في دراسة ميدانية عن دور البرامج والفعاليات الإعلامية في مجال الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة
عرض/ بشير الحزميقام المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل مؤخراً بعمل دراسة ميدانية عن دور البرامج والفعاليات الإعلامية في مجال الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة على فئة الشباب وبحسب ملخص الدراسة الصادر عن المركز فإن هذه الدراسة تعني بتوجيه الاهتمام لمعرفة وتتبع أثر البرامج في وسائط الإعلام، المرئية والمسموعة والمقروءة، لقضايا الصحة الإنجابية الموجهة لفئة الشباب ممن هم في سن الإنجاب لمعرفة مدى قدرتها على تغيير مواقفهم واتجاهاتهم من قضايا الصحة الإنجابية.وجاء في الدراسة أن اليمن تصنف من البلدان الأقل نمواً وتواجه تحديات في كثير من الجوانب التنموية، ويعد النمو العالي للسكان أحد أهم التحديات التي تواجه جهود التنمية لتحسين نوعية حياة السكان.وأوضحت الدراسة أن الأرقام والمؤشرات المتوفرة تشير إلى أن السلوك الإنجابي للنساء اليمنيات يتسم بدرجة عالية من المخاطر، حيث أتضح أن حوالي 37 % من المواليد يولدون في تباعد أقل من سنتين بين كل مولود وآخر، وأن حوالي 18 % من إجمالي المواليد يولدون في سن مبكرة بالنسبة للأم (أي أقل من 20 سنة).وتشير الدراسة إلى أن الحكومة اليمنية قد انتهجت إلى أعداد الإستراتيجية الوطنية للسكان وبرنامج عملها، مستهدفة من ذلك تسليط الضوء على القضايا والمشكلات السكانية والتي تعد قضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة الأكثر أهمية في وسائل الإعلام لتمكين فئة الشباب من فهم هذه القضايا والمشاكل الناجمة عن عدم الوعي بها والعوامل التي تتحكم فيها الآثار المترتبة عليها والتي مازالت تشكل تحدياً حقيقاً للحكومة بأجهزتها المعنية، كما أسست قطاع السكان بوزارة الصحة العامة والسكان لتسعى إلى مواجهة هذه المشكلات إلا أن تلك السياسات ليست كافية لمقابلة تلك التحديات، والتي أصبحت تناط بكافة الأجهزة الحكومية المعنية.ونوه المركز بأنه من هذا المنطلق وبصفته مؤسسة بحثية يعني بدراسة مثل هذه القضايا اتجه إلى التخطيط لإعداد هذه الدراسة لأغراض برامجية من هذا النوع، وأوجز مشكلة الدراسة بدراسة تأثير الرسائل الاتصالية في مجال الصحة الإنجابية على فئة الشباب من خلال ربطها بالعلاقة بين الممارسة (السلوك) والمعرفة (المفاهيم والمعلومات) والاتجاه (المعتقدات) ودرجة التلقي لمختلف أشكال البرامج والفعاليات الإعلامية من حيث التأثير سلباً وإيجاباً.[c1]أهمية الدراسة[/c]وبحسب المركز فأن هذه الدراسة تعد من الدراسات الاجتماعية ذات الأهمية البالغة التي تعكس اهتمامات وتوجهات الحكومة في سياساتها العامة وسياساتها القطاعية، وتنطلق أهمية هذه الدراسة من كونها تعالج موضوعاً حيوياً، وهو موضوع الصحة الإنجابية، باعتماد التحليل العلمي لتأثير هذه البرامج على فئة الشباب لمعرفة مدى فعاليتها وكفاءتها، وذلك بعد أن اتجهت الحكومة إلى اتخاذ سياسات وعفيت بتقديم برامج ومشروعات خدمية.