أقواس
أثمار علي هاشمكان للمرأة في عدن دور بارز في مجالات عدة فعلى الرغم من أن عدن كانت تقع تحت السيطرة البريطانية إلا أن المرأة العدنية استطاعت الاستفادة من ذلك الوضع وهو التنوع والتمازج الثقافي الذي سببه انفتاح هذه المدينة على العالم كما أن إنتشار التعليم في عدن الذي كان بشكل (معلامات) ساعد الفتاة العدنية على تلقي العلم والمعرفة وإن كان بشكل بسيط يتمثل بحفظ القرآن وتعلم الكتابة وما أعقب ذلك نشوء المدارس الأهلية مثل مدرسة (نور حيدر سعيد) التي أسستها عام 1925م.وفي اربعينيات القرن الماضي ظهرت الدعوة إلى تعليم البنات لإصلاح أوضاعهن الاجتماعية وكان محمد علي لقمان هو من أطلق تلك الدعوة وهكذا مرت مراحل تعليم الفتاة في عدن بمراحل عدة حتى استطاعت الوصول إلى مرحلة التعليم الثانوي في الخمسينيات وفي هذا الوقت ازدادت ثقافة الفتاة العدنية كما ازداد إدراكها لكل ما يحيط بها من أحداث خصوصاً الحركات التحررية التي كان يشهدها العالم العربي في ذلك الوقت وعندما قامت ماهية نجيب في عام 1960م بتأسيس مجلة »فتاة شمسان« كانت تلك المجلة تعد انجازاً حقيقياً للمرأة كونها أول مجلة نسائية في شبه الجزيرة العربية وكانت صفحاتها تناقش قضايا تعليم المرأة وأوضاعها الاجتماعية وإلى جانب هذه المجلة كانت توجد في عدن عدد من الصحف الأهلية التي برزت من خلالها العديد من الأقلام النسائية التي كانت تكتب في تلك الصحف بشكل دوري أو ثابت مثل رضيه إحسان التي كانت تكتب في صحيفتي البعث والعمال اللتين خصصتا أعمدة للمرأة كما أشرفت هانم جرجره على ركن المرأة في صحيفة اليقظة وكتبت عن تعليم المرأة والعمل ومشاركتها في المجتمع وهكذا توالت الكتابات النسوية في الصحف الأهلية وكان البعض منهن يكتب بأسماء مستعارة والبعض الاخر بأسماء حقيقية وإجمالاً فإن المتطلع إلى الكتابات النسوية في ذلك الوقت يلحظ مدى الوعي والثقافة لدى الفتاة العدنية إضافة إلى جرأة المواضيع وعقلانية المناقشة وهكذا شكلت تلك الصحف منبراً حراً للنساء والفتيات للتعبير عن أفكارهن والقضايا اللاتي تشغلهن وبذلك فتحت الكتابة الصحافية للفتاة باباً آخر يتمثل بنشر القصص القصيرة وقد ظهرت في ذلك الوقت قاصات برعن في هذا الفن مثل شفيقة زوقري وسامية محمود وغيرهن وكانت قصصهن تعبيراً عن الحالة الاجتماعية التي كانت تعيشها المرأة في ذلك الوقت والعلاقة العاطفية بين المرأة والرجل وهكذا كان ظهور قاصات يمثل كسراً لما هو مألوف عن الصورة النمطية للمرأة كما أنها نبهت العديدين نحو سلوكيات تمارس ضد المرأة باسم العادات والتقاليد وهكذا توالي ظهور قاصات على الساحة اليمنية وتحديداً في عدن كما أن ادماج المرأة في العمل بكافة مجالات الحياة المختلفة ساعدها على التنوع في موضوعات قصصها.واليوم بعدما أصبح التعليم متاحاً أمام الفتيات وأزداد وعي الأهالي بأهمية التعليم نجد أن هناك تضاؤلاً كبيراً من قبل الفتيات على الولوج في عالم الأدب فلم نعد نسمع عن كاتبات شابات سواء كان في مجال القصة القصيرة أو الشعر علماً بأن هذا الطريق قد أصبح معبداً بفضل من سبقهن والذين توقفوا عن الكتابة لأسباب لا أحد يعرفها سواهم والذين ربما لو قدر لهم الاستمرار لكنَّ احتلين مكاناً بارزاً في عالم الأدب اليوم. لذلك يبقى السؤال الملح على أذهاننا والذي نريد بحق أن نجد له جواباً هو لماذا تحجم الفتاة عن كتابة القصة أو الشعر وبالتالي عن الحضور على الساحة الثقافية؟! لماذا تظل الكثير من المحاولات النسوية في الكتابة حبيسة الأدراج دون أن تعرف طريقها للنشر؟!