المقاومة انطلقت مع دخول المستعمر وتكلَّلت بثورة ردفان واستمرت حتى التحرير بحلقات وسلسلة طويلة من النضالات وأعمال المقاومة البطولية ضد الاستعمار والامامة سجلها المناضلون اليمنيون في طريق تحقيق الثورة الخالدة (26سبتمبر و14 أكتوبر و30 نوفمبر).. وفي الذكرى ال44 لثورة 14 اكتوبر المجيدة نتوقف قليلاً ونحاول ان نسترجع جزءاً من نضالات ابطال هذه الثورة وصانعيها الذين انبلج بفضلهم فجر الاستقلال في 1967م ..ولأن النضال كان طويلاً وغير منقطع طوال سنوات الاستعمار البريطاني فإن هذا الحيز لن يحتوي بالطبع إلاَّ جزءًا ضئيلاً جداً من حلقات هذا النضال.. ولان الاحداث كثيفة وضخمة وكبيرة وهي تصنع تاريخ هذا الوطن وتمهد الطريق لفجر ثورته، فلقد حاولنا تلخيص هذه الاحداث في نقاط مختصرة نجملها فيما يلي:- في اواخر القرن الثامن عشر الميلادي، والجزء الجنوبي من اليمن يعيش حالة من الضعف والهزال بسبب تقسيمه الى مجموعة من الدويلات القزمية والاقطاعيات المتصارعة فيما بينها.. وفي وقت كانت فيه هذه المنطقة من العالم تشهد تسابقاً استعمارياً شرساً من قبل الدولة الاوروبية، كانت عدن وبموقعها الاستراتيجي الهام على بوابة البحر الاحمر الجنوبية هدفاً لاطماع استعمارية بريطانية وفرنسية ونمساوية وايطالية وهولندية واسعة.- في 1802 عقدت شركة الهند الشرقية البريطانية مع سلطان لحج -الذي كانت عدن تتبع له - إتفاقية حصلت بموجبها على امتيازات ضخمة في مرفأ عدن الذي كان يعتبر اهم مرفأ تجاري في هذه المنطقة، وسمح السلطان بموجب هذه الاتفاقية بشحن البضائع الى عدن بدون رسوم جمركية بينما حصل الوكيل السياسي البريطاني في عدن على حق البت في جميع الدعاوى بين رعاية الامبراطورية البريطانية ورعايا سلطان لحج.. وكانت بذلك عدن تفقد جزءًا من استقلالها لصالح بريطانيا.[c1]احتلال عدن[/c]- في 1819م وبعد ارسال عدد من السفن باتجاه سواحل اليمن، اجبرت شركة الهند الشرقية الامام في شمال الوطن على الموافقة على مرابطة حاميتها في المخاء، ونالت للبريطانيين حق الحصانة ودرجة دنيا من الرسوم الجمركية على بضائعهم، ولحاجة انجلترا في ذلك الوقت لقاعدة ارتكاز لسفنها بدأت تمارس ضغوطاً عسكرية وسياسية متزايدة على سلطان لحج وشيوخ القبائل انتهت بإرسال فصيلة اقتحام استعمارية بقيادة الانجليزي القبطان هاينس كان ذلك تمهيداً لاحتلال عدن..- في 19 يناير 1839م تم الاستيلاء على عدن واصبح القبطان «هاينس» اول مندوب سامي لها بعد اخضاعها لرئاسة بومباي.- في 18/6/1939م عقدت معاهدة جديدة بين شركة الهند الشرقية اعترف بموجبها سلطان لحج بالسيطرة الانجليزية على عدن، وبعد عدة اتفاقيات ومعاهدات اخرى انتقلت ممتلكات السلطان نفسه الى حماية «الامبراطورية البريطانية» لتصبح عدن بعد ذلك أول «سلطنة» تخضع للحماية البريطانية ولتتبعها فيما بعد بقية السلطنات والإمارات والمشيخات.