ومن آداب الصيام المستحبةِ أنْ يستحضر الصائم قدر نعمة الله عليه بالصيام حيثُ وفَّقَه له ويسره عليه حتى أتم يومه وأكْملَ شهره، فإنَّ كثيراً من الناسِ حرموا الصيام إما بموتهِم قبل بلوغه أو بعجزهم عنه أو بضلالهم وإعراضهِم عن القيام به، فَلْيحمدِ الصائم ربه على نعمة الصيامِ التي هي سبب لمغفرة الذنوب وتكْفير السيئات ورفْعة الدرجات في دارِ النعيم بجوارِ الرب الكريم.إخواني: تأدبوا بآداب الصيام، وتخلَّوا عن أسباب الغضب والانتقام، وتحلوا بأوْصاف السلَف الكرام، فإنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ ما أصلَح أولها من الطاعة واجتنابِ الآثام.قال ابن رجبٍ رحمه الله: الصائمون على طَبقَتين: إحداهما: من ترك طعامه وشرابه وشهوته لله تعالى يرجو عنده عوض ذَلك في الجنة،فهذا قد تاجر مع الله وعامله والله لا يضيع أجر من أحسنَ عملاً ولا يخيب معه من عامله، بل يربح أعظم الربح، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - لرجل: ((إنك لن تدع شيئًا اتقاء الله إلا آتاك الله خيراً منه)) أخرجه الإِمام أحمد[9].فهذا الصائم يعطى في الجنةِ ما شاء من طعام وشرابٍ ونساءٍ. قال الله تعالى: (كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئًَا بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِى الاَْيَّامِ الْخَالِيَةِ) [الحاقة:24]. قال مجاهد وغيره: نزلت في الصائمين، وفي حديث عبدالرحمن بنِ سمرةَ الَّذي رآه النبي - صلى الله عليه وسلّم - في منامه قال: ((ورَأيتُ رجلاً من أمَّتِي يلْهثُ عَطَشًا كُلَّمَا دنا من حَوضٍ مُنِعَ وطُرِدَ فجاءه صيامُ رمضان فسقاهُ وأرواه))، خرجه الطبراني[10].يا قوم ألا خاطب في هذا الشهرِ إلى الرحمن؟ ألا راغب فيما أعد الله للطائعين في الْجنان؟مَنْ يُرِدْ مُلْكَ الْجِنــَانِ فلْيَدعْ عنه التوانيولْيَقْم في ظُلمةِ الليـلِ إلى نــــورِ القُــــــــرآنِولْيَصِلْ صومًابصومٍ إن هذا العَيشَ فَـــانِإنَّما العيشُ جِـوارُ الله فـــــــي دارِ الأمـــــــــانِ الطَّبقَةُ الثانيةُ من الصائمين: من يصوم في الدنيا عما سوى الله فَيحفَظُ الرأس وما حوى والْبطْن وما وعى ويذْكُر الموت والْبِلى ويريد الاخرةَ فَيترك زينة الدنيا، فهذا عيد فطرهِ يوم لقاءِ ربه وَفَرحته برؤْيتهِ.من صام بأمر الله عن شهواته في الدنيا أدركها غداً في الجنة، ومن صام عما سوى الله فعيده يوم لقائه: (مَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [العنكبوت:5].يا معشر التائبين صوموا اليوم عن شهوات الْهوى لتدرِكوا عيد الفطرِ يوم اللِّقاء.اللَّهُمَّ جَمِّل بواطِنَنَا بالإِخلاصِ لك، وحَسِّنْ أعمالَنا باتِّباع رسولِكَ والتأدُّب بآدابه، اللَّهُمَّ أيْقِظْنا من الغَفَلات، ونجِّنا من الدَّركات، وكفِّر عنَّا الذنوبَ والسَيِّئات، واغْفِرْ لَنَا ولوالِدِينا ولجميع المسلمين الأحياءِ منهم والأموات، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ وعلى آلِهِ وأصحابِه أجمعينَ
|
رمضانيات
آداب الصيام
أخبار متعلقة