كما أن أهميتها تكمن في الوصول إلى نتائج تساعد في تعزيز خدمات الصحة الإنجابية وتزيد من أثرها وفاعليتها بين متلقيها من الشباب ممن هم في سن الزواج والإنجاب من خلال التحليل والتشخيص لأثر وتأثير هذه البرامج على فئة الشباب، بالإضافة إلى ذلك فإنها ستزود متخذي القرار بالمعلومات والبيانات التي يمكن أن تعينهم على صياغة القرارات المبنية على تلك النتائج والمعطيات، وفوق هذا فإن مؤشرات ونتائج هذه الدراسة ستمكن المخططين من إعادة رسم السياسات والخطط والبرامج وإعداد المشروعات التي تعكس تلك الاحتياجات والتوجهات الرامية إلى تحليل الاحتياجات الفعلية لجمهور الشباب الذين تستهدفهم الدراسة.[c1]أهداف الدراسة[/c] وقد هدفت الدراسة إلى معرفة أثر البرامج والفعاليات الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية في تغيير مواقف وممارسات فئة الشباب نحو قضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، وهي من الدراسات التي ينبغي تكرارها على فترات زمنية، تحسباً للمتغيرات الكثيرة التي تنظم حياة الشباب ممن هم في سن الإنجاب والتي يمكن أن تقود المؤسسات الحكومية المعنية في ضوء نتائج هذه الدراسة إلى إجراء سلسلة من التدخلات والأنشطة التي تلبي احتياجات هذه الفئة، وعلى ذلك فإن أهداف الدراسة يمكن حصرها في الآتي:معرفة تأثير البرامج والفعاليات الإعلامية الموجهة نحو قضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة على الشباب، التعرف على مدى اهتمام وسائل الإعلام بقضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة ومدى قدرتها في إيصال الرسائل الإعلامية لهم، معرفة العلاقة بين تأثير وسائل الإعلام في مجال الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والمتغيرات الديموغرافية، تحديد نوع البرامج والتدخلات التي ينبغي العمل بها في الفترة المقبلة.[c1]منهج الدراسة والأدوات المستخدمة[/c]وقد اعتمدت الدراسة على المنهج الوضعي التحليلي الذي يعتمد على وصف الظاهرة موضوع الدراسة ومحاولة اكتشاف العلاقات بين الظاهرة وبين مختلف العوامل التي يفترض أن لها صلة ولها أثراً في تشكيلها، كما استخدمت منهج تحليل المضمون (مضمون الرسائل الإعلامية الموجهة لخدمات الصحة الإنجابية).وللحصول على البيانات والمعلومات الكمية والكيفية اللازمة لهذه الدراسة تم الاستعانة بالتقارير الدورية للجهات المختصة، دراسات محلية وعربية، استمارة موجهة للجمهور المستهدف، تقارير الباحثين الميدانين.أما المجالين الزمني والمكاني للدراسة، فقد حدد الزمن في مدة بلغت أربع سنوات، والمكاني في عدد من المحافظات والمديريات التابعة لها وهي عمران، حجة، الحديدة، ذمار، البيضاء، الضالع، وأبين.وبالنسبة لعينة الدراسة فقد تم اختيار عينه تحقق أهداف الدراسة وتوفر البيانات والمعلومات المرغوب فيها لمعرفة خصائص المشكلة وأبعادها، وكانت وحدة المعاينة هي الأفراد (ذكوراً وإناثا) في الفئة العمرية (18 - 34 سنة) وتم الاستناد في اختيار العينة إلى البيانات التي وفرها التعداد العام للسكان لعام 2004م، وحددت العينة بـ 0,5 % من الإجمالي التقديري للذكور والإناث في الفئة العمرية 18 - 34 سنة أي ما يقارب 2631 فرداً موزعين حسب النوع.[c1] الاستنتاجات والاستخلاصات العامة[/c]لقد أوضحت الدراسة أن اهتمام الشباب ببرامج الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة ظلت نسبتها متدنية حيث بلغت نسبتها الإجمالية لمن أجابوا بـ(نعم) 51,4 % مقابل 47,0 % لمن أجابوا بلا.