الأرحبي: ضرورة خلق تحالف إنساني لمواجهة التغيرات المناخية
صنعاء/سبأ: دشن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة التخطيط والتعاون الدولي امس بصنعاء تقرير التنمية البشرية ( 2007 / 2008م) والذي حمل عنوان : (محاربة تغيّر المناخ- التضامن الإنساني في عالمٍ منقسم ).وفي مستهل احتفالية التدشين اشاد عبد الكريم إسماعيل الأرحبي ، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التخطيط و التعاون الدولي بالجهود التي بذلت لإعداد التقرير الذي اشتق عنوانه من أبرز التحديات التي باتت تواجه التنمية البشرية في العالم والمتمثلة بظاهرة التغيرات المناخية والمخاطر البيئية الناجمة عنها ، مؤكدا أهمية خلق تحالف إنساني لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية وتوحيد وتنسيق الجهود للحد من المسببات لهذه المخاطر وعلى رأسها وقف انبعاث الغازات الملوثة للبيئة.واوضح أن اليمن خطت خطوات مشهودة على طريق الارتقاء بمؤشرات التنمية البشرية على المستوي الإقليمي والدولي انطلاقا من الإدراك الواعي للدور الذي يسهم به العنصر البشري في النهوض بالمجتمع معرفيا وثقافيا واقتصاديا ، مشيرا الى أهمية الاستثمار في رأس المال البشري وبخاصة التعليم كون هذا الاستثمار يساهم بـما يقدر بـ 50 بالمائة من النمو الاقتصادي ، مؤكدا أن مؤشرات التعليم في اليمن شهدت تطورات ايجابية في كافة اتجاهاتها وأبرزها تراجع معدلات الأمية وزيادة معدلات الالتحاق بالتعليم وتقليص الفجوة بمعدلات الالتحاق بين الذكور والإناث.واشار الى أن الإنفاق الحكومي على التعليم شهد زيادات سنوية متتالية وصلت الى ( 0ر229) مليار ريال في العام 2007م ، وقال: “ ان خطط وبرامج التنمية الحكومية استهدفت بنفس الوقت الارتقاء بمؤشرات الصحة العامة وتوسيع فرص الحصول على الخدمات الصحية العلاجية والوقائية وتكامل دور الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في تقديم الخدمات الصحية وبما يعمل على تحسين صحة الإنسان وبالتالي المساهمة في زيادة الإنتاجية والنمو الاقتصادي” ، مؤكدا ان المؤشرات الصحية في اليمن شهدت تحسنا كبيرا انعكس على انخفاض معدل الوفيات وارتفاع توقع الحياة عند الميلاد ، متطرقا الى ما تحقق من نتائج ايجابية على صعيد تحسين مؤشرات المشاركة السياسية والحكم الجيد وتوسيع دائرة الحقوق والحريات وزيادة مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والسياسية .واستعرض الارحبي مجمل التحديات البيئية التي تواجه اليمن ، مشيرا الى أن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التى شهدتها اليمن خلال العقود القليلة الماضية أدت الى تزايد الطلب على الموارد الطبيعية وبصورة كبيرة وهو ما أسهم في استنزاف مخزونها من كثير من تلك الموارد وتدهور المؤشرات والأنظمة البيئية بكافة أنواعها.واكد ان اليمن تواجه مشكلات بيئية تتمثل إجمالا في شح الموارد المائية وعدم ترشيد استخدامها وتلويث بعض مصادرها وتدهور نوعيتها وتوجيه موارد المياه في انشطة ذات عائد متدن الى جانب الحفر العشوائي للآبار والاستنزاف الكبير للمياه الجوفية فضلا عن المشاكل المتعلقة بموارد الأرض وتفاقم ظاهرة التصحر التي تهدد (97بالمائة ) من الأراضي الزراعية مما يهدد استقرار النظم البيئية ، وعزا المشكلات البيئية التى تعاني منها اليمن الى جملة من العوامل الطبيعية من قبيل الجفاف وكوارث السيول والوضع التضاريسي الى جانب التدخلات البشرية كالزحف العمراني على الاراضي الزراعية وشق الطرق وتراكم المخلفات وغيرها من العوامل السلبية الناجمة عن القصور في الوعي البيئي. واوضح الوزير الأرحبي ، ان الجهود الحكومية لمواجهة هذه التحديات تستهدف من خلال الخطط والبرامج التنموية تحقيق التوازن بين السكان والموارد الطبيعية والحفاظ عليها وعلى الموروث التاريخي والثقافي والحضاري وتوفيرها للأجيال القادمة الى جانب تشجيع مشاركة منظمات المجتمع المدني ومؤسساته في تنفيذ انشطة العمل البيئي .من جانبه اشار المهندس عبدالرحمن فضل الارياني وزير المياه والبيئة الى المخاطر التي تسببها ظاهرة الانبعاث الحراري على الدول النامية والأقل نموا مثل اليمن ، مؤكدا أن اليمن من الدول النامية التي ستتضرر بشكل أكبر بسبب تغير المناخ، حيث سيؤدي ذلك الى تناقص في المياه المتاحة بسبب زيادة التبخر وزيادة احتياجات الكائنات الحية لمزيد منه بسبب الحرارة ، إضافة إلى تغير المواسم التي تعتمد عليها الزراعة اليمنية لآلاف السنين وزيادة الآفات الزراعية والحيوانية والأمراض التي لها علاقة بارتفاع الحرارة ، وقال: “ إن تغير المناخ سيؤدي إلى زيادة تداخل المياه المالحة في الأحواض الساحلية وزيادة حدة الظواهر الطبيعية من جفاف وفيضانات وسيول ورياح وبرد وصقيع في أوقات غير معتادة ، إضافة إلى موت الشعب المرجانية بسبب ارتفاع درجة حرارة البحار ونقص في انتاج مصائد الأسماك وغيرها من الأمور التي لا يمكن التنبؤ بها الآن” .