في أحاديث لمسؤولين عرب مختصين بقطاع الأسماك :
صنعاء/سبأ: أكد عدد من المسؤولين العرب المختصين في قطاع الأسماك ، أن اليمن تمتلك مخزون سمكياً هائلاً وأن تجربتها في مجال الإنتاج السمكي تجربة جيدة باعتباره القطاع الذي حقق اكتفاء ذاتيا حتى الآن ولديه فائض في الصادرات بالإضافة إلى كونه يحقق عوائد مالية مجزية خصوصا في منتجات القيمة المضافة. وأشار عدد من هؤلاء المسؤولين العرب إلى أن الاستثمار هو العامل الوحيد لرفع الإنتاج السمكي وتحقيق القيمة المضافة وتحسين الصادرات ودعم التجارة الخارجية سواء في اليمن أو في بقية الدول العربية ، داعيين إلى إيجاد منظومة عربية متكاملة في هذا الجانب من اجل النهوض بالقطاع السمكي وتحقيق الأهداف المرجوة منه. وبهذا الصدد تحدث نضال الملوح ، رئيس قسم الأسماك والأحياء المائية في المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، حيث وصف تجربة اليمن في مجال الثروة السمكية بالجيدة ، مؤكدا حاجتها إلى دعم كبير عبر الاستثمارات العربية سواء في مجال استغلال الثروة السمكية أم تطوير الصناعات السمكية. وأرجع الملوح السبب الرئيسي لتدني الاستثمارات السمكية في اليمن إلى اتجاه المستثمرين المحليين لمشروعات استثمارية أخرى وإلى المضاربة في البنوك الأجنبية ، معربا عن الأمل في تحول رؤوس الأموال العربية بعد الأزمة المالية في عدد من الدول الأجنبية إلى الاستثمار في الدول العربية كونها الباب الوحيد والآمن حاليا للاستثمار وفي مقدمة ذلك الاستثمار في المجال السمكي. من جهته أكد ممثل المنظمة العربية للتنمية الزراعية أن الأسماك هي المادة الغذائية التي تحقق اكتفاء ذاتي في الوطن العربي بنسبة بلغت 104 % وفائضاً تصديرياً بقيمة مليار و300 مليون دولار ، مشيرا إلى اهتمام المنظمة العربية للتنمية الزراعية بهذا القطاع بصفة متزايدة خلال السنوات القليلة الماضية وذلك لأهمية الموارد السمكية المتاحة ، وقال: « الاستثمار هو العامل الوحيد للرفع من الإنتاج وتحقيق القيمة المضافة وتحسين الصادرات ودعم التجارة الخارجية سواء في اليمن أو في بقية الدول العربية». وأضاف:« إن المنظمة وفي إطار الإستراتيجية العربية للتنمية الزراعية المستدامة للعقدين 2005 - 2025م المقرة في قمة الرياض للثروة السمكية ، تضمنت برامجها الرئيسية تطوير تقنيات استغلال الثروة السمكية في الوطن العربي وتحديد فرص الاستثمار الملائمة والموارد المتاحة في الدول العربية خاصة في الجمهورية اليمنية ، خاصة وأنها تعد رابع دولة من حيث الإنتاج فيما تعد ثالث دولة من ناحية المخزون المتاح حيث تقدر مواردها بمليون طن سنويا مع الحفاظ على التوازن السمكي». واشار الى إن المخزون السمكي في اليمن ليس مستغلا بالكيفية المطلوبة ، داعيا القائمين على القطاع السمكي في اليمن إلى الاتجاه نحو تحسين وتأهيل وسائل الصيد وتطويرها خاصة من خلال استخدام التقنيات الانتقائية التي تحافظ على المخزون السمكي القاعي واستغلال وحدات الصيد الحديثة والمتطورة في أعالي البحار والاهتمام بالمصانع لخلق القيمة المضافة للأسماك. ويرى ممثل المنظمة العربية للتنمية الزراعية ان اليمن لديه مؤهلات كافية لاستقطاب أكبر عدد من الاستثمارات العربية وكذا المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي العربي والعالمي من خلال ما يمتلكه من موارد سمكية متنوعة وسواحل طويلة مؤهلة لاستقطاب اكبر المشاريع الاستثمارية في هذا المجال. من جهته