- في 1882م اشترى الانجليز من سلطان لحج مدينة الشيخ عثمان، وفي 1888م اشتروا جزءًا من الساحل الواقع بين عدن وشبه جزيرة البريقة، وفي 1915م احتلت القوات البريطانية جزيرة كمران التي كانت تخضع حتى ذلك الوقت للنفوذ التركي..- في 1937م اعلنت اليمن مستعمرة للتاج البريطاني واصبحت تدار مباشرة من وزارة المستعمرات البريطانية.- في 1956م وبعد فشل بريطانيا في جذب بقية الدول العربية الى «حلف بغداد» وفقدانها مواقعها بعد ذلك في مصر والعراق والسودان وعدد آخر من الدول العربية، انصب تركيز بريطانيا على عدن. وتم تحويلها الى أضخم قاعدة حربية بريطانية في شرق البحر الاحمر، وأُقيم عليها مقر القيادة العليا للقوات المسلحة الانجليزية في الجزيرة العربية وحولت هذه القيادة في مارس 1961م الى قيادة «الشرق الاوسط».وبالاضافة الى عدن كانت القوات البريطانية تتمركز في مكيراس والضالع وبيحان ولحج وسلطنة القعيطي.- في 11/2/1959م اعلنت السلطات الاستعمارية البريطانية رسمياً قيام ما اسمته باتحاد امارات الجنوب العربي، متكوناً من امارات الضالع وبيحان ومشيخة العوالق العليا وسلطنتي العوذلي والفضلي وسلطنة يافع، وفي الفترة من 1961م وحتى 1964م تم الحاق سلطنات لحج والعوالق السفلى الوحيدي والحواشب والشعيب وعدن والعلوي والمفلحي واتحاد دثينة ومشيخة العقربي ليبلغ عدد الولايات في هذا الاتحاد «17» ولاية يقطنها 900 الف نسمة.[c1]انطلاق المقاومة[/c] بالطبع لم تمر الحملة الاستعمارية التي قادها جنود الاحتلال البريطاني على جنوب الوطن بدون مقاومة رغم واقع الضعف والتفكك الذي كانت تعيشه البلاد.. ويمكن القول إن أولى الخطوات التي اتخذها الانجليز للسيطرة على عدن شهدت في مقابلها منذ اول اللحظات بروز بدايات حركة المقاومة الوطنية لصد المستعمرين.فمنذ البدء لم تجد الحملة التي قادها هاينس في 1828م الطريق سالكاً لاحتلال عدن، ورغم الفرق الضخم ما بين المستوى ونوعية التسليح والتنظيم الذي كان يتمتع به الجيش البريطاني وبين أدوات وأسلحة المقاومة الوطنية البسيطة إلا أن مقاومة شرسة كانت تنتظر هذه الحملة في عدن حيث دارت معارك بطولية للمقاومة ضد زحف المستعمرين وسقط في هذه المعارك 139 شهيداً وجرح 25 مناضلاً في حين تكبد الانجليز المدججين باسلحتهم الضخمة والحديثة 15 قتيلاً وجريحاً.وكانت هذه المعركة بداية سلسلة عظيمة متصلة من معارك اخرى خاضها اليمنيون باستبسال وبطولة ضد المستعمرين ورموز الاقطاع ومع بداية القرن العشرين كانت اعمال التمرد على سلطات الاستعمار تعم جميع الانحاء المحتلة في شكل انتفاضات عفوية للجماهير والقبائل في المواقع المختلفة.وفي 1902م انتفض فلاحو حضرموت.- في الاعوام 18-28-1957م خاضت قبائل ردفان سلسلة من اعمال المقاومة المسلحة ضد الاضطهاد الاستعماري.- وفي الفترة من سنة 1926م حتى الخمسينات استمرت انتفاضة فلاحي قبائل الزبيري في العوالق حتى استطاعت ان تطرد بعض القوات البريطانية من المراكز العسكرية هناك مما أدى إلى قيام القوات الاستعمارية بشن غارات جوية بسلاح الطيران البريطاني على مناطق الثوار أحدثت خراباً واسعاً في تلك المناطق.