وقدرات الدراسة بأن ضعف الاهتمام بهذه البرامج يرجع الاعتبارات عديدة أهمها: اختيار المواد الإعلامية غير المناسبة، عدم اختيار الكفاءات العلمية والمهنية من الإعلاميين المتخصصين لإعداد الرسائل والمواد الإعلامية، عدم اختيار التوقيت المناسب لعرض الرسائل الإعلامية، عدم وضوح وفهم مضمون ومحتوى الرسائل الإعلامية المقدمة لفئة الشباب والجمهور المتلقي إجمالاً، وعدم اختيار الوسيلة المناسبة لعرض المادة الإعلامية التي تتلاءم مع ظروف وبيئة وثقافة المشاهد المحلي من شباب، عزاب، أميين، متعلمين، مثقفين.. الخ ما قد يبعد الرسالة الإعلامية عن تحقيق مقاصدها.كما أوضحت معطيات الدراسة أن جمهور الشباب من مشاهدي التلفاز أصبحوا يتعاطون مع القنوات الفضائية الأخرى وبخاصة القنوات الفضائية العربية، وتساوي نسبة أفراد عينة البحث الإجمالي التي أوضحت أنها تشاهد هذه القنوات 81.3 % لعينة البحث الأخرى التي لا تشاهد هذه القنوات. وهذا يؤكد أن القنوات الفضائية الأخرى أصبحت أكثر استجابة لتلبية إحتياجات الشباب الذي يتجسد في اهتمامها بتصميم مختلف البرامج خاصة أن البرامج التلفزيونية والموادج الإعلامية المقدمة محلياً لاتواكب متطلبات الشباب المتنوعة والمتجددة.وبينت مؤشرات الدراسة من خلال إجابات عينة البحث أن الشباب الذين يستمعون للراديو بلغت نسبتهم 2و58 % مقابل 8و41 % من الذين لايستمعون إلى هذه الوسيلة الإتصالية. وأبرزت مؤشرات الدراسة الميدانية على مستوى المحافظات إجمالاً أن أهم الأوقات المفضلة لدى الشباب للإستماع للراديو هي فترة الصباح بنسبة 7و49 % مقابل أولئك الذين يفضلون الاستماع إليه في فترة العصر ونسبتهم 6و26 %، أما الذين يفضلون استخدام هذه الوسيلة في المساء فإن نسبتهم تساوي 5و39 %.وفيما يتعلق بالبرامج التي يتم الاستماع لها فقد تبين أن البرامج الإخبارية تحظى بأهمية قصوى واحتلت مكانة متقدمة بين البرامج وذلك بنسبة بلغت 3و63 %، بينما حظيت البرامج الصحية بنسبة 5و38 % من اهتمام الشباب.وأوضحت مؤشرات الدراسة أن عينة البحث التي تستخدم الانترنت متدنية على مستوى كل محافظة من المحافظات المستهدفة من الدراسة وعلى مستوى المحافظات إجمالاً والتي طلت نسبتها منخفضة لاتتجاوز 3و14 % مقابل 1و58 % من الشباب الذين لايستخدمونها.وأوضحت الدراسة أن المؤشرات التي أظهرت الاستخدام المستمر للانترنت بلغت نسبتها 0و12 % وهي نسبة متدنية مقارنة بتلك الفئة الشباب التي تستخدمها بصورة متقطعة ونسبتها 6و47 %، أو نادرة ونسبتها 4و39 % لأن هذه الوسيلة مازالت حديثة وهي محدودة الاستخدام على مستوى الأفراد والأسر، وذكرت الدراسة بأن الأسر الفقيرة والمحدودة الدخل لايمكن لأفرادها من الشباب استخدام هذه الوسيلة الاتصالية السريعة المتعددة المنافع وخاصة في المناطق الريفية والنائية.وأظهرت نتائج الدراسة جود تفاوت واضح في قراءة الصحف والمجلات على مستوى كل محافظة وعلى مستوى المحافظات إجمالاً حيث وصلت نسبة من يقرؤون هذه المطبوعات 2و64 % مقارنة بالذين لايقرؤونها ونسبتهم 6و35 %، ونبيت مؤشرات الدراسة أن من يقرؤون الصحف والمجلات في الحضر تساوي نسبتهم7,70 % مقابل من يقرؤون هذه المطبوعات في الريف ونسبتهم تساوي 59,3 %.وبالنسبة لمن يقرؤون الإعلانات والملصقات فقد أظهرت نتائج الدراسة أن نسبتهم على مستوى المحافظات المستهدفة تساوي 9,66 % مقارنة بعينة البحث التي أفادت بأنها لاتقرأها ونسبتها تساوي 32,4 %. وتبرز معطيات هذه الدراسة أن نسبة الإعلانات والملصقات التي يتم قراءتها تتجه في أغلبها في المجال الدعائي والتثقيفي، حيث بلغت نسبة من يقرؤون هذا النوع من الإعلانات 71,4 %، وهو ما يعنى أنه يمكن توظيف الإعلانات والملصقات في التوعية والتثقيف بقضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.[c1] محاضرات التوعية الصحية [/c]وأوضحت مؤشرات الدراسة أن إجمالي عينة البحث التي أشارت إلى قيام محاضرات توعية صحية 23,6 مقابل الذين أجابوا بـ”لا” ونسبتهم 64,7 % وهذا يدل على أن خدمات التوعية الصحية وهي تعطينا دلالات على أن فهم مثل هذه القضايا وعلى التعاطي بها مازال شحيحاً مقارنة بالاحتياج الفعلي لهذا النوع من الخدمات.وأكدت الدراسة أن إقامة محاضرات التوعية وبخاصة تلك الخدمات الموجهة لفئة المستهدفين مباشرة لها مردودات مباشرة في التأثير في وعي الناس وتغيير ممارساتهم السلبية نحو القضايا الصحية وقضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.وأوضحت نتائج الدراسة على مستوى المحافظات إجمالاً أن المنظمات التي تقيم حملات توعية ميدانية في مجال الصحة الإنجابية تصل نسبتها إلى 63,6 % مقارنة بعينة البحث التي بينت أن منظماتهم لا تقيم مثل هذه الفعالية وتصل نسبتها إلى 25,8 % فالنشاط الفاعل والموجه لبعض المنظمات غير الحكومية وبخاصة تلك التي تعمل في مجال الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة تمثل حاجة لتحسين توعية حياة النساء والرجال.وبينت الدراسة أن حملات التوعية الميدانية في المناطق الريفية هي أكثر أتساعاً من تلك التي توجه للمناطق الحضرية، باعتبار أن هناك احتياجاً ملحاً ومتنامياً لهذا النوع من الخدمات في المناطق الريفية مقارنة بمثيلاتها في المناطق الحضرية، وقد أكدت الدراسة أن آراء عينة البحث في المناطق الريفية استفادت من حلقات التوعية والتثقيف بنسبة 72,1 % في الريف مقابل 52,0 % في الحضر من خلال حملات التوعية التي تقيمها منظماتهم في هذا المجال.كما أكدت المؤشرات الإحصائية التي وصلت نسبتها ومن خلال آراء عينة البحث استعدادهم للحضور والمشاركة في حملات التوعية التي وصلت نسبتها إلى 89,0 % على أن الشباب المبعوثين أصبحوا ينظرون إلى أهمية مثل تلك الحملات الميدانية لما لها من دور في إحداث التغيير في سلوك الأفراد والجماعات من النساء والرجال تجاه قضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.ونوهت الدراسة بأن ضعف خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة يعقد من المشاكل الصحية وبخاصة تلك المشكلات التي تتعلق بالأوضاع الصحية للأمهات والأطفال.أما فيما يتعلق بمصادر ومعرفة آراء عينة البحث فهي عديدة وقد تناولتها الدراسة بالتحليل وتوضح المؤشرات في هذه الدراسة أن هناك ضعفاً في المؤشرات لبعض مصادر المعرفة بالوسائل الحديثة لتنظيم الأسرة، وغيرها من الجوانب الهامة المرتبطة بالصحة الإنجابية وأشارت الدراسة إلى أن ضعف المؤشرات لبعض مصادر المعرفة تضع المخططين للسياسات الصحية والخدمات الصحية أمام مسؤوليات جسيمة للتفكير الجدي في تشخيص هذه المشكلات التي ترجع أسبابها إلى عوامل واعتبارات عديدة لتقديم خدمات صحة إنجابية وخدمات تنظيم الأسرة لتلبية احتياجات الشباب المقبلين على الزواج أو المتزوجين ممن هم في سن الإنجاب.