مستشفى الامراض النفسية والعصبية في عدن من الواقع إ لى الطموح
مدير مستشفى الأمراض النفسية والعصبية م/عدن: المستشفى هو المرجعية الأساسية لخدمات الصحة النفسية في عموم اليمن رغم ما يشاع بوجود خدمات صحية نفسية في محافظة أخرىشيء محزن جداً ان يجد الانسان نفسه يوماً ما وحيداً في الحياة ولا يجد من يمد له يد المساعدة تعينه على مواجهة الحياة او يداً تمسح عنه هموم هذه الدنيا الفانية او حضناَ حنوناً يخفف عنه متابعها وتعطيه بعضاً من الامل في عيش هانئ كريم.. ومحزن ايضاً ان يتنكر المرء لاقرب الناس له ابنة او ابنته هرباً من تحمل المسؤولية او حقاً يخاف ان يسدده.. ومحزن كذلك ان يخاف الانسان بعد رحلة مرض ومن الله عليه بالشفاء الخروج من المستشفى لانه لن يجد الانسان الذي سيحتضنه ويرعاه ولن يجد ايضاً المأوى الذي سيأويه وكذا الخوف من قسوة البشر عليهم كونهم من نزلاء مستشفى الامراض النفسية والعصبية وهنا تحدث الانتكاسة.استطلاع/صالح عكبور - تصوير/ محمد علي عوضان الزائر لمستشفى الامراض النفسية والعصبية التعليمي بالشيخ عثمان سيحس بشعور غريب وهو يرى أمام عينيه مرضى سلبتهم الحياة اغلى ما يمتلكه الانسان وهو الوعي بسبب مشاكل اجتماعية او معيشية او نفسية.. شيء جميل ان تجد اشخاصاً مؤمنين عاهدوا اللَّه على ان يكنوا أوفياء مخلصين في تأدية رسالة الرحمة وتقديم الرعاية والعناية لهؤلاء المرضى برغم المخاطر التي قد يواجهونها اثناء تأدية مهمتهم الانسانية.البداية ولجنا الى داخل حرم المستشفى بعضاً من المواطنين والاطباء وجدناهم في طريقنا حييناهم مهنئينهم بعيد الاضحى استمررنا بالدخول الى عمق المستشفى ومع حضور مدير عام المستشفى رافقناه الى مكتبه.. جلسنا على المقاعد.. بدأنا الحديث معه حول خدمات المستشفى حيث قال الاخ الدكتور/ خالد احمد ناصر السلامي/ مدير مستشفى الامراض النفسية والعصبية التعليمي بالشيخ عثمان..التأهيليخضع المستشفى حالياً لعملية إعادة تأهيل متكامل بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية ويشمل التأهيل توفير كافة التجهيزات والمعدات اللازمة بالاضافة الى ترميم يشمل الطرقات والحديقة الخاصة بالمرض ومواقف السيارات بما معناه تحديث المستشفى بشكل كامل بكلفة تقدر بحوالي سبعة وثلاثين مليون ريال الى جانب تزويد المستشفى (بباص) صغير لاستخدامه للأغراض المختلفة.تعزيز الجانب الطبيلقد تم تزويدنا في العام 2005- 2006م بثلاثة اطباء عموم وبرغم ان العدد غير كاف ولكن يشكل خطوة متقدمة نحو توفير الكادر الطبي المناسب لتشغيل نظام النوبات في المستشفى.. حيث يعمل حالياً خمسة اطباء عموم بالاضافة الى اثنين من الاخصائيين في الطب النفسي كما يتواجد في المستشفى عدد كاف من الباحثين النفسانيين الذين يقومون بتغطية برامج الدراسات النفسية والاجتماعية للمريض ومعالجة الحالات النفسية فالجميع يعمل بنظام الفريق الاكلينيكي المعالج.الخدماتالمستشفى موجود في مديرية الشيخ عثمان وهو عضو في المكتب التنفيذي للمديرية وموازنته بالتالي لاتتجاوز هذه الوضعية في الوقت الذي يغطي المستشفى في خدماته كل من محافظة عدن و محافظة لحج ، وأبين وتعز وشبوة وإب وبعض المناطق الاخرى من المحافظات الاخرى ونستطيع انه نقول ان المستشفى الوحيد والمرجعية الاساسية لخدمات الصحة النفسية في عموم اليمن رغم ما يشاع بوجود خدمات صحية نفسية في محافظات اخرى إلا اننا نلمس من خلال توافد المرضى الينا من جيع المحافظات اهمية الخدمات الذي نقدمها في هذا الجانب الانساني والتي يستلزم دعم المستشفى وإعادة النظر إجمالاً في موازنته حتى يتمكن المستشفى في الاسهام في مساعدة المرضى النزلاء من جميع المحافظات.