[c1]في مواجهة الطيران[/c]- وفي 1958 حدثت انتفاضة يافع السفلى كواحدة من الانتفاضات البارزة في تلك الفترة.. وحينها استخدمت بريطانيا سلاح الطيران لضرب المنطقة التي يتحصن المناضلون فيها وفي مواجهة الصمود الذي ابداه الرجال وتصاعد اعمال مقاومتهم رغم القصف عادت الطائرات تقصف مواقعهم مرة اخرى في فبراير من عام 1959م.- وفي 1958 اندلعت انتفاضة كبرى عندما عزمت السلطنة القعيطية على نزع السلاح من القبائل ، فاندلعت اعمال التمرد من هذه القبائل، واتسع نطاقها بعد ذلك ليجد الحكام الانجليز أنفسهم مضطرين لطلب النجدة والمساعدة من القوات البريطانية في مستعمراتها بأفريقيا، ومرة رابعة كانوا مستعدين للاستعانة بسلاح الجو لمواجهة ثوار حضرموت الذين اعلنوا تواصل مقاومتهم حتى اجلاء آخر جندي بريطاني من أرض الوطن وتمسكوا بهذا الموقف رغم القصف الوحشي الذي قامت به الطائرات على مواقعهم والخسائر الكبيرة التي احدثتها في صفوفهم ومواقعهم ومنازلهم.[c1]الانتفاضات الشعبية[/c] الفترة نفسها شهدت عدداً من الانتفاضات الشعبية في العديد من المناطق، الامر الذي حوّل جميع انحاء الوطن المحتلة الى بوأر مشتعلة من الثورات والانتفاضات الشعبية المتواصلة ضد جنود الاحتلال وعملائهم وكانت هذه هي السمة الاساسية للاعوام حتى تفجرت ثورة ال14 من اكتوبر في 1963م وخروج المستعمرين في 1967م.[c1]المنابر التنظيمية[/c]- حتى بداية الاربعينيات من القرن العشرين اكتسبت الانتفاضات والثورات ضد الانجليز طابعاً عضوياً غير منظم . اذ لم تتبلور في الساحة حتى ذلك الوقت التنظيمات والقوى السياسية والحركات المنظمة التي كان يمكنها قيادة حركة الجماهير الى مواقع العمل المنظم والتخطيط الدقيق.وفي الفترة من منتصف الاربعينات تقريباً شهدت البلاد نوعاً ظاهراً من تزايد الوعي الوطني، وظهرت بعض المنابر التنظيمية في شكل نوادٍ وجمعيات ضمت في عضويتها عناصر وطنية مهمومة بالتغيير والاستقلال، وشهدت تلك الفترة تصاعداً في اعمال الحركة الوطنية ضد الاستعمار بدأت تتخذ لها قواعد فكرية وحماساً روحياً خاصاً تشبع بأفكار القومية العربية التي برزت في ذلك الوقت كتيار واضح بعد انتصار ثورة 1952م في مصر بقيادة جمال عبدالناصر، وكان آخرون من المثقفين اليمنيين قد تعرفوا بشكل كبير على الافكار الليبرالية والاشتراكية في وقت كان العالم يشهد تعاظماً لحركات التحرر من الاستعمار القديم في افريقيا وآسيا على وجه الخصوص.- وفي مواجهة نشاط الحركات والنوادي المتكونة.. وبالضد من نزعة التوحد التي ظهرت في افكار اعضائها نشأت الجمعية العدنية التي طرحت شعار « عدن للعدنيين » ونادت بانفصالها عن بقية اجزاء الوطن.