البيئة النفسية
فوزية جابر المسن الأب، الزوج الموظف غالباً ما ينسى من أقرب الناس وينبذ دون رحمة.المسن ذلك الإنسان وما يحمل من مهارة عملية ومن صبر لتسييس أمور الحياة يتعرض غالباً لسخرية أليمة وتقزيم للرأي فيكون الحزن رفيقه والضجر أنيسه، فيفقد توافقه النفسي مع من حوله ويتذمر لأتفه الأمور مودعاً الثقة والتفاهم مع المحيط ومع نفسه متوحداً مع مرحلة عمرية جداً حساسة قد لا نصل إليها جميعاً بهذا السواد، فهي ليست مرحلة عمرية فقط وإنما تحكمها عوامل وظروف بيئية وتوافق اجتماعي وحنان يربط حلقاتها وبيولوجيا عضوية ذلك الكم المكون من الإنسان هو المسن.دعونا نفتش في دفاتر علم الاجتماع وعلم النفس نجد بعض الإشارة التي تساعدنا على الوصول إلى الحقيقة، في الواقع نحن لا نجد إجابة واحدة على تساؤلاتمتى تبدأ الشيخوخة؟ وليس في الإمكان أن نحدد الفترة التي تقول عندها لقد انتهت مرحلة الرشد من العمر والانتقال إلى الشيخوخة ويستطيع البعض التعرف على بوادر الشيخوخة بملاحظة الحالة الصحية والجسمية التي يعكسها المظهر الخارجي للشخص الذي ينتمي إلى فئة المسنين وقد نلتقي ببعض الأشخاص فنعتبرهم من المسنين لأنهم وصلوا إلى سن معينة وعندها يقعون من أداء ما سبق أن حدده المجتمع من مهام في سوق العمل أو محيط أسرهم، نراهم وقد فقدوا هويتهم الاجتماعية وأصبحوا في حكم المسنين للعمر الزمني الذي وصل بهم قطار العمر. وهذا معيار أو مقياس غير منصف لأنه لا يعبر إلا عن توقعات الآخرين دون توجيه أي اعتبار لحقيقة أمر هذا الإنسان الذي انتقل إلى فئة المسنين بمجرد بلوغه قدراً زمنياً محدداً.وهناك مفارقة في أن معظم بلدان العالم المتقدمة تحدد سن المتقاعدين عندما يبلغ الشيخ سن الخامسة والستين، بينما تحدده معظم الدول العربية بسن الستين والسلك العسكري يحدده حسب طبيعة العمل، وهناك يتضح أن سياسة سن الشيخوخة تربط ارتباطاً كبير بالهيكل الوظيفي ولا يجوز تحديد سن التقاعد وتعميمها على أعداد كبيرة من المتقاعدين وفي كثير من المواقف لا يعني سن التقاعد عن العمل فرصة للمتعة والاسترواح بقدر ما يمثل خسارة مالية كبيرة وبإحساس بضياع الدور الحقيقي للإنسان بالحياة وما ينجم عنه من تدهور في المستوى الاقتصادي للأسرة والأفراد بصورة تصل إلى العوز المادي والنبذ الاجتماعي وإضافة إلى ما يصاحب هذا الوضع من فقدان احترام الشخص لذاته ولقيمة الحياة.والشيخوخة تعرف : حالة يصبح فيها الانحدار في القدرات الوظيفية والبدنية والعقلية واضحاً، يمكن قياسه وعلى آثاره تكون العمليات التوافقية وفي سن الخامسة والستين ينتشر التلف الحسي والحركي، إلا أن المسنين حقيقة هم عادة أشخاص أكبر سناً من ذلك يعانون من تدهور وظيفي يؤثر بشكل ملموس على مجمل الوظائف الحيوية ونظراً لمعاناتهم من عجز حسي وعقلي فإنهم عادة ما يحتاجون الرعاية والحماية من الآخرين، وهناك دلائل تشير إلى أن بعض المتقدمين في سن من الإنسان والحيوان يمتلكون قدرات فسيولوجية تكافئ قدرات من هم أصغر سناً وأحياناً تكون أفضل.فإذا كانت هناك شيخوخة أولية (غير مرضية) وشيخوخة مرضية (بها أمراض تهاجم الشيخ) فإنه ليس هناك أسانيد كافية تدعم الفرض القائل بوجود نوعين من الشيخوخة فمن المعروف لا يوجد فرد يخلو من أمراض أو تلف عضوي وأن الإنسان السليم تماماً هو قصة افتراضية.وكما عرف الدكتور عبد المنعم الميلادي الشيخوخة حالة من القصور البيولوجي العام والتي تؤدي إلى موت الإنسان كنتيجة لانهيار العمليات العضوية الحيوية.كما أنها تزيد من احتمالات الموت بسبب تزايد تعرض المسنين لأنواع من العدوى أو مضاعفات تتبع التعرض للحوادث ليست فقط نتاجاً لتدهور البيولوجي وإنما جزء منها نتاج للظروف الحضارية والاقتصادية ولا ننسى هنا مساهمة التلوث في حضور شيخوخة مبكرة، لأن التلوث يؤثر سلباً على أجهزة الجسم العضوية كالجهاز الدوري والجهاز التنفسي والجهاز المناعي الذي يصرخ من جراء التلوث كدخان السيارات أو الماء الملوث ومخلفات المصانع السامة، والتربة عند التلوث بالمبيدات الحشرية الضارة وبالسماد الصناعي وإضافة إلى التأثر النفسي للتلوث على صحة المسن وإصابته بالاكتئاب والشرود وعدم الحركة لقلة الهواء النقي في المكان الملوث.فالشيخوخة هي مرحلة من مفاهيمنا عن دورة الحياة يحددها بشكل أو بآخر، معتقداتنا حول الإنسان والطبيعة وهي خاضعة للأنظمة السائدة من اتجاهات وقيم. فشيخوخة الإنسان يمكن اعتبارها ظاهرة اجتماعية بيولوجية يمكن إخضاعها لنوع من السيطرة بشكل أو بآخر، والمفهوم الشائع في أوروبا وأمريكا بزيادة أعداد المسنين يعود إلى الظروف الاجتماعية السوية والحياة الهادئة والتماسك الأسري لهذه الظاهرة وما عاشها في الماضي ومفهوم هذه الزيادة إنما تشير أيضاً إلى انخفاض في معدل الوفيات في الطفولة وحجم المسئولية في التربية والتغذية السليمة والبيئة الصحية المميزة. دعونا فسن الشيخوخة هي ليس مرحلة عمرية فقط إنما هي احتياج للسؤال والحنان والعطف والصدق بسلوك والعطاء بدون حساب.[c1] اختصاصية نفسية[/c]