القاهرة /14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية:أثار استخدام الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية ، المحاصيل الزراعية في إنتاج الوقود والطاقة وحرمان ملايين البشر من الغذاء الجدل في الأوساط العلمية وتباينت الآراء حول مفهوم العلم وارتباطه بالأخلاق وهل أصبح للعلماء الحرية المطلقة في أن يعبثوا بقيم وعقائد ومصائر البشر في ظل انتهاك العلماء خطوطا حمراء كان يجب عدم تجاوزها والسؤال الأكثر صعوبة لمن يعمل العلماء للدول التي ينتمون إليها أم لخدمة العلم والبشر كل هذه التساؤلات تم طرحها علىعدد كبير من العلماء . أكد العالم د.أحمد زويل وجود صلة قوية بين البحث العلمي والأخلاقيات ، معاناة البحث العلمي كثيرا في الماضي نتيجة للتصدي لنشاطاته ومنجزاته على أساس أنها لا تتفق مع الدين أو المعتقدات أو التقاليد ، ولكن البحث العلمي لم يتوقف ، وواصل تقدمه وخاصة في القرن العشرين ، والواقع أن البحث العلمي لايستطيع الانفصال عن هذه الاعتبارات غير العلمية ، وهو ما يدعو إلى ضرورة التواصل بين العلماء والباحثين ، وبين المشتغلين بشؤون المجتمع ، وما يسوده من أفكار ومعتقدات ، وسوف تكون القضية المثارة دائما هي إن كان من حق شخص ما أن يطالب العلماء بالتوقف إذا كان هناك احتمال أن تسبب بحوثهم ضررا واضطرابا بالمجتمع والإنسان ، بل والأحياء عموما وبالبيئة الطبيعية. وأوضح :إننا نعيش ثورة بيولوجية إلكترونية نتيجة التطور في علوم البيولوجي الذي ساند التطور المثير بحال في الإلكترونيات ، والذي بدأ بظهور الكمبيوتر الذي مكن علم البيولوجيا من التعمق إلي درجة بالغة في الجهاز الحيوي في الإنسان .وأضاف د . زويل: ويأتي في مقدمة البحوث العلمية في الخلايا البشرية والكروموزت وما تلاها من تعمق في فهم ما أطلق عليه > الدنا < وهو المادة الفعالة في الخلية البشرية ، والتي تحمل كل صفات الإنسان وموروثاته ، وقد دفع البحث العلمي في هذا المجال إلي التفكير في التحكم في الصفات الوراثية للكائن الحي، إلي حد إمكان نقل هذه الصفات وطبعها أو استنساخها في كائن آخر ، وقد بدأت هذه البحوث بالنسبة للنباتات والمحاصيل ، وانتقلت إلي الحيوانات كالنعاج والقرود: وهنا يثار التساؤل إن كان يجب أن تقيد حرية البحث العلمي مثل كل حرية بأخلاقيات معينة ، وخاصة ونحن نعيش في خضم هذه الثورة العلمية الهائلة ، وبالذات في مجال التكنولوجية العابرة للجينات والتي قد تؤدي إلي كوارث أخلاقية ، تهز القيم والمعتقدات ، وتخلط بين الإنسان والحيوان ، وتدخل المجتمع البشري في متاهات لا يدري أحد مداها ، فهل للمجتمع أن يعترض علي إجراء بحوث علمية يراها المجتمع ضارة به ؟ هذا ما يجب التوصل إلي إجابات قاطعة بشأنه. [c1]النظرية والتطبيق [/c]أما د. سهير لطفي رئيسة المركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة فتري أن البحث الاجتماعي يرتبط بواقع المجتمع ، ويشترط في الباحث الاجتماعي أن يمتلك الحنكة لاختيار ما يناسب المجتمع وثقافته ، والالتزام بالموضوعية والبعد عن التبعية الفكرية ، ومعرفة حساسية المهام النظرية والتطبيقية ، وكيفية الوصول إلي أنسب المناهج التي تتسم مع ظروف المجتمع ، وعلي الباحث أيضا ألا يزيف الإجابات ، ولايؤثر علي رأي من يقع عليهم البحث ، وأن يلتزم بالعينة المختارة للبحث ، وأن يحافظ علي سرية بياناتهم .والبحث العلمي لقضايا المجتمع يضعنا أمام عدة تساؤلات منها ما مدي اهتمام صناع القرار السياسي بنتائج البحوث الاجتماعية ؟ ومن الذي يمول هذه البحوث ، الدولة، أم نقبل بتمويل خارجي ؟ وما دور البحث في دراسة المشكلات المستقبلية للمجتمع؟ وهل يأتي دور الباحث ضمن رؤية الجماعة أو المؤسسة التي ينتمي إليها ؟ وتضيف د. سهير : أخلاقيات البحث الاجتماعي يقصد بها مسئولية الباحث تجاه السياسات الاجتماعية والمجتمع ، والجماعة العلمية التي ينتمي إليها ، والاتسام بالموضوعية البعيدة الانحياز وعدم الوقوف عند أحكام مسبقة ، وعلي الجامعات والمؤسسات الاجتماعية مراعاة الأمانة العلمية من خلال احترام استقلال هذه المؤسسات والتي يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن شبهة التمويل الأجنبي ، ويجب مراعاة الديمقراطية بين العلماء والطلبة ، ومراعاة المصلحة العامة، واحتياطات المجتمع والدولة والمواطن، والتنمية بصفة عامة وخاصة التنمية الاجتماعية ، وأخيرا يجب مراعاة التنسيق بين الهيئات البحثية حتي لا يحدث تكرار ، مع ضرورة متابعة الإنجازات العلمية ، والبدء من حيث انتهي السابقون .[c1]لا وجود للعلماء [/c]يقول د. محمود نصر أستاذ الهندسة الوراثية بجامعة المنوفية بمصر: كل المناهج تصب في خدمة المعرفة ، وأهم مجالات الأخلاق في البحث العلمي هي الأخلاق البيئية ، وقد شهد النصف الأخير من القرن العشرين تحول العلم إلي التقنية، بالإضافة إلي أنه لم يعد هناك علماء بالمعني المعروف ، العلماء تحولوا إلي مجرد مشتغلين بالعلم ، ربما من أجل المادة أو لأغراض شخصية ، ومعظم علماء القرن العشرين كانت بحوثهم وتجاربهم تصب في خدمة الحروب والدمار !! لأن العلماء أصبحوا مجرد تروس تعمل لخدمة أهداف المؤسسة أو الجهة التي يعملون بها ، البشرية ليست في حاجة إلي نظام عالمي جديد، ولكنها بالفعل في حاجة إلي نظام علمي جديد ، ومن المعروف أن العلم قدم كل الحلول التي تنتظرها مشاكل البشرية ، ولكن السياسة تقف في وجه تنفيذ هذه الحلول ، يكفي أن نعلم أن إنتاج العالم من الغذاء كاف لسد حاجة كل فرد في العالم ، رغم هذا هناك ملايين الجوعي !!ويشير د. نصر : لكن ما يبعث الاطمئان بعض الشيء أن منظومة القيم المستمدة من الدين متشابهة في كل أفراد العالم ، فالتقدم العلمي لم يمنع القيم الأخلاقية للمجتمع ، وآخر ما يحتاجه المجتمع هو أن يدخل في عداء مع العلم ·· والحديث عن الفروق بين البشر كما يزعم البعض وعن إمكانة سلاح يضر بشرا دون بشر أمر يفتقر إلي المعلومات، المعروف أن إسرائيل استعانت بخبرة جنوب إفريقيا العنصرية في محاولة لصنع مثل هذا السلاح ولكن المحاولة فشلت ، ويبقي الأمر من قبيل الدعاية للقوة الإسرائيلية ، فليس هناك فرق قاطع بين البشر ، ويكفي أن نعلم أن الفرق بين الإنسان والقرد لا يزيد عن 2 % فكيف يكون الفرق بين الإنسان والإنسان ؟ ! [c1]هل نؤمن بالإنسان؟ [/c]د. هاني الناظر رئيس المركز القومي للبحوث يقول العلوم الإنسانية ليست منضبطة مطلقا ، أشهد أن أخلاقيات البحث العلمي من أضعف ما رأيت ، وهذه المسائل ليست متعلقة بالباحثين بقدر ما هي متعلقة بأخلاقيات العلماء والمجتمع والسياسة ، ونحن لا نستطيع أن نعزل العالم عما يجري حوله في المجتمع ، ومن عدة أعوام أثيرت عاصفة حول التمويل الأجنبي للبحث العلمي وهل هو مباح ؟ وما ضوابط ذلك ؟ ويجرنا هذا إلي حقيقة مهمة هي أنه لا يوجد ميثاق أكاديمي أو حرية سياسية للبحث العلمي، وهذا أشبه بالكارثة، فالباحث بفتقر إلي التمويل والحرية السياسية فحتي البحوث في أمور عادية كالشعر ليست مكفولة للجميع.ويشير إلي أن الجامعات العربية تعاني من التبعية لبحوث الاستشراق ، ولو نظرنا إلي منتج الجامعات العربية في الربع قرن الماضي لوجدنا بوضوح هذه التبعية الاستشراقية، فاستقلالية هذه الجامعات مفتقدة ، ويكفي أن نعرف أن تزييف التاريخ العربي الحديث لا يقوم به أفراد بل مؤسسات ودول ، وهذا ما يجب علي المؤسسات الاجتماعية مواجهته ، فالتاريخ بكتب من وجهة نظر كاتبه وليس بما تمليه الضوابط الأخلاقية ، ووطنا العربي يفتقر إلي جمعيات ومؤسسات تحمي البحث العلمي ، كما أنها في بحثها عن أخلاقيات العلم تربط بين المجتمع والسياسة ، ومشكلتنا الحقيقية أننا نفتقد لتراكم العلم ولانتملك الجرأة لقول ما نريد.
|
اتجاهات
بعد استخدام الغذاء في إنتاج الطاقة.. البحث العلمي إلى أين ؟
أخبار متعلقة