وبين الوزير الارياني أن زيادة معدل حرارة الارض بدرجتين سيؤدي الى مجاعة مئات الملايين من السكان في الدول النامية زيادة عن ما هو حاصل الآن بسبب نقص إنتاج الغذاء على مستوى العالم كله وبالخصوص في الدول النامية، إضافة إلى زيادة الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض مثل الملاريا وحمى الوادي المتصدع وحمى الضنك، فضلا عن الخسائر الهائلة المتوقعة في الإنتاج الزراعي بسبب الجفاف أو الفيضانات أو زيادة الآفات وتوسع رقعتها وتغير المواسم .ودعا الدول الأكثر نموا إلى تحمل مسؤوليتها الأخلاقية والعمل على تخفيض الإنبعاثات التي تسببها بأكثر من 80 بالمئة بحلول منتصف القرن الحالي ودعم جهود التكيف الدولي لتقليل الأثر البيئي على الفقراء في العالم بما لا يقل عن 86 مليون دولار سنويا ، مشيرا إلى أن 19 شخصا في الدول النامية تأثر بكارثة بيئية من نوع أو آخر مقارنة بشخص من كل 1500 شخص في الدول النامية . إلى ذلك أوضح الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيلفا راماشاندران ، أن تقرير التنمية البشرية الذي يعده البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة سنويا يهدف إلى وضع الشعوب في قلب العملية التنموية في مجالات النقاشات الاقتصادية ورسم السياسات ورسم التأييد لتلك القضايا ، مبينا أن تدشين تقرير التنمية البشرية الـ 17 للعام 2007/ 2008م بعنوان: (محاربة تغير المناخ.. التضامن الإنساني في عالم منقسم) يأتي بهدف إظهار الأخطار التي تطال الفقراء والمجتمعات الضعيفة بسبب التغير المناخي.وأشار الى أن هناك خمس نقاط ارتكاز تهدد أساس التنمية البشرية بشكل لم يسبق له مثيل من خلال تهديد الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي إلى وضع المياه والأمن المائي وارتفاع مستويات البحار والتعرض إلى كوارث مناخية وانهيار النظام الحيوي والمخاطر الصحية ، موضحا أن أربع دول فقط وضعت روابط محددة ما بين التغير المناخي والمستقبل غير المشرق وهي بنغلادش، الهند، مالاوي واليمن ، مشيرا إلى أن أمام اليمن فرصة للاستفادة من الموارد التنموية التي سوف تخصص لمواجهة تغير المناخ في العالم.وثمن الخطوات التي قطعتها اليمن في سبيل الحفاظ على الوضع البيئي والتوقيع على عدد من الاتفاقات الدولية منها اتفاقية تغير المناخ الموقعة في العام 1996م وبروتوكول كيوتو وتغير المناخ واستراتيجية الفقر والبلاغ الوطني الأول 2002م والبرنامج الوطني للتكيف مع التعديلات المناخية وبناء الإطار المؤسسي لآلية التنمية النظيفة والبلاغ الوطني الثاني ، وقال: “ أصبحت اليمن في العام 2007م من أوائل الدول في العالم التي توقع مذكرة التفاهم الخاصة ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المتعلقة بأهداف الألفية الإنمائية التي تتناول نشاطات المرافق المنتجة لغاز الكربون، وهي عبارة عن آلية مبتكرة للتنمية والاستثمار بمشاريع خفض انبعاث الغازات. واشار بهذا الصدد إلى وجود شراكة جيدة بين اليمن وبرنامج الامم المتحدة الإنمائي والمنظمات الدولية حيث تنفذ العديد من المشاريع التي تختص بالتعاطي مع عوامل عدة من ظاهرة تغير المناخ ، معبرا عن تطلع الامم المتحدة الإنمائي إلى تعزيز الشراكة مع فئات أوسع من المانحين في اليمن للتعامل مع موضوع التغير المناخي الهام.على الصعيد نفسه قدم فؤاد علي ، رئيس فريق النمو الاقتصادي لصالح الفقراء ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، عرضا مختصرا لتقرير التنمية البشرية 2007/ 2008م ، بين خلاله تزايد المخاطر من انبعاث ثاني أكسيد الكربون وتحدي تغير المناخ في القرن الـ21 وسبل تفادي مخاطر تغير المناخ، إضافة إلى تقديم خلفية عن وضع التنمية البشرية عالميا. وفي ختام حفل تدشين تقرير التنمية البشرية الذي حضره وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى المتوكل ووكلاء وزارة التخطيط والتعاون الدولي وممثلو المنظمات الدولية والسلك الدبلوماسي لدى اليمن والمهتمون ، تم طرح عدد من التساؤلات حول الخطوات الجادة التي قدمتها الحكومة اليمنية لمواجهة الخطر القادم المتمثل بعملية الانبعاث الحراري ، وتمت الإجابة عليها من قبل وزير المياه والبيئة وممثل الأمم المتحدة المقيم في بلادنا .