إستقبال المريضنحن نستقبل المريض من العيادة الخارجية إذا تطلب تمديد المريض نفتح له ملفاً خاصاً بالمرضى الداخلين ويحال الى قسم من الاقسام ونوفر له العلاجات المجانية خاضعة لاقرار الطبيب المعالج كما تتوفر للمريض كافة خدمات الاشعة والمختبر والصدمات الكهربائية العلاجية في مجال الصرع والاعصاب عموماً تتوفر لدينا احدث جهاز الدماغ ونؤكد ان كافة الخدمات بالمستشفى تقدم مجاناً بناء على توجيهات الاخ/ علي عبداللَّه صالح/ رئيس الجمهورية، وللعلم لايوجد لدينا برنامج مساهمة المجتمع باستثناء رسوم رمزية بكلفة جهاز تخطيط الدماغ فقط.قسم متميزهناك قسم متميز بالمستشفى يسمى قسم الارشيف والاحصاء الطبي ومن خلاله نستطيع معرفة حجم المرضى الذين تمت معالجتهم في المستشفى للعام 2005م سواء على مستوى العيادات الخارجية ا و في الاقسام الداخلية علماً بان لدينا توثيقاً عاماً لكافة انشطة المستشفى منذ انشاء الخدمات الصحية النفسية عام 6691م توضح كل مريض حضر للمستشفى ونوعية علاجاتهم وموقعه السكني وذلك في برنامج تم إعداده في الحاسوب من خلال جهاز الكمبيوتر الخاص في الارشيف الطبي يستطيع إثبات اي اسم لاي مريض تعالج في المستشفى منذ عام 6691م والهدف هو إعداد نظام للمعلومات الاساسية وكذا إعداد مؤشرات لتنمية الخدمات الصحية النفسية باعتبار ذلك مهمة في اعداد الانسان السوي في مختلف برامج التنمية من خلال معرفة المشكلة عند الانسان وعلاجها بالاضافة الى وضع الخطط والموازنات التي تعتمد اساساً على حجم المشكلة.الصعوباتنحن نواجه صعوبات خاصة وان الخدمات النفسية والعصبية تحتاج الى كثير من المقومات وصعوباتنا يمكن تداولها من خلال ثلاثة محاور الأول: خدمات المستشفى وتتمثل في شحة الكادر وشحة الموازنة وغيرها في الامتيازات الاخرى المتعلقة بتنشيط الخدمات كالدورات التأهيلية والعلاقات الخاصة الى الاعتمادات الخاصة بالادوية التي تقدم مجاناً وهناك صعوبة في التعامل مع المستشفيات في قبول مرضانا الذين يعانون من حالات مرضية عضوية بالاضافة الى عدم تعاون اهالي المرضى ومختلف الاجهزة الامنية والقضاء والسجون بعدم تفهم مشكلة الصحة النفسية مما يتسبب في عدم انتظام المريض بتعاطي العلاجات المقررة في المستشفى بعد تحسن حالته وبالتالي تنعكس حالته ويتجول في الشوارع دون رعاية وتحضره الشرطة دون اسم ودون بيانات عن المريض وكأنه مجهول الهوية واحياناً يتم تركه في حوش المستشفى او ان يقدم الينا المريض من احد السجون بعد ارتكابه جريمة مضى عليها سنوات.. ويطلب منا تحديد حالته الصحية قبل ارتكاب الجريمة اثنائها وبعدها وكأننا نمتلك عصا سحرية او ان تأمر جهات قضائية معينة بايداع مريض في المستشفى وعدم اطلاقه نهائياً وكان المستشفى سجن يخضع لاوامر قضائية وليست طبية.. وهذا يقودنا للمحور الثالث في مشكلاتنا وهو عدم وجود قانون للصحة النفسية في اليمن يحدد أسس وضوابط تتعلق بحقوق المريض والعلاقة مع الجهات ذات العلاقة من اسرة المؤسسة المدنية والقانونية وكذا ضمان لممتلكاته وحقوقه وواجبات الكادر المعالج ومخاطر المهنة وهذه المحاور تقودنا الى غياب التكامل في خدمات الصحة النفسية باعتبار ان خدمات الصحية النفسية خدمات المجتمع وليست خدمات جهة معينة فهناك مرضى لايوجد من يرعاهم وليس لهم مأوى وحالتهم مؤلمة ويستلزم انشاء مأوى خاص بهم تتولى رعايتهم الشؤون الاجتماعية بالاضافة الى خدمات الاجهزة الامنية والقضاء بالتعاون وتزويدنا بالمعلومات والبيانات اللازمة حول خلفية المريض حتى لا يتعرضوا لانتكاسه.صندوق الدواءكان صندوق الدواء يدعم المستشفى بأدوية قيمتها أكثر من (12) مليون ريال لكن الصندوق توقف منذ سبتمبر السنة الماضية 2005م بقرار من الوزارة وبعد هذا التوقف قام المستشفى بشراء ادوية من موازنة المستشفى لا تكفي حتى ليوم واحد.مشروع لفتح قسملدينا مشروع فتح قسم لتدريب وتأهيل الاطفال المتخلفين عقلياً لمدة نصف يوم شبيه بمركز صغير وتدريب الاطفال واسرهم على جوانب التدريب على اساس تحديد القدرات العقلية وتصنيفها وابراز مكامن الايجابيات وتسخيرها لصالح التأهيل في تأدية مهنة وكذا دفع مستوى الاسرة لرعاية المريض.. وهناك مشاريع تم تنفيذها مؤخراً حيث جرى بناء وتجهيز بئر بترخيص رسمي لتغطية مشروع الحديقة الترفيهية للمرضى وكذا تخصيص قسم الاشعة لتغطية جدران عازلة للاشعاع لمنع تسرب الاشعاع داخل المستشفى ومعالجة شبكة المياه لتوفير المياه باستمرار رغم انقطاعه في الاحياء القريبة من المستشفى الى جانب شراء مكيفات صغيرة لجميع الاقسام لمواجهة عدم صلاحية المكيف المركزي وتوقفه عن العمل منذ عام 8991م .الحالاتالمترددون على العيادة خلال العام 2005م يصلون الى (10) آلاف و (74) حالة من الذكور والاناث فيما يبلغ عدد المرقدين (445) من الرجال والنساء كما بلغت حالات الشفاء (82) حالة خروج والباقي يترددون على العيادة.اما الاخ/ سيف محمود عبداللَّه/ رئيس مجموعة البحث في المستشفى يقول:المرضى المتجولوننواجه صعوبة المرضى المتجولين والذين يحضرون عبر مراكز الشرطة وعندما يجهزون للخروج لايوجد لهم آية عناوين مما نواجه مشاكل في هذا الجانب ولدينا (15) حالة شفاء من مختلف محافظات الجمهورية ولا يوجد لديهم اهل ولا من يتابعهم، منهم (5) حالات نساء من خارج المحافظة.نحن غير قادرين على ايجاد حلول المطلوب من مختلف الجهات التحرك ومساعدتنا.اما الممرضة/ سهام عبده علي/ مدير إدارة التمريض تقول:صفات الممرضعلى الممرض الذي يعمل في مجال الامراض النفسية والعصبية ان يكون ملماً باسس التمريض العام وان يكون لديه القدرة للتعامل مع المريض النفسي ويتعامل بالحكمة والهدوء والصبر والتعامل بصدق مع المريض، حيث ان التعامل مع المريض النفسي يمكن ان يعرض الممرض لمخاطر.. اما بالنسبة للخدمات التي يفترض ان يؤديها الممرض على مدار (24 ساعة) في ثلاث نوبات صباح وظهيرة وليل،.. ويقوم الممرض بتقديم العناية التمريضية ابتداء من النظافة الشخصية للمريض مثل الغسل ونظافة الجسم بالكامل وإعطاء العلاجات سواء عبر الحقن او الفم وتقديم الغذاء والملاحظة المستمرة للمرضى الخطيرين (العدوانيين) اثناء العلاجات الاساسية مثل الحقن والملاحظة للمرضى خلال (42ساعة) و هناك مهام اخرى مساعدة.القانونيفترض ان يكون هناك قانون لحماية الممرضات من الجهات ذات العلاقة كون الممرض يتعامل مع المريض النفسي والعقلي وكذا توفير الحافز المادي لترغيب الممرض بالمهنة وبقائه في العمل بالاضافة الى رفع الاجازة المستحقة من شهر الى شهر ونصف كحد ادنى للراحة.كلمة اخيرةتعتبر خدمات الصحة النفسية من اهم الخدمات الصحية فالمهمة تكون اكثر صعوبة كونها تأخذ في الاعتبار الجانب المتعلق بوضع المريض وما يستدعيه ذلك من صبر وعناية وحكمة وتحمل ردود الفعل للمريض.. لذا فلا بد من التكامل مع الصحة النفسية وتحمل المجتمع ايضاً وتظافر كافة الجهود لحماية حقوق المريض الصحية والقانونية وانشاء مأوى لرعاية المرضى المزمنين لتجنيبهم الانتكاسة وكذا حماية المرضى الشافين ممن لا يوجد لهم مأوى ولا أهل او ممن تخلى عنهم ذووهم.