- رداً على المناداة بانفصال عدن من قبل الجمعية العدنية ظهرت في نهاية الاربعينات وبداية الخمسينات نواة لحركة جديدة نادت بوحدة الوطن. هي رابطة ابناء الجنوب العربي التي اتخذت في بداية نشأتها موقفاً منادياً بوحدة اليمن والوحدة العربية الشاملة.- وضمن هذه الانقسامات تكونت الجبهة الوطنية الموحدة «من جناح منقسم من بعض العناصر الوطنية الاخرى وطرحت شعار وحدة الوطن اليمني شماله وجنوب.. وأكدت ضرورة الثورة على الامامة والاستعمار معاً.. وشهدت هذه الفترة والفترات التي اعقبتها حتى النصف الثاني من الخمسينات تشكيل العديد من التنظيمات الاخرى التي لعبت أدواراً مختلفة في قيام حركة التحرر الوطني ومواجهة المستعمرين البريطانيين.- في عام 1960م سمحت السلطات البريطانية بتكوين الاحزاب.. فتشكلت في عدن خمسة عشر حزباً وهيئة سياسية.. كما شهدت هذه الفترة قيام بعض اشكال العمل الجبهوي والتحالف بين التنظيمات السياسية.[c1]تصاعد المقاومة[/c]- منذ النصف الثاني للاربعينيات بدأت النقابات والمجموعات العمالية في عدن تفعيل ضغطها على السلطات الاستعمارية في شكل اضرابات مطلبية عامة، وشهدت تلك الفترة تأسيس اكثر من 20 نقابة جديدة ، تم تمثيلها مع بقية النقابات في مجلس معد لانعقاد المؤتمر العمالي في 1956م الذي كان له دوره الكبير في تبني مطالب العمال والتعبير عنها وتطويرها لملامسة المطالب الوطنية الاقتصادية والسياسية عامة.- مع تزايد نشاط وحركة العمال وفي الوقت الذي كان فيه الاستعمار يعمل لضم عدن الى اتحاد الجنوب العربي برزت الحاجة الى تأسيس حزب سياسي بالاستناد الى الحركة العمالية.وكان هذا الحزب هو حزب الشعب الاشتراكي الذي تأسس في 1962 وساهم بدور كبير في تجذير الشعارات الاتحادية الوطنية والمعادية للاستعمار.. والمشاركة بفاعلية في مقاومة الخطط الاستعمارية في الجزء المحتل من الوطن.- في الفترة من 22 يوليو وحتى 16 اغسطس 1962 عقد مؤتمر دستوري في لندن اقر ادخال عدن ضمن اتحاد الجنوب مما اثار حفيظة الحركة الوطنية التي اندفعت لمقاومة هذا القرار، فدعت القوى الوطنية الى الاضراب العام لمدة ثلاثة ايام والزحف على المجلس التشريعي لمقاومته دون التصديق على هذا الاتفاق وبالفعل قام هذا الاضراب واشتعلت المظاهرات وقام جنود الاحتلال باعتقال عدد كبير من المتظاهرين دون ان يحد ذلك من حركة الجماهير وهي تحتشد باتجاه المجلس وواصلت جموعها الثائرة في مسيرتها الى السجن والمجلس، وتجددت هذه المظاهرات في 24 سبتمبر حينما احتلت الشرطة منطقة المجلس التشريعي في كريتر ونقلت اعضاء المجلس بالطائرات المروحية في حين كان رجال الشرطة يفرقون التظاهرات بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي.- في 25/9/1962 والثوار يعدون عدتهم في صنعاء للانقضاض النهائي على عهد الامامة البغيض كانت الاضرابات والمظاهرات تعم عدن والمناطق الاخرى في المناطق المحتلة من، مما دعا السلطة البريطانية هناك الى استدعاء فرق من الجيش لمساعدة الشرطة في قمع المواطنين الثائرين، فسقط ثلاثة من المتظاهرين شهداء واعتقل 120 منهم وصادق المجلس على معاهدة ضم عدن الى الاتحاد.