( 14 أكتوبر) تسلط الضوء على قضية تدهور العلاقة بين الآباء والأبناء واختفاء لغة الحوار في الأسرة
تحقيق/ أحمد كنفانيالأسرة هي أساس المجتمع والآباء هم القدوة والمثل الأعلى للأبناء، وقد أوصى الإسلام الأبناء بالآباء خيراً وأقر لكل منهما على الآخر حقوقاً وواجبات ، وهو ما لم تقره أي شريعة أخرى.ولكن من الملاحظ في الفترة الأخيرة تدني العلاقة بين الآباء والأبناء وازدياد الفجوة بينهم واختفى الحوار داخل الأسرة ، وتحول إلى صراع واتهام كل طرف للآخر بأنه هو المسؤول عما يحدث وربما ذلك قد يهدد أمن واستقرار المجتمع.(14 أكتوبر) تتناول هذه القضية الشائكة من كافة الزوايا وتستعرض أهم عواملها وأسبابها وتتعرف على وجهة نظر الأطراف والمتخصصين فإلى الحصيلة :[c1]الحوار المفقود[/c]بدءاً يقول محمد فؤاد محمد طالب في المرحلة الثانوية :أعيش كل يوم في مشكلات متواصلة مع الأسرة لأن الحوار مفقود داخل الأسرة خصوصاً حول المشاكل والمتطلبات التي أرغب بتحقيقها لأن والدي منشغل طوال اليوم ولا يعود إلينا إلا مساء و “يخزن” ولا يستمع إلى أحد ودائماً يعتبر رأيه هو الصواب ورأي بقية أفراد الإسرة هو الخطأ، لذا لا أجرؤ على الحديث معه ومن وجهة نظره أننا ما مادمنا نأكل ونشرب مما يكسبه فهو بذلك يكون قد أدى ما عليه من حقوق تجاهنا وهذا ما يجعلني على اختلاف دائم معه واضطر في بعض الأحيان إلى أن أترك المنزل للمبيت عند جدي وجدتي.وتشاطره الرأي فاطمة عبدالقادر طالبة فتقول : والدي دائماً يقول : (أكسر للبنت ضلعاً يطلع 24 ضلعاً)، لذلك أي خطأ مني ولو بسيطاً أعر ف أنني سأتلقى منه عقاباً شديداً حتى أصبحت حياتي عذاباً.. وإذا تعرضت أو واجهت أي مشكلة لا ألجأ إليه أو أصارحه خوفاً من الضرب أو الإهانة..[c1]التناقض في الرأي[/c]أما فوزية فؤاد فتقول : بالرغم أن والدي ولله الحمد لديه الكثير من المال ولكنه بخيل جداً ويتهمنا دائماً بالبذخ مع أننا نعيش حياة تقشف ويظن أن أي نقود يتم إنفاقها ستعرضه للإفلاس، لذلك لا يوفر لنا حتى أدنى المتطلبات، مما يجعلني أكذب عليه في بعض الأشياء المتعلقة بالمال أو رفع السعر عند شراء أي طلب حتى أحصل على المال لتلبية احتياجاتي.ويشكو محمود الصلاح قائلاً : “والدي” أدخلني كلية لا أرغب فيها ويدع أن مستقبلها مضمون وأنني ما زلت صغيراً على الاختيار ولا أعرف مصلحتي وفشلت في عامين دراسيين على التوالي مما جعله يتهمني بالفشل وحرمني من المصروف وطردني من المنزل أكثر من مرة وصارحته بأنني لا أرغب في الالتحاق بهذه الكلية ولكنه مصر عليها وهددني بطلاق والدتي إذا رسبت هذا العام مرة أخرى..شكري عبد الخالق يقول : والدي غني جداً وينفق علينا ببذخ شديد ويوفر لنا كل متطلباتنا ولكننا لا نرى صورته إلا في المناسبات والأعياد ولا يجلس معنا كونه دائماً مشغولاً وفي سفريات متواصلة ويظن بهذا أنه أدى واجبه وأن الإغراءات المالية تكفي لإخضاع عقولنا وتسييس تصرفاتنا.و هذا ظلم فنحن نريد آباءنا ولا نريد فلوسهم فالحنان والعطف لا يشترى بالمال.