أفاد فائز عبدالحميد من الشركة العربية لصيد الأسماك أن المرحلة الحالية تحتم على الصناعات السمكية الترابط فيما بينها وإيجاد منظومة عربية متكاملة في هذا الجانب. وقال:» إن الشركة العربية لمصائد الأسماك والمنبثقة عن جامعة الدول العربية تدعم هذا التوجه وتعمل على أن يكون لها إسهامات قوية في تعزيز الاستثمارات العربية في الدول الغنية بالموارد السمكية كاليمن وموريتانيا والمغرب باعتبار أن الاستثمار في القطاع السمكي ضعيف جدا وبحاجة ماسة إلى الدعم والتمويل». وأضاف:« لو تم استغلال الثروات السمكية المتاحة في هذه الدول بشكل أمثل فإنها ستسد فجوة غذائية كبيرة وتكون مصدرا للتصدير وتحقيق عوائد مالية مجزية خصوصا في منتجات القيمة المضافة» ، مشيرا إلى أن الشركة تسعى حاليا لتشجيع صناعات القيمة المضافة في المنتجات لأن أغلب صادرات الوطن العربي عبارة عن مواد خام تستفيد منه الدول التي تقوم بإعادة تجهيزها وتصنيعها وتحقق الربح المجزي من هذه الصناعة. وأكد فائز أن لدى الوطن العربي مصانع في أكثر من بلد سواء اليمن أو السعودية ويمكن تحقيق عوائد مالية كبيرة اذا ما تكاملت الجهود وتضافرت لإنشاء شركة موحدة لعملية التسويق وكذا لمواجهة الشركات الأجنبية التي تعطي أسعاراً أفضل للمواد الخام. وحث القائمين على القطاع السمكي في اليمن على الاستفادة من الصناعات الثانوية كالمساحيق والأعلاف لما لها من أهمية في تحقيق عائدات كبيرة وكذا التركيز على منح التراخيص للمنشآت الصناعية التي تحقق القيمة المضافة بالدرجة الأولى وتشجع الصيد بالطرق والوسائل الحديثة. واكد أن الإمكانيات والمصانع متوفرة في اليمن وكذا المقومات التصنيعية ولم يتبقى سوى التمويل بالمواد الخام والاستفادة من المخلفات وإيجاد صناعات ذات قيمة مضافة وبهذا ستحقق الصناعات السمكية في اليمن عائدات غير متوقعة. ممثل الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي جلال بن شاذلي بدوي من جهته قال: « إن تصريح رئيس الحكومة الدكتور مجور فتح كافة الأبواب لكل المستثمرين للقدوم إلى اليمن للاستثمار وأعطى دفعة جديدة خاصة لكل المستثمرين العرب للاستفادة من الثروات السمكية الهائلة التي تمتلكها الجمهورية اليمنية». وأوضح إن قطاع الأسماك هو القطاع الوحيد الذي يجاوز الاكتفاء الذاتي وفيه فائض حتى في الصادر، وقال: « لاشك أن هناك بعض العراقيل الصغيرة التي تقف عائقاً لتشجيع هذا الاستثمار ولكني لا أتصور أنها ان تمثل مشكلة الكبيرة». إلى ذلك قال مستشار وزير الصحة والاقتصاد البحري في موريتانيا سيف المختار احمد « إن الاستثمارات العربية الموجهة إلى اليمن ازدهرت في الصناعات والبترول وغيرها من المجالات الأخرى إلا في القطاع السمكي فهو متأخر جدا والمبالغ المستثمرة فيه قليلة جدا على الرغم من وجود مقومات كبيرة» وأضاف « هناك صعوبات تواجهها الاستثمارات في القطاع السمكي العربي سواء على مستوى البنى التحتية او الاستخدام او التسويق كما أن هناك أسباباً سياسية متعددة وكذا عوامل جغرافية وتشريعات خاصة بكل دولة فضلا عن المحيط الاقتصادي الذي تعمل فيه كل دوله وكلها عوامل يجب تذليلها بهدف استغلال هذا القطاع. من جانبه بين الأمين العام للإتحاد العربي لمنتجي الأسماك محمود راضي امتلاك الدول العربية ثروات سمكية طائلة ، في حين أن الاستثمارات البينية العربية الموظفة في القطاع السمكي منخفضة جدا حيث بلغ مجموعها خلال الـ15 عاما الماضية نحو 36 مليار