثر تأثيراً سلبياً على حياة عدن التجارية, والنشاط الاقتصادي ومن ثمة أثر بالتالي على قرية ( المباه ) التي كانت عمادها الحركة التجارية القادمة من الريف لتبيع بضائعها وسلعها في أسواق عدن المتنوعة ، وكانت أيضاً تلك القوافل تشتري حاجياتها من أسواق المدينة. وعلى أية حال ، توارت قرية المباه وراء سحب النسيان الكثيفة . والجدير بالذكر موقعها الحالي أمام مجمع وزارة الطاقة والمعادن في المعلا ، ولقد عرفت من فترة قصيرة بـ ( دكة الكباش ) . وفي هذا الصدد ، يقول عبد الله محيرز في كتابه ( العقبة ) : وكانت قرية المباه “ . . . إلى عهد قريب محطة لتجار المواشي ، وزريبة للكباش المستوردة من بلاد الصومال . . . “ . ولذلك السبب سميت بـ ( دكة الكباش).
|
تاريخ
دكة الكباش
أخبار متعلقة