كل ما نطلبه أن يكون والدنا معنا داخل الأسرة نشتم رائحته ونسمع لنصحه ونخضع لأوامره لأن ظل الأب أقوى من ظلال الشجر.ويتفق معه أحمد الجاسر قائلاً : أبي طبيب ودائماً في المستشفى صباحاً في مستشفى حكومي ومساء في مستشفى خاص وعندما يكون موجوداًيصرخ ويهدد وينتقد فهو يريد كل شيء مضبوطاً 100% وإذا وجد شيئاً معوجاً يقيم الدنيا ولا يقعدها.. ولا نستطيع أن نحاوره أو نناقشه ولا يمنحنا حرية الكلمة، لا من أجل الرد عليه ولكن من أجل أن نعرف أخطاءنا إن أخطأنا..ويستغرب أحمد من تصرفات والده لأنه طبيب ومتعلم ومثقف يمكن أن يجيد لغة الحوار مع أبنائه ويتعامل بأسلوب نفسي وأسلوب تربوي لأنه يعتبر من النخبة المثقفة؟!من جهتها تقول فاتن معتور : أمي تثور لأتفه الأسباب وتضخم الأمور وتشعلها ناراً ولا تقبل أي خطأ أو عذر وتريد المثالية في كل شيء قولاً وفعلاً. وكثيراً ما تقارن بين جيلهم وجيلنا وتتهمنا بعد الاحترام والاتكالية وعدم تحمل المسؤولية وكل يوم تتسع الفجوة بيني وبينها لاختلاف المنطق فهي لا تريد أن تنزل إلى مستوانا الفكري.[c1]حقوق مهدرة[/c]وتحدث محمود فاضل ومناجي صغير وعزي واصل وعوضة فاتح وصالح سعيد وجدناهم على قارعة الطريق المؤدي إلى حرض يبيعون المناديل والفل والياسمين والسجائر والماء للزائرين والوافدين إلى المنطقة : نقوم بالعمل بينما آباؤنا في المنازل، منهم المقعد والعاطل والكفيف و... واضطررنا للعمل مجبرين ومنا من يريد أن يتعلم، ولكن لا نجد التشجيع من آبائنا وأمهاتنا باعتبار أن الدراسة تحتاج إلى نفقات وأسرنا بحاجة إليها بينما نجدهم ينفقونها في شراء القات والتدخين غير مبالين بتحقيق ما نتمناه ونفكر بالهرب نتيجة ما نجده من معاملة سيئة وظالمة من أولياء أمورنا.[c1]المواجهة[/c]وقد رأينا من الموضوعية مواجهة الطرف الآخر وهم الآباء والأمهات لمعرفة وجهة نظرهم :يقول موسى حسن - موظف - : لدي أربعة أبناء وخمس بنات وجميعهم لا يعجبهم أي شيء ودائماً يعترضون.. كل ما يهمهم مصلحتهم وتلبية رغباتهم، كيف؟ هذا السؤال لا يهمهم..يعتقدون أن كل شيء يمكن الحصول عليه بسهولة وأن رأيهم هو الصواب..ويتفق معه عبد الستار زعفور وأحمد حيدر موظفان بالقول : وأن الأبناء يريدون كل شيء وكلما حققت لهم أمنية أو مطلباً أو شيئاً ظهر غيره إلى جانب عدم الصدق والمصارحة معنا.. فهم أكثر صراحة مع أصدقائهم رغم أننا دائماً نفتح الحوار معهم حول أي مشكلة أو أزمة ونسألهم عما إذا كانوا يعانون من أي شيء فتكون الإجابة لنا: لا وللأصدقاء : نعم، ولا نعرف لماذا؟.[c1]موضع الاتهام[/c]بينما يرى الأخوان/ داود العريقي وخالد يونس : أن الآباء دائماً موضع اتهام من الأبناء، فإذا لم تلب طلبه ألصق بك الاتهام وأنك ظالم إذا لم تسمح له بتنفيذ ما يريد حتى ولو كان خطأ يتهمك بالبخل إذا رفضت شراء أي من الحاجات الكمالية “تلفون سيار” مثلاً نحن من وجهة نظرهم لسنا بآباء والعقبة التي تقف أمامهم لتحقيق متطلباتهم وكتب حرياتهم كما يقول جيل آخر زمن.