[c1] ثورة 26 سبتمبر[/c]- وفي السادس والعشرين من سبتمبر 1962 تتوج الكفاح الوطني الطويل ضد الامامة في شمال اليمن بانتصار الثورة ضد الامام وقيام النظام الجمهوري، وقد شكلت هذه الثورة البداية الحقيقية للثورة الواحدة ضد الامامة والاستعمار معاً.. وهو ما تجسد في وحدة النضال الوطني.ولعلم السلطات البريطانية بهذا الامر وهذه الدرجة من الترابط الوثيق بين الثورة ضد الامام والحركة الجماهيرية ضد الاستعمار فإنها لم تتوان عن اتخاذ موقف التحفز والعداء لثورة 26سبتمبر وللجمهورية الوليدة، فسمحت منذ البدء لمرتزقة الامام المندحر بناء قواعدهم لمهاجمة الجمهورية في المناطق المستعمرة من الوطن، ومدتهم سلطات الاستعمار بالمال والسلاح والمعدات التي يحتاجونها في عملياتهم المضادة للثورة.- وبعد انتصار ثورة 26سبتمبر مباشرة وجدت الحركة الوطنية المناضلة ضد الاستعمار متنفساً وقاعدة للانطلاق والنضال والتنظيم والإعداد في المناطق المحررة من سلطان الامامة، ففتح حزب الشعب الاشتراكي البارز في ذلك الوقت مكتبين له في صنعاء وتعز، وتوسع في نفس الوقت نشاط حركة القوميين العرب التي تعزز وجودها في عدن.- وفي 1961م برزت فكرة تشكيل جبهة قومية موحدة لخوض الكفاح المسلح ضد الاستعمار حتى تحرير البلاد من سلطته.[c1]الكفاح المسلح[/c]- في 24/2/1963م تحولت فكرة جبهة الكفاح المسلح الى خطوات تنفيذية في طريق تكوينها عندما بدأت الاجتماعات الرامية لتأسيسها في دار السعادة بصنعاء بحضور عدد كبير من رجالات القبائل والجنود والضباط مع أعضاء حركة القوميين العرب وحزب الشعب الاشتراكي، وعدد كبير من المستقلين وتمخض هذا اللقاء عن تشكيل لجنة تحضيرية لإعداد مشروع ميثاق وطني لهذه الجبهة التي أُتفق ان يكون اسمها «جبهة تحرير الجنوب اليمني».وبالفعل وضعت اللجنة هذا المشروع في 8/3/1963م وقد تألف الميثاق من نقاط عديدة تضمنت البرنامج وحددت ان الكفاح المسلح هو الوسيلة لتحرير الوطن من الاستعمار البريطاني.. والدفاع عن الجمهوورية الوليدة في شمال الوطن.. ورفع منظمو الجبهة بعد ذلك رسالة الى الرئيس عبدالله السلال الذي سمح لهم بفتح مكتب للجبهة في صنعاء.- في 19/8/1963م وباجتماع سبع تنظيمات هي حركة القوميين العرب، والجبهة الناصرية، والمنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل، والجبهة الوطنية، والتشكيل السري للضباط الاحرار، وجمعية الاصلاح اليافعي، وتشكيل القبائل، تم الاعلان عن قيام الجبهة القومية التي رفعت شعار الكفاح المسلح واعلنت حرب التحرير الشعبية حتى الاستقلال.- بعد ذلك اعلن الرئيس المصري جمال عبدالناصر عن تأييده لفكرة الكفاح المسلح وأبدأ استعداد بلاده لتقديم الدعم والسلاح اللازم لهذه الجبهة من خلال وجود القوات المصرية في مواقع الدفاع عن الجمهورية القائمة على انقاض الامامة.