لقد شكلت حياة العرب في الجاهلية إرهاصاً لولادة دورهم الحضاري الكبير الذي بدأ بظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، ولعل أهم الأوضاع التي مهدت لنقلتهم الحضارية المهمة ان موطنهم يقع في منطقة تتوسط خطوط المواصلات بين الشرق والغرب، وأن طبيعة بلادهم الصحراوية جعلتها بمنأى عن أية أطماع دولية، وان القوافل التجارية البرية كانت تخترقها نحو الخليج والرافدين والمنطقة السورية بشكل دوري مستمر، إلى جانب الهجرات السكانية الداخلية سعياً وراء الماء والكلأ، وما تؤدي إليه تلك الهجرات مع مرور الزمن من تجانس وتقارب بين السكان. ولقد أدى ظهور الإسلام في جزيرة العرب إلى نشأة الدولة العربية الكبرى، لانه جمع العرب على دين واحد هو الإسلام، ووحد ألسنتهم على لهجة واحدة هي لهجة قريش التي نزل القرآن بها، وجعلهم أمة واحدة بعد أن كانوا قبائل متفرقة يغزو بعضهم بعضاً، ودعاهم إلى حمل رسالة سماوية ينشرونها في بقاع الأرض بعد ان كانوا في ضلال بعيد. وكان لنزول القرآن الكريم باللغة العربية، وما تبعه من السنة النبوية، أن ظهرت مجموعة من العلوم الجديدة التي لا عهد للعرب بها من قبل، منها: علم التفسير، علم الفقه، علم مصطلح الحديث، علم الكلام، علوم البلاغة العربية، علم الصرف والنحو، وغير ذلك.ومع الفتوحات العربية في الشام والعراق ومصر والمغرب والاندلس، أنتشرت اللغة العربية لتهافت الداخلين في الإسلام عليها، رغبة منهم في التعرف على تعاليم الدين الجديد، ثم أصبحت اللغة العربية هي اللغة الرسمية للخلافة الإسلامية المترامية الأطراف، ولغة كل علم وأدب وفن. وإذا كان أجدادنا قد بنوا لنا ذلك الصرح المجيد، وخلفوا لنا تراثاً ثقافياً نعتز به، فإن من واجبنا نحن اليوم ألا نعيش على أمجاد عربية جديدة تستند إلى الماضي، وتأخذ من الحاضر، وتحفظ وجه العرب المشرق عبر التاريخ متمثلين بقول الشاعر : لا تقل أصلي وفصلي أبداًً إنما أصل الفتى ما قد حصل وقول الشاعر : وخير الناس ذو حسب قديم أقام لنفسه حسباً جديداً [c1] الأستاذ/ عادل الخضر إعداد/ شعبة اللغة العربيةثانوية عبدالباري قاسم[/c]
العلم والشباب
أخبار متعلقة