فيما يشتد القتال بين الإسلاميين وأمراء الحرب
مقاديشو / 14 اكتوبر / متابعاتتواصلت يوم امس السبت على نحو دموي ومدمر معارك السيطرة على العاصمة الصومالية مقاديشو لليوم السابع على التوالي بالاسلحة الثقيلة بين ميليشيات المحاكم الاسلامية وميليشيات التحالف الوطني لارساء السلم ومكافحة الارهاب ، فيما فر الآلاف من سكان العاصمة الصومالية مقديشو من ديارهم بعد يوم طويل من القصف المدفعي المتبادل بين مليشيات إسلامية وبين ميليشيات تحالف أمراء الحرب ، وسط أنباء افادت بأن دوي إطلاق النار وقنابل الهاون لا يزال يسمع بكثافة في أنحاء العاصمة الصومالية ، وخاصة في احياء سيسي والحرية وواهاردا ويقشيد ، بالتزامن مع وجود حشود كثيفة لميليشيات طرفي النزاع في مناطق متجاورة مما يزيد احتمالات وقوع اشتباكات. في هذا السياق تحدثت تقارير صحفية عن نزوح اعداد كبيرة هربا من القتال الذي يشتعل ، في الأجزاء الشمالية من العاصمة إلى مناطق خارج العاصمة وإلى القرى الريفية القريبة أو إلى أجزاء أخرى من العاصمة لم تنتشر فيها بعد العمليات القتالية ، مشيرة الى أن الفارين ـ ومعظمهم من النساء والاطفال والعجزة ـ لا يتوفر لهم أي شئ وإنهم يعتمدون على أنفسهم وعلى أقاربهم ، بالاضافة الى اعتمادهم ايضا على الإمكانات المحدودة للمنظمات الأهلية التي قد لا تتجاوز توفير مياه الشرب ، فيما قالت مصادر طبية ان الحصيلة قد تكون اكبر بكثير لان عناصر الميليشيات يعمدون الى دفن قتلاهم خلال الليل لتفادي كشف خسائرهم " ، لكن الضحايا المدنيين يمكن مشاهدتهم" بحسب شهود عيان . واستبعدت تقارير محايدة ان يكون الطرفان المتناحران يستهدفان المدنيين في اعمالهم القتالية مباشرة، لكن معظم الناس يقتلون برصاص طائش وقذائف هاون او رصاص من بنادق رشاشة يخترق منازلهم المتصدعة" ، مشيرة الى ان سبعين في المئة على الاقل من سكان الاحياء الاكثر تضررا بالمواجهات غادروها وكان الطرفان المتقاتلان خاضا مواجهات مسلحة في شهري فبراير ومارس من العام الجاري 2006 لكن المواجهات التي تجري منذ اسبوع هي الاكثر دموية، وتشكل احدى المعارك الاكثر عنفا منذ بداية الحرب الاهلية في الصومال عام 1991م.الى ذلك قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان إن الأخير دعا "جميع الأطراف المتقاتلة إلى وقف فوري لإطلاق النار" ، مشيرا ً الى أن عنان أعرب عن شعوره العميق بالقلق إزاء تقارير عن زيادة حدة الاشتباكات في مقديشو. من جانبه اعرب الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يوم امس السبت عن اسفه لاستمرار سفك الدماء في الصومال، العضو في الجامعة العربية، ووصف امراء الحرب الذين يخوضون معارك في شوارع العاصمة مقديشو بانهم "ارهابيون" ، مشددا على ان الحل الوحيد للخروج من المازق الحالي في الصومال هو "دعم الحكومة المختارة ديموقراطيا وتمكينها من تعزيز دورها والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه ان يعيد الصومال مرة اخرى لدائرة الحرب". على الصعيد نفسه وجه رئيس البرلمان الانتقالي في الصومال شريف حسن شيخ عدن نداء جديدا للتهدئة وقال للصحافيين في نيروبي عاصمة كينيا المجاورة للصومال "اناشد الجانبين في مقديشو التحلي بروح انسانية ووقف الحرب". وكان محققو الأمم المتحدة قد اثاروا المخاوف من وقوع هجمات إرهابية جديدة في شرق أفريقيا، حيث