يبدو أن شريحة لا بأس بها من المسلمين قد بدأت تتبنى القناعة التي تقول إن رفض تنظيم القاعدة فكرا وممارسة لا يتعارض بالضرورة مع انتقاد السياسات الاميركية في المنطقة والإعلان الصريح عن رفضها عندما تتعارض مع مصالحنا.فهذا التنظيم تحول من حيث لا يدرك الى خطر على أمن واستقرار العالم الاسلامي وبات اليوم يجلب من الفتن باسم حماية الدين والعقيدة ما يكفي لابقاء المسلمين في دوامة الصراعات والحروب لعقود طويلة قادمة.وحتى لو سلمنا جدلا بحسن نوايا التنظيم فإن منظريه الفكريين رأوا بلا شك ان كل ما فعله منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر هو النفخ في نار النزاعات في غير بلد عربي واسلامي وتوفير الظروف المناسبة لغزو دول عربية واسلامية والتضييق على اخرى.لو حكَّم القاعديون عقولهم للحظات لاكتشفوا انهم يعملون ضد جميع مقاصد الله الشرعية في الارض، فجعل المسلم يخشى على حياته وأمنه في بلده والعمل على تحويل حياة الناس الى قتال ودم على مدار الساعة ليس من سنن الخالق الذي أوصى بالحكمة قبل السيف وذكّر المؤمنين بأنه فرض عليهم القتال وهو كره لهم.هل يعتقد اسامة بن لادن ومن سار على دربه ان قتل مسلمين آمنين في الجزائر والاردن والسعودية واليمن والمغرب وافغانستان وباكستان والعراق وغيرها الكثير هو مما يتقرب به الى إله الرحمة؟ وهل يرون حقا ان تفجير القطارات ومحاولة اسقاط طائرات مدنية تضم مدنيين من مختلف جنسيات الارض هو التفسير العملي للآية التي تقول «من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا»؟وهل يؤمنون بأن ما يريده اكثر من مليار مسلم يتوزعون في مشارق الارض ومغاربها ان يوصموا بالارهاب اينما حلوا أو ارتحلوا وهم الذين يفقدون احبابهم بسبب نفس هذا الارهاب؟!ليس القصد بالطبع اخلاء مسؤولية الولايات المتحدة واسرائيل ودول اخرى مما تشهده المنطقة من صراعات ونزاعات فهي تتحمل مسؤولية كبيرة بلا شك ولا احد يطالب بأن يبقى الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين دون مقاومة اذا اتضح ان عملية السلام مجرد واجهة لنهب ما تبقى من حقوق الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان لكن القاعدة حولت رصاصها الى صدور المسلمين وبدأت تبرع في خوض المعارك الفرعية التي تسلب ما بقي من أمن وتهيئ الارضية الخصبة للمزيد من الانقسام والتناحر الداخلي.الاسلام يقول انه ثقافة حياة والقاعدة وغيرها من التنظيمات المتطرفة تصر على تحويله الى ثقافة موت عبثي.. «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».[c1]* عن/ صحيفة ( الوطن ) القطرية[/c]