دولار كان نصيب القطاع الزراعي بما فيه السمكي متدنيا ولا يتجاوز 1.3 %. وشدد راضي على ضرورة تعزيز الاستثمارات السمكية باعتبارها العامل الحاسم في تحقيق أهداف السياسات السمكية العربية ، داعيا الدول العربية وعلى رأسها اليمن إلى تحسين مناخ الاستثمار ودعم المستثمرين العرب لجذب الاستثمارات ، مؤكدا إن الأسماك هي السلعة الغذائية الوحيدة التي تحقق فائضا تصديريا على المستوى اليمني أو العربي لذا فإن موضوع الغذاء يعد أزمة مستقبلية حقيقية إذا لم يتعامل العرب معها بحكمة فائقة لأن الوطن العربي يعاني من فجوة غذائية هائلة تبلغ قيمتها 18 مليار دولار. وقال:« إن لدى الوطن العربي وفرة في إنتاج الأسماك فقط إلا أنه يعاني العجز في عديد من المواد الغذائية وخاصة الحبوب والزيوت والأعلاف مع زيادة هذا العجز سنويا نظرا للزيادة السنوية في السكان واستخدام الغذاء كوقود حيوي من شأنه ان يؤدي إلى ارتفاع قيمة الغذاء وقلة المعروض مما ينعكس إيجابيا على الإنتاج السمكي وتوفير الأسماك في الوطن العربي». وحث الأمين العام للإتحاد العربي لمنتجي الأسماك اليمن على الاتجاه للاستزراع المائي نظرا لما حققه الاستزراع من كميات إنتاج ارتفعت من 45.5 ألف طن عام 1985 إلى 362 ألف طن عام 2008م كما زادت نسبة مساهمة الاستزراع المائي من 1 % إلى 16.5% من إجمالي الإنتاج الكلي للدول العربية والعمل على استقطاب الاستثمارات المحلية والعربية الموجه إلى قطاع الثروة السمكية. من جهته أرجع الوكيل المساعد لقطاع الاستثمار بوزارة الثروة السمكية المهندس خالد شمسي ضعف الاستثمار في القطاع السمكي في اليمن إلى غلبة طابع الاصطياد التقليدي التعاوني والفردي على أنشطة الإنتاج السمكي الحديث ذات التقنيات المتقدمة وضعف مستوى خدمات البنية التحتية والتجهيزات والمستلزمات الأساسية التي يحتاجها القطاع وكذا ضعف فعالية القطاع الخاص في مختلف أنشطة القطاع السمكي الإنتاجية والخدمية. وقال الشمسي:» إن الحكومة تولي تنمية القطاع السمكي أهمية كبيرة وهو ما يتضح في حجم الإنفاق الاستثماري الحكومي خلال الفترة 1990 - 2007م والذي بلغ 17.4 مليار ريال فضلا عن المشاريع الاستثمارية المسجلة والمرخصة من الهيئة العامة للاستثمار والتي بلغت خلال نفس الفترة 161 مشروعا بتكلفة 41 مليار ريال». وأشار إلى أن لدى وزارة الثروة السمكية استراتيجية لإدارة وتنمية المصائد تتمثل في الاتجاه إلى تأمين معدلات نمو الإنتاج وخصوصا المحضرة مع الحفاظ على المخزون السمكي وتطوير إدارة الموارد البحرية بصورة سليمة لتكون الأسماك مصدرا للدخل والاستخدام للسكان في المناطق الساحلية وتحقيق النمو المتوازن للبنية الأساسية للقطاع السمكي وضمان بناء إدارة مؤسسية سليمة وفعالة وإدارة قوارب الصيد والتشغيل الأمثل لبرامج الإقراض المحلية لتمويل أكبر عدد من القوارب المحسنة والمطورة للصيد التقليدي والساحلي. وبالنسبة لتنمية الاستثمارات الخاصة في القطاع السمكي أوضح المهندس خالد شمسي أن الحكومة اعتمدت سياسة اقتصادية منفتحة تقوم على أساس تشجيع آلية السوق وتحرير الاقتصاد من القيود والمعوقات التي تعترض تطوره ومواكبة التطورات الإقليمية والدولية لتشجيع الاستثمار من خلال تطوير البنية التشريعية وتحسين البيئة الاستثمارية من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية المتعلقة بمنظومة القوانين ذات الصلة بالاستثمار وتحسين خدمات البنية التحتية الأساسية المحفزة للاستثمار.