ولكم كنت أتمنى لو عاش هذا الجيل الفترة التي عشناها بقيمهم وسلوكهم الآن.. فتخيل ما كان ليحدث؟أما عبد الرحمن أمين - موظف - يقول : أعمل ليل نهار وكأنني دابة تدور حول ساقية حتى أستطيع أن أوفر لهم متطلباتهم والحفاظ على المستوى المعيشي الذي يرضيهم ولكنهم يناقضون أنفسهم بقولهم : إننا نريد حنانك وعطفك وجلوسك معنا وفي الوقت نفسه متطلباتهم في تزايد مستمر ولا أحد فيهم يبحث عن عمل رغم تخرجهم من الجامعات فهم مصابون بمرض الاتكالية وعدم المسؤولية ولا يعرفون كم من الجهد والإرهاق الذي نكابده ونتعرض له لتوفير احتياجاتهم وإشباع رغباتهم.[c1]العلاقة الوطيدة[/c]وفي ظل الاتهام المتبادل بين الآباء والأبناء كان لابد من عرض هذه القضية على بعض المتخصصين :يرى الأخوان/ طارق النجار - والدكتور/ محمود الحسن - اختصاصي طب أطفال العلاقة بين الآباء والأبناء علاقة روحية وطيدة ولكل منهم حقوقه وعليه واجباته التي أمرنا الإسلام بإتباعها ولكن في الفترة الأخيرة ساءت العلاقة بين الآباء والأبناء وانقلبت رأساً على عقب لأسباب عديدة منها حسب وجهة نظره البعد عن كتاب الله عز وجل وسنة رسوله وغياب التربية الإسلامية على المجتمعات الغربية ما أوجد ظاهرة التقليد الأعمى للغرب بما فيه تمرد الأبناء على الآباء تحت دعوى الحرية وترك الآباء أبناءهم وقسوة قلوبهم كل ذلك يتم عن طريق وسائل الإعلام التي تركز على الجوانب والقيم السلبية وتدهور العلاقة بين الأسرة المسلمة التي هي أساس المجتمع وينذر بكارثة فحتى أقرب وأشد العلاقات توحداً انهارت وهي عملية مستهدفة من قبل أعداء الإسلام لذلك نحن ندق ناقوس الخطر وننادي بضرورة العودة إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى اله عليه وسلم وعودة التربية الإسلامية وتفهيم كل من الآباء والأبناء حقوقهم وواجباتهم حتى تعيش الأسرة في سعادة وود دائمين.[c1]الأنانية[/c]بينما يؤكد صالح حسن مهدي مأذون شرعي : أن هناك خللاً داخل الأسرة فالأنانية سيطرت والأب والأم في عملهما ولا أحد يهتم بالأبناء ويحل مشكلاتهم ما يؤدي إلى تضخم هذه المشكلات ولسبب الإهمال والمعاملة السيئة قد يلجأ الأبناء إلى الإدمان أو الانحراف لأن تعامل الأهل معهم باستمرار هو عن طريق الرفض والشجب والتأفف من السلوك ويصل أحياناً إلى الضرب والطرد من المنزل هذا لا يحل المشكلة إنما يضخمها - أيضاً التطور في وسائل الإعلام أدى إلى مزيد من العزلة بين أفراد الأسرة فقديماً كانت الأسرة تلتف حول المائدة وغيرها تناقش كل المشاكل في بيئة مليئة بالحب والحنان وعدم الانشغال وتطور وسائل الاتصال من تلفاز وفيديو وانترنت وهاتف أدى إلى انشغال كل فرد بوسيلته المفضلة ونتيجة لذلك اختفى الحوار داخل الأسرة وانعزل الأبناء عن الأهل واتسعت الفجوة بينهم، فالأبناء يضخمون المشاكل ويعتبرون كل شيء مهم - الأهل يرون أن ذلك شيئاً تافهاً، لذا لابد من العودة إلى التفاهم والحوار بين الأسرة والمهم ليس العطاء المادي فقط، وإنما العطاء المعنوي ويشمل العطف والحنان والتفاهم..