المناضل عبدالوارث
في منزله البسيط المطل على مياه بحر العرب ، كانت مياه البحر تصفق بشدة على حجارة صيرة القلعة الرمز لكفاح الشعب اليمني وربما تزامن اضطراب هذه الامواج الصادرة مع آخر نفس لزميل النضال والكفاح المسلح ضد الغزاة الانجليز .. المناضل البسيط كبير القلب .. دائم الابتسام .. سعيد محمد الابي .. الذي كان يطلق عليه اسم حركي ألتصق به حتى اليوم "عبدالوارث".كان "عبدالوارث " رجلاً بسيطاً .. لايستطيع قلبه إلاّ أن يحب الآخرين .. لأنه يحب وطنه .. لذا فهو لم يخرج من حافته ( عدن) منذ الكفاح المسلح ومروراً بكل مراحل الثورة والاستقلال والوحدة .كان محباً للناس جميعاً لذا ظل منذ بدء الكفاح المسلح منسقاً وموفقاً بين الاخوة زملاء الكفاح والاستقلال والثورة والوحدة .وعبدالوارث الذي كان لايحب سوى السير على قدميه حتى آخر أيامه .. كان من أوائل المؤسسين للحركة الوطنية ، وكان عنصراً نشطاً مكافحاً ضد الغزاة وبدأ عمله السياسي بالالتحاق بحزب الرابطة .وكان له دور كبير في تأسيس الحركة النقابية ثم كان من أوائل الملتحقين بحركة القوميين العرب .. وبالتالي من مؤسسي ثورة الرابع عشر من أكتوبر .وكان يمتاز بقدرة مدهشة على خلق علاقات واسعة متميزة مع قطاعات مختلفة من الشعب .. مع العمال والطلاب والجنود والقطاع الفدائي والسياسي والنقابي .. لدماثة خلقه .. وعلوهمته .. وطيبة قلبه .. ونشاطه الدائم .كان الفقيد الكبير من مؤسسي لجان الدفاع لفك الحصار عن صنعاء خلال حصار السبعين يوماً وإن أروع أعماله قدرته على تزويد فروع القطاع الفدائي في الجبهة .. دون أن يكتشف ذلك الانجليز ..وحينما بدأ الانجليز البحث عنه ظل متخفياً داخل عدن دون أن يغادرها .. حتى يوم الاستقلال .كان الفقيد الكبير .. على نبض الثورة المستمر .. لم ينكسر لم يتخاذل .. لم ينهزم .. لم يتلون رغم كل مامر بالثورة والوطن .. وظل يدعو - حتى آخر لحظات حياته- حزبه الانفتاح والانطلاق والاعتراف بالاخطاء والتجدد .. وظل همزة التوفيق بين حزبه والسلطة داعياً الى نبذ الحقد والكراهية .. والدعوة لحب الوطن وحب الخير والبناء والنظر الى الامام دوماً .حتى آخر لحظات حياته كان مهتماً أيضاً بقضايا المناضلين وأسرهم وكان من مؤسسي منظمة مناضلي الثورة اليمنية وعضواً في المجلس العام للمنظمة وقد أسهم بكل مالديه من أجل تأسيس دائرة أسر الشهداء عام 18م وكان نائباً للدائرة عند تأسيسها .وظل طيلة حياته يتحسس مشاكل أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية ويعمل على السعي لحلها مع الجهات المسؤولة.. ويدعو الجميع الى البناء والفعل الجميل .رحم الله فقيدنا ( عبدالوارث) الذي مات وحيداً على مدخل صيرة .. حيث عبر الانجليز لأول مرة الى البلاد .. وسوف نظل نذكره دوماً .. لأن المناضلين الذين لايعرفون سوى حب الوطن.. يظل التاريخ يذكرهم الى الابد .رحمه الله وتغمده بواسع رحمته .* علي محمد الفاطمي