تحقيق:أثمار هاشم- تصوير: عبدالواحد سيف المعاقون أو ذوو الاحتياجات الخاصة شريحة اجتماعية تعيش بيننا شئنا أم أبينا - علينا التعامل معهم والقبول بهم كأفراد لهم الحق في الحياة الكريمة والعمل.ولأن وضع المرأة المعاقة أكثر حساسية وخصوصية من الرجل من حيث تقبل المجتمع لها، حاولنا التركيز عليها فكان نزولنا إلى مركز التأهيل المهني لذوي الاحتياجات الخاصة لإجراء التحقيق التالي :-[c1]الأهداف والأنشطة[/c]في البدء التقينا الأخت/ ليلى با شميلة رئيسة مركز التأهيل المهني لذوي الاحتياجات الخاصة التي ابتدأت حديثها قائلة:-يهدف المركز إلى تدريب وتأهيل المعاقين من الذكور والإناث على مهن تتناسب مع قدراتهم الجسدية والذهنية تمهيداً لدمجهم في الحياة العامة وقد قمنا بدراسة وضعية المرأة ووجدنا أن لديها إعاقتين فكونها امرأة يعني أنها معاقة أما الإعاقة الثانية فهي الإعاقة الفسيولوجية التي تعاني منها وعلى هذا الأساس قمنا بتصميم البرامج التدريبية التي تتناسب مع متطلبات السوق المحلية، حيث أنه ومنذ تأسيس الجمعية عام 1990م تخرجت فيه أكثر من (7) دفعات من الذكور والإناث إلا أننا وجدنا أن السوق ترفض تشغيل المعاقين من الرجال والنساء وإن كان الرجال أوفر حظاً من النساء في الحصول على عمل بالرغم من قرارات مجلس الوزراء والوثائق التي تنص على أنه من حق كل فرد في المجتمع أن يتحصل على فرصة عمل لذا أجرينا دراسة مشروع خاص بالمرأة المعاقة وقدمناه للسفارة الكندية بعد أن قمنا بشرح أهداف المشروع ومبرراته كما أقمنا مشاريع صغيرة مدرة للدخل للنساء بمعنى أن المرأة المعاقة يتم تدريبها في المركز وبعد اكتسابها المهارات اللازمة نقوم بتوظيف هذه المهارات في إقامة مشروع صغير مدر للدخل نقوم نحن بتمويله ليمكن المرأة المعاقة من العمل داخل المنزل بعد أن نقوم بتدريب أسرتها لتتعاون معها في تصريف المنتوجات وبالرغم من هذا لازالت هناك عقبات ومشاكل أمام المرأة المعاقة التي تحتاج للتوجيه لتكون واثقة ومعتمدة على نفسها وكل برامجنا موجهة لتحصل المرأة على حقها في المجتمع.[c1]الإعاقات ومسبباتها[/c]وجدنا أن أكبر إعاقة عندنا هي الإعاقة السمعية التي تصل نسبتها إلى حوالي (70) يليها الإعاقة الحركية ثم الذهنية (التخلف البسيط) وهناك مجموعة من النساء تحمل إعاقتين ولاحظنا أن عدد الذكور في الجمعية أكثر من الإناث وعلى هذا الأساس قمنا وبتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية بإجراء مسح في مديريتي الشيخ عثمان والبريقة كانت نتيجته أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في مديرية الشيخ عثمان (742) معاقاً منهم (466) من الذكور بنسبة 36% والإناث (276) بنسبة 37 وقد وجد أن 36 لديهم إعاقة خلقية و 64% لديهم إعاقة مكتسبة موزعين على النسب التالية : المعاقون حركياً 37%، المعاقون سمعياً 14%، المعاقون ذهنياً 19%، المعاقون بصرياً 5%، إعاقة مزدوجة 25 %، أما نتائج المسح في مديرية البريقة فكانت (599) معاقاً منهم (351) من الذكور بنسبة 59%و (248) من الإناث بنسبة 14% وكانت نوعية الإعاقة كالآتي : 30%إعاقة حركية، 16%إعاقة ذهنية، 14%إعاقة سمعية، 12%إعاقة بصرية، 28 %إعاقة مزدوجة، كما أشارت نتائج المسح إلى أن عدد الإعاقات المكتسبة بلغت (357) إعاقة بنسبة 59%والتي تعود أسبابها إلى الإصابة بالحميات أثناء مرحلة الطفولة حيث بلغ عددها (121) حالة تمثل 20%تليها السقوط من أماكن مرتفعة بنسبة 5%ثم حوادث السيارات بنسبة 6%والحروب وضحايا الألغام بنسبة 1.2%، أما الإعاقة الخلقية فقد تركزت أسبابها على : الوراثة 16%، فقر الدم 5%، تعاطي الأدوية أثناء فترة الحمل 9 %.وقد وجد فريق المسح أن كثيراً من الأسر ترفض الاعتراف بأن بناتها معاقات خوفاً من المشاكل الاجتماعية التي قد تترتب على ذلك منها عدم زواج بناتها السويات وذلك لجهل كثير من الأسر أن الإعاقات تكون بعضها لأسباب وراثية وهذا يتطلب إجراء فحوصات طبية بينما هناك إعاقات تكون مكتسبة والتي تكون مسبباتها إما قبل الولادة أو أثناء الولادة أو بعد الولادة.