قالوا إن صواريخ أرض- جو ربما تم تهريبها مؤخرا إلى الصومال لاستخدامها ضد بلدان مجاورة ، حيث افادت تقارير دولية ان الهجوم الذي وقع في مومباسا بكينيا في نوفمبر2005 الماضي تم تدبيره انطلاقا من اراضي الصومال الواقعة تحت سيطرة الجماعات الاسلامية المتطرفة. وقد تضمن تقرير للأمم المتحدة هذه المعلومات، ومن المقرر أن يرفع التقرير قريبا الى مجلس الأمن الدولي . ويتردد أن التقرير مفصل ويحمل تحذيرات خطيرة، حيث يقول محققون دوليون إن ثمة مهربين يستغلون قوارب وطائرات صغيرة لتهريب أسلحة إلى الصومال، مشيرا الى أن ثمانية أنظمة صاروخية، تعتبر صيدا ثمينا للإرهابيين، يرجح أنه تم تهريبها إلى الصومال هذا العام وحده. وكان قد تم الاستعانة في الماضي بقوارب سريعة لتهريب أسلحة بطول الساحل الصومالي .وتعتقد الأمم المتحدة أن الهدف من تلك الصواريخ، التي تطلق من على الكتف، فضلا عن أنظمة مضادة للدبابات وعبوات ناسفة، هو استغلالها في شن هجمات في بلدان مجاورة مثل كينيا . كما تقول تقاريرالأمم المتحدة إن الصومال لعبت دورا هاما في الهجمات التي نفذتها القاعدة في نوفمبر الماضي في مومباسا بكينيا، حيث استخدم الإرهابيون اراضي الصومال كقاعدة انطلاق وممر خلفي للهرب بعد تنفيذ الهجمات. وتشير التقارير إلى أن أربعة عناصر إرهابية على الأقل ما تزال في الصومال، بينما عاد آخرون إلى كينيا. وينتقد تقرير الأمم المتحدة عدة بلدان من بينها إثيوبيا وإريتريا لإخفاقها في التعاون مع التحقيق الدولي. غير أن التقرير قال إن بلدان الجوار بدأت تظهر احتراما أكبر للحظر الدولي المفروض على تصدير السلاح للصومال. فبعد مرور أكثر من عقد على الصومال دون وجود أي حكومة فعالة به، ما يزال البلد الواقع في القرن الأفريقي في أيدي أمراء حرب وعشائر متناحرة. وقد أشارت الولايات المتحدة إليه تحديدا كهدف رئيسي في حربها ضد الإرهاب ، حيثث تشتبه اجهزة الاستخبارات الغربية في ان المحاكم الاسلامية في مقديشو التي يتصاعد نفوذها منذ عام 2004 ترعى متشددين مسلمين، بعضهم مرتبط بتنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن. وتشير تقارير إلى ان عملاء بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) زاروا الصومال حديثا، غير أن مصادر أمنية تقول إنه من المفهوم أن أمريكا قامت بتأجير ميليشيات محلية لخطف المشتبه في أنهم من العناصر الإرهابية وتسليمهم إليها.على صعيد متصل قالت مصادر اميركية ودبلوماسية في المنطقة ان تحالف ارساء السلام ومكافحة الارهاب الذي انشئ لوقف تزايد نفوذ المحاكم الاسلامية، تلقى منذ انشائه في فبراير الماضي دعما ماليا من الولايات المتحدة في اطار العمليات السرية لمكافحة الارهاب. وأوضح بيان أصدرته سفارة الولايات المتحدة في نيروبي ان "القلق الأمريكي البالغ إزاء القتال المندلع في مقديشو الذي يحصد أرواح الأبرياء"، ودعا إلى "وقف القتال بشكل فوري". كما نفى السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، اتهامات اتحاد المحاكم الإسلامية بأن واشنطن تزود تحالف أمراء الحرب بالسلاح. لكن مسؤولا أمريكا بارزا مختصا بالشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية الأمريكية قال إن الولايات المتحدة تعمل مع أطراف صومالية واقليمية لم يحددها من اجل منع الصومال من ان يصبح ملاذا آمنا للإرهابيين.