شكيب عوض .. الإنسان الرائع والمبدع المتميز !!
* أعتقد أن مايميز شكيب عوض عن كثير من زملائه الصحافيين هو إخلاصه وحبه لتخصصه كناقد ومحرر فني . وهذا شيء تفتقد إليه الصحافة في اليمن . الصحفي اليمني ، لم يدرك مع الأسف اهميه التخصص لذا نراه يكتب في كل شيء في السياسة ، الاقتصاد ، والثقافة والفن والمنوعات والصحفيون الرياضيون ربما هم الاستثناء الوحيد . وفي رأيي المتواضع ، إن ذلك حرم الصحافة اليمنية من المتخصصين .. وحرم الصحفي من أن يكون مبدعاً ومجيداً ، وأن يحوز الشهرة التي يستحقها مثله مثل أي صحفي آخر في الدنيا ... شكيب عوض ، وهذا ما يميزه عن سواه ، أدرك منذ وقت مبكر أهمية التخصص في مهنة الصحافة التي أحبها وأخلص لها .. لهذا أبدع وأجاد ، وكون له اسماً في عالم الصحافة الفنية والصحافة بوجه عام . وربما لهذا استحق اللقب الذي أطلقه عليه البعض بأنه ذاكرة المدينة عدن ولا أعرف من يماثل شكيب عوض رحمه الله في هذا الاخلاص والحب لتخصصه سوى الزميل عبدالقادر خضر - أطال الله في عمره- فكلاهما وجهان لعملة واحدة ، ويكمل أحدهما الآخر مع الفارق في الاهتمامات . فبينما كان ميل شكيب نحو السينما أكثر ، وكل ما يتعلق بهذا العالم الساحر الذي يجمع كل الفنون ، فإن خضر يتجه بميله واهتمامه نحو عالم الفن والفنانين ، عالم الموسيقى والطرب والمطربين وإكتشاف المواهب الغنائية الجديدة دون أن يهمل الجوانب الاخرى .هذه ميزة اولى أراها في شكيب عوض ..* أما الميزة الثانية فهي تواضعه الجم على رغم شهرته .. وهي شهرة لم تأته بين ليلة ومنحاها ، بل وصل إليها عبر رحلة كفاح طويلة ، استغرقت عشرات السنين من البحث والتنقيب ، والسهر والتعب والجهد والكتابة المخلصة والصادقة ، وحين أتته الشهرة أخيراً ظل على تواضعه الانساني ، لهذا أحبه الناس جميعاً بدون استثناء .. وأحسوا بموته أن جزءاً عزيزاً وغالياً منهم ينسلخ منهم ..* أما الميزة الثالثة في شكيب عوض ، فهي قدرته على الوصول الى القارئ العادي والمتلقي العادي ، والمتلقي العادي عبر اسلوبه الذي اعتمده ، والقائم على البساطة والسهل الممتنع وأحياناً اللهجة العدنية ، المفهومة من كل الناس ، فحبب إليهم السينما وجعلها في نطاق اهتمامهم وفهمهم حتى عندما يتعلق الامر بالنقد السينمائي .. وهي مقدرة لاتتأتى لكل الناس .* أما عن شكيب الانسان ، الزميل والصديق ، فتلك رحلة زمالة طويلة لايكفي حديث قصير كهذا أن يفي به ، أوان يفي المرحوم حقه . ولعل الزملاء ممن تحدثوا قبلي ، أو من سيتحدثون بعدي قد أوفوا الموضوع حقه ، رغم شعوري أن شكيب يستحق منا جمعياً أكثر من ذلك نظراً لما كان يتمتع به من سجايا نبيلة ، وأخلاق فاضلة .* وثمة كلمة أراها مهمة أردت أن أقولها حتى لا يحدث لنا ولزملاء المهنة ما حدث لشكيب.. ولسواه لماذا لايكون للصحفيين صندوق ضمان اجتماعي يرعاهم في مرضهم ، وفي شيخوختهم ، ويرعى أسرهم بعدهم ؟! الى متى يشحذون ثمن العلاج كلما مرض أحدهم ، ويستعطفون هذا المسؤول أو ذاك ليحظى بفرصة علاج في الخارج ؟!* أما كلمتي الاخيرة التي أحببت أن أصارحكم بها . وكل الزملاء ، وكل المسؤولين فهي .. لماذا كل هذا الاهمال للمبدع عندما يكون على قيد الحياة لماذا نتجاهل ابداعه ، وعطاءه ، ومعاناته وألمه ومرضه .. وفجأة حين يواتيه الأجل يبدأ الاهتمام به وكأنه لم يكن بالامس حياً بيننا نتفرج على ألمه ومرضه والقهر الذي يفترسه؟!هذه محنة عربية ، ومحنة يمنية بإمتياز .. وقد آن لنا أن نهتم بإحيائنا قبل يأخذهم الموت منا .. أن لنا أن نتخلص من هذه العادة فنكرم من يستحق على عطائه ، وتضحياته ، والخدمة الجليلة التي قدمها لوطنه وشعبه كل في مجاله . ولا أقصد هذه السنة الحسنة لمنتداكم وبقية المنتديات في عدن في إحياء ذكرى الفقيد الغالي ..ولو كان شكيب عوض حياً بيننا ، وقرأ ما كتب عنه بعد موته وسمع ما قيل عنه ، بعد أن صار في عالم غير هذه الدنيا لكان ابتسم بألم قلبه الموجع .. ولقال في نفسه لو أن كل ذلك الذي كتب وقيل عني وأنا قادر على قراءته وسماعه ، لربما مدني ببعض الزيت في قنديل الحياة الموشك على الانطفاء .. لكنها سنة الحياة ، والموت الذي لايوفر أحداً ..رحم الله فقيدنا شكيب عوض..ورحمنا اجمعين .... إنه سميع مجيب .. آمين.