[c1]المعاقات والحياة الاجتماعية[/c]عملية تعامل المعاقات مع الآخرين يمكن أخذها من عدة نواح فهناك مجموعة من الفتيات اللاتي تأهلن وتدربن في الجمعيات والمراكز المتخصصة استطعن إقامة علاقات اجتماعية عن طريق الزيارات التي يقمن بها في ذات الوقت هناك فتيات معاقات داخل بيوتهن لم يكتب لهن الحظ في التعليم في مدارس عادية أو متخصصة وهؤلاء دائماً ما يكن منغلقات على أنفسهن وعندما يصلن إلى سن معينة يصبن بالإكتئاب والخوف من الناس لأنهن غير متكيفات اجتماعياً أما نظرة المجتمع للمعاقين وتحديداً المرأة المعاقة فإن كثيراً من الناس ينظرون إليها بفضول كبير حتى عندما تفكر الفتاة المعاقة في الزواج وهو حق طبيعي أن تفكر فيه وأن يكون لديها بيت وأطفال فإن حدث وتزوجت فإن الكثيرين يحضرون زواجها من باب الفضول لذا فإن التوعية تحتاج لبرامج كثيرة في وسائل الإعلام المختلفة والمحاضرات لتغيير النظرة تجاه المعاقين ويجب أن تكون البداية من الأسرة التي عليها دفع ابناءها وبناتها للدراسة في المدارس والمعاهد وحتى الجامعة.[c1]نظرة قاصرة[/c]والتقينا بالخ/ محمد علي عوض الاختصاصي الاجتماعي بالجمعية الذي تحدث إلينا قائلاً : المركز يضم أولاداً كثيرين أكثر من النساء، وبالنسبة للمرأة المعاقة فإن معاناتها مزدوجة فنظرة المجتمع للمعاقة لازالت قاصرة بالإضافة إلى نظرة المجتمع تجاه المرأة بشكل عام والتي لم ترق إلى المستوى الذي تستحقه علماً بأننا مجتمع منحه الله نعمة الإسلام وكرم المرأة ومنحها كافة حقوقها لذا فإن دورنا يقوم على تأهيل وتدريب المعاقين بتعليمهم مهارات اجتماعية بالإضافة إلى تخفيف الأثر النفسي والسلبية التي يعاني منها المعاقون عن طريق الجلوس معهم إما بصورة فردية أو جماعية حسب الحالة ومن خلال جلوسنا مع المعاقين وجدنا أن معاناة المعاق تبدأ من الأسرة عندما يتعرض للإهمال فانشغال الأم بأبنائها الأسوياء وعمل الأب طوال النهار تجعل المعاق يعيش في عزلة ولا يستطيع التعبير عن نفسه لذا نجد أن المعاق تصبح مهاراته في الكلام ضعيفة وينطق اسمه بصعوبة وشعوره بالخجل والخوف من الآخرين ونحن نحاول هنا إزالة تلك المخاوف وتبسيط الأمور ومساعدته لتكوين علاقات سوية مع الآخرين، كذلك وجدنا أن بعض الأسر تبالغ في حماية ابنائها المعاقين الذين يعتمدون على أسرهم اعتماداً كلياً وعندما يأتي إلينا المعاق يتوقع منا بأن نقوم بكافة الأشياء نيابة عنه لذا نحاول تغيير هذه السلوكيات ليبدأ بالاعتماد على نفسه بمساعدة الاختصاصيين الذين يعملون على تأهيل الجوانب الشخصية للمعاق.[c1]الإعاقة والأثر النفسي[/c]كما التقت الصحيفة بالأخ/ عبد الرحمن علي الاخصائي النفسي بالمركز الذي تحدث إلينا عن المعاقين قائلاً الإعاقة بشكل عام لها تأثير على نفسية المعاق، والمرأة المعاقة تشعر أكثر من الرجل بأن الإعاقة أثرت على مستقبلها بشكل كبير وهذا ينعكس على نفسيتها ويشعرها بعدم الأمن والاستقرار وأن مستقبلها ضائع فالمعاق بشكل عام يشعر بأنه معزول وأن المجتمع غير قادر على تقبله وذلك لأن الأسرة تعزل المعاق منذ البداية وعندما يأتي المركز لا يستطيع التعامل مع الآخرين ونحن هنا بالمركز لدينا برنامج لإعادة تكييف المعاقين مع زملائهم وتكوين علاقات وكذا تقبل المهنة التي يتدربون عليها لأن بعضهم يشعرون بأن إعاقتهم لن تمكنهم من التدرب على أي مهنة ونعمل على شرح ما هي قدراتهم وامكانياتهم في بعض المهام كذلك نقوم بإرشاد الأسرة إلى كيفية التعامل مع المعاق ووجدنا بعض الأسر تستجيب لنصائحنا حول كيفية التعامل مع المعاق وهناك أسر أخرى لا تفعل ذلك لأنها تظن بأنها يكفي احضار المعاق إلى هذا المركز ويبقى فيه مدى الحياة بينما المركز لديه برنامج أن المعاق يجب أن يأخذ نصيبه من المركز ليعطي الفرصة للآخرين، فالمعاق بشكل عام رجلاً أو امرأة يحتاج إلى بذل جهد أكثر من السليم لتوجيهه إلى كيفية الاعتماد على نفسه وعدم تعطيل قدراته وطاقاته.[c1]صعوبة الحصول على عمل[/c]بينما أوضحت الأخت/ أفراح عبد الرحمن اخصائية التشغيل بالمركز قائلة :بعد أن يتم تدريب الفتيات في المركز فإننا نتابع لهم وظائف في الخارج وإذا لم تتوفق في الحصول على وظائف في السوق المحلية قمنا بانشاء مشغل خياطة في المركز لتