دور المجتمع المدني في صناعة القرار
عمر السبع ستطيع المجتمع المدني أن يلعب دوراً رائداً في العديد من مجالات الحياة العامة، مستنداً إلى تأثير المنظمات المتخصصة للأمم المتحدة في ضغطها على الدول في إرساء الاحداثيات الكبرى للثقافة المدنية الحديثة.. وإن الدول التي تتبنى النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان تدرك تمام الإدراك إن هذا التوجه ما هو إلا وجه آخر لبناء مجتمع مدني سليم وناضج.. فاليمن قد أفسحت مجالاً واسعاً للمنظمات غير الحكومية في المشاركة الفاعلة في التخطيط والتنفيذ ومتابعة التقييم في إطار منسق ومتكامل.وقد امتلكت منظمات المجتمع المدني الديناميكية والفاعلية المطلوبة لممارسة دورها في المناصرة والتوعية بين أوساط المجتمع، وفي وضع الخطط وتنفيذ المشاريع بالتنسيق مع الجهات المحلية والحكومية والإحساس بامتلاك مشاريع التنمية والمساهمة في صناعة السياسات وإتخاذ القرارات، بل ورسم السياسات العامة للدولة في إطارمجموعة المتغيرات الدولية والإقليمية وبما اعتمدته الحكومة اليمنية لمفهوم الشراكة. إن منظمات المجتمع المدني الفاعلة هي تلك التي تعمل لخدمة مجتمعها أكثر من خدمة من يشاركون ويعملون فيها، وتقدم للمجتمع المزيد من الخدمات ذات الجدوى، لتجعل المجتمع يتقدم خطوة إلى الأمام، في ظل تعثر عمليات التنمية وتفاقم المشكلات في النسيج والمحيط الاجتماعي، للدول النامية عموماً..لقد فرضت قضية البيئة نفسها كقضية محورية وتزايد الاهتمام بها عقب انعقاد أول مؤتمر عالمي للبيئة في استكهولم عام 1972م باعتبارها مفهوماً يشير إلى المكان الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر. ولقد برزت رؤى جديدة تتجاوز المفاهيم التقليدية لعملية التنمية وبناء نموذج إنمائي جديد وفق اعتماد منهج الشراكة بين المؤسسات الحكومية والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية والمدنية، وذلك بهدف نجاح عمليات التنمية واستدامتها في إطار المتغيرات العالمية.إن الجمهورية اليمنية طفقت منذ حقبة التسعينات من القرن الفارط الاهتمام بحماية البيئة فشكلت مجلس لحماية البيئة وتم تطويره إلى هيئة ومن ثم القيام بتشكيل وزارة المياه والبيئة وأفسحت المجال للمنظمات المدنية للشراكة الحقة في تطوير مفهوم البيئة وتشكيل الجمعيات المدنية في مجالات البيئة المختلفة، بهدف حماية البيئة وتحقيق توازنها الطبيعي، والقيام بأعمال الوعي البيئي للمواطنين والتركيز على إقامة الورش والندوات العلمية للتعريف بالمخاطر البيئية وأساليب معالجة هذه المخاطر والإشكاليات.إن الشراكة المجتمعية ودور المنظمات المدنية لا يعني غياب الدولة أو تخليها عن دورها الأساس في التنمية وحماية البيئة، بقدر ما يعني جعل المواطن أكثر وعياً وإدراكاً لأولويات احتياجاته ومشاكله، فضلاً عن تنمية الشخصية الإيجابية اللازمة للتنمية المستدامة.. وقد أسهمت الجمعيات المدنية في محميات الأراضي الرطبة التي تعتبر موئلاً حيوياً للطيور المهاجرة والطيور المستوطنة، كما أن محمية الحسوة التي تتغذى بمياه المجاري الصحية ساهمت في زيادة الرقعة الخضراء وشكلت مصدات للرياح المحملة بالأتربة.. وهناك جمعيات نشطة في المجال الجيولوجي والتوعية.. وجمعيات نشطة في الحد من الغازات المؤثرة على طبقة الأوزون..ومنظمات مساهمة في الحد من التلوث الهوائي.. وأخرى تهتم بالمحميات الطبيعية، فضلاً عن مساهمة هذه المنظمات المدنية مع البرامج الوطنية كالبرنامج الوطني للتكيف مع المتغيرات المناخية..لقد اعتمدت الحكومة اليمنية مفهوم الشراكة واقرته في برامجها واستراتيجياتها التنموية، وأصبح حضور المجتمع المدني ضرورة سياسية وإنمائية في آن واحد.وإن منهج الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني هدفه تكثيف النشاط الموجه للتخفيف من مخاطر البيئة ومسبباتها سواء عن طريق التشريعات القانونية ومراقبة آلية تنفيذها أو من خلال رفع الوعي البيئي في المجتمع باستخدام وسائل الإعلام المختلفة أو عن طريق الورش والندوات العلمية، وكذا القيام بالبحوث والدراسات التخصصية في مجال البيئة واستخلاص الدروس استناداً إلى القياسات العلمية والمخبرية، لما من شأنه تحقيق التوازن البيئي والتنمية المستدامة..