أضواء
بعد سنوات من الهجوم الإلكتروني الذي قاده متطرفون إسلاميون على الصحافة المحلية ومنسوبيها، يمكن ملاحظة شيء من التغيير هذه الأيام؛ المنسوب اليومي انخفض عما كان عليه.فالشتيمة والتحريض اقتصرتا على المناسبات، لا كما كان الحال بصفتهما وجبة يومية يلتهمها المتطرفون ويطعمونها أنصارهم. الحال السابق كان أشبه باستمتاع يقوم به المتطرف صباحاً «ومساء»، من جلد تلك الصحيفة، والتحريض على ذلك الكاتب، والأكثر إزعاجاً «ومثيرا» للقلق حينها، أنها تصادفت في ذروتها وذروة نشاط تنظيم «القاعدة» في البلاد. ولا شك أن المتابع العام كان يشعر بالخلط، وتظهر أمامه صورة غير واضحة المعالم تجاه ما يعمل ضد الصحف وكتابها. فهو يطالع تحريضا « إلكترونيا «يوميا»، وبكثافة غير مفهومة، من أشخاص يفترض بهم عدم العلاقة مع «القاعدة»، بحكم معلومية هويتهم، وفي المسار ذاته يلحظ تهديدا أمنيا « صريحا» ضد الصحافة وأهلها، والنجوم منهم تحديدا»، يقوم به التنظيم، وليس أجلى من ملامحه، مظاهر الأمن المحيطة بمقار المؤسسات الصحفية. الحاصل منذ نحو ثلاثة أعوام، أن تهديد التنظيم أخذ في التلاشي تدريجيا «من دون الإيمان التام بانقضائه مطلقا»، والأخذ في الاعتبار فرص عودته. وفي فشل محاولاته السبع لإعادة البناء والعودة للنشاط، دليل واضح على انحسار الخطر بشكل ملحوظ. وفي المقابل، استمر نشاط الفئة الأخرى، على وتيرته. ولا يمكن إهمال حقيقة قائمة، أن في التحريض المنتظم من متطرفين علنيين ومعلومي الهوية، ما يمكن الجزم على أنه تغذية لأفكار ومبادئ يقوم عليها تنظيم «القاعدة» في كسب شعبيته ومزاولة نشاطه. ما طرأ أخيراً، وبشكل واضح لمن يراقب نشاط المتطرفين على الإنترنت، أن انخفاضاً تدريجياً سجل في معدل الهجمات اليومية على الصحف المحلية. وهو ما بلغ في نتيجته الحالية إلى اقتصار الهجمات على المناسبات الخلافية. والخلاف محصور حول الاتجاه العام للصحافة المحلية والأفكار المتجاوزة لمسألة الحفاظ على ثوابت الدين. الواضح أن لا وجبات يومية يلتهمها المتطرف العام على الإنترنت في تعاطيه مع الصحافة. وعلى الصعيد ذاته لم تعد تلك الوجبات شهية حتى للجياع من أنصاره. وهو ما يمكن ملاحظته في انحسار التأييد الكاسح والتصفيق عند كل هجمة ينظمها متطرف. ما الذي جرى للمتطرفين حتى ينحسر تحريضهم وتخوينهم إلى درجة باتت واضحة؟ لا أجد إجابة حاسمة. الملل؟ هذا مستبعد، لأنهم كانوا يقومون بعمل يؤمنون بأنه واجب شرعي، وعمل جهادي لا يجوز الانسحاب منه. على أي حال، الإجابة متروكة لهم![c1]* صحيفة «الرياض» السعودية[/c]