[c1]انطلاق الثورة[/c]- في 14/10/1963م انطلقت شرارة الكفاح المسلح ضد الاستعمار من جبال ردفان بمشاركة عدد كبير من أبناء القبائل في تلك المنطقة الجبلية.- فور انطلاقة الثورة المسلحة عمل الانجليز على استعمال اساليب القمع السابقة آملين اخمادها، ومع فشلهم في ذلك وتصاعد اعمال الثورة رغم الحملات العسكرية الواسعة ، ايقن المستعمر أنه الآن امام ثورة ليست كما مر من انتفاضات وان الثوار هذه المرة لن يوقفهم شيء قبل التحرير الكامل وكانت كتائب الجيش النظامي الاستعماري وسرياته وفصائله ودباباته، ومدافعه التي حشدت في ردفان لمواجهة الثوار تواجه هذه المرة ثورة لها عوامل قوتها واستمراريتها وتحقيق اهدافها وقد زاد القمع والقصف الثوار اصراراً وادى ضرب الثائرين بمدفعية الدبابات وقنابل الطائرات الى اشعال الغضب والثورة في بقية المناطق المحتلة من اليمن.- في بداية 1964 بدأت تصل الى ردفان القوافل الاولى من الاسلحة الواردة من الجمهورية المصرية وكانت اذاعتا صنعاء وتعز تبثا حملاتهما لدعم الثوار وتوسيع نطاق الثورة وحجمها في وقت كانت فيه الانتفاضة تتزايد وكانت شرارتها تمتد لجميع المناطق.- في 30/10/64 بدأت السلطات الاستعمارية عملية عسكرية واسعة سميت (ردفان موزس) وشارك فيها عدد من الجنود يبلغ لواء تقريباً وسرية من الدبابات وفوح مدفعية وكتيبتين من الجيش النظامي الاتحادي مع مساعدة القوات الجوية البريطانية بهدف اخماد الثورة في ردفان ومنذ بداية هجوم هذه العملية مُني المستعمرون بخسائر واسعة اثبتت قدرة الثوار على الاستمرار واكدت ان هذه الثورة تسير في طريق تحرير الوطن بكل القوة والصلابة والصمود بعد ان امتد لهيبها في مطلع 1964م الى مناطق اخرى في الوطن المحتل.[c1]المناورات والكفاح [/c]- حددت السلطة الاستعمارية في ذلك الوقت انعقاد مؤتمر دستوري في ديسمبر 1963م بلندن كمناورة سياسية أرادات من خلالها امتصاص غضب الثوار وتزييف ارادة الجماهير اليمنية.- قبيل مغادرة الوفد الذي كان من المفترض سفره للمشاركة في المؤتمر المزعوم، وفي ساحة المطار القى المناضل خليفة عبدالله حسن قنبلة على افراد الوفد قتلت احد المسؤولين الانجليز وجرحت 53 آخرين. منهم المندوب السامي وبعض الوزراء، وادى ذلك الى تعطيل الاجتماع المقترح.وفي ذلك الوقت تصاعد نشاط الثوار وهجومهم المكثف على مواقع الجنود وفي اعقاب اعتقالات واسعة قامت بها سلطات الاحتلال بعد حادث المطار جرت في عدن اضرابات واسعة للطلاب والعمال والموظفين في حين اتسعت معارك الثوار مع القوات الاتحادية والبريطانية التي تساندها المصفحات والطائرات.- في يونيو 64 ووسط معارضة وطنية واسعة انعقد في لندن المؤتمر المذكور برئاسة وزير المستعمرات البريطاني ساندس وخلال شهر هو فترة انعقاده لم يتوصل المشتركون في هذا المؤتمر الى اتفاق بشأن موضوعهم حول مستقبل ما يسمونه بدولة الجنوب العربي فانقضى المؤتمر بفشل ذريع.واستمر في اثناء ذلك القتال بين الثوار والجيش الاستعماري بعد ان شهد العام الاول للثورة فتح جبهات جديدة للمواجهة ومع بداية 1965م وصل عدد هذه الجبهات الى 11 جبهة وكانت الثورة قد شملت حينها كافة انحاء البلاد المستعمرة.[c1]عمليات الابطال[/c]- في 26/8/64 شن الثوار هجوماً على مواقع العدو في القرن ورأس نقيل الظاهر وحبيل جبر في الضالع.- في 27/8/64 فجرت سيارة عسكرية في الطريق من سناح الى الضالع بالقرب من بئر الوبح وقتل فيها 4 ضباط.في 28/8/64 نصب الثوار فخاً لدورية تحمل المواد الغذائية من الضالع الى سناح وكبد الثوار في هذه العملية قوات المستعمرين عدداً من الخسائر في الارواح والذخائر والمواد الغذائية.- في 29/8/64 كان اسقاط الثوار للطائرة العسكرية وهجومهم على مواقع في موديا وامصار.- في 30/8/64 نفذوا هجوماً على مقر القيادة البريطانية في الضالع وقتلوا 3 بحارة وحارسين للمستشار السياسي.- 31/8/64 فجروا سيارة للعدو بالقرب من المطار في الضالع ثم نفذوا هجوما على مقر القيادة البريطانية في نفس المنطقة.- في 2/9/64 شكلوا هجوماً على مركز حبيل جبر في ردفان ومصيدة للدورية في سيلة حردبة.[c1]في عدن[/c]- في يونيو 1964م وبعد انتصارات متلاحقة للثوار استطاعوا نقل الثورة الى داخل عدن التي كانت تحت اشراف هيئات التنكيل الانجليزية و«الاتحادية» وبرغم الصعوبات الجمة التي كانت تعوق نقل الكفاح اليها ونقاط التفتيش والاسلاك الشائكة المحيطة بها كان الثوار قد نجحوا في ادخال ونقل الاسلحة اليها وصنع القنابل البلاستيكية داخلها.- في 4/6/1964م هز انفجار احدثه الثوار في مقر المجلس الاتحادي في عدن.- في 21/6/1964م حدث انفجار آخر في دار المستشار الانجليزي.- وفي نهاية صيف 1964م كان الكفاح قد اندلع في انحاء مختلفة في المدينة بعد ان توالت انفجارات القنابل وسقط عدد من العسكريين الانجليز جرحى بأيدي الثوار.السلطات الاستعمارية بذلت جهداً كبيراً لمنع انتشار عمليات الكفاح الثوري في عدن واعلنت فيها حالة الطوارئ وبدأت حملة واسعة من الاعتقالات واعمال القمع والمداهمات التي لم تستطع ان تطال الثوار الذين واصلوا ثورتهم في داخل المدينة وخارجها وفي جميع انحاء الوطن المحتل.- في نوفمبر 1964م وصل الى عدن زعيم حزب العمال البريطاني السابق وزير المستعمرات انطوني غرينوود.. واعلن في لقاء مع قادة المؤتمر العمالي نية بريطانيا في تسليم السلطة في عدن الى حكومة مدنية يشكلها المؤتمر العمالي وبعض الساسة العدنيين.- وفي اثناء امسية احتفالية اقامها المندوب السامي لضيفه البريطاني الزائر سمع المحتفلون اصوات انفجارات مدفعية كان يطلقها في تلك اللحظة الثوار على مجموعة ضباط وموظفين بريطانيين في بار وعلى عدة سيارات انجليزية.- وفي الاسبوع التالي نفذ الثوار عملية اخرى ليصل عدد عملياتهم في عام 1964م الى 36 عملية فدائية وواصلوا كفاحهم بعد ذلك حتى بزوغ فجر الحرية والاستقلال في 30 نوفمبر 1967م.
14 أكتوبر .. يوميات الكفاح والفداء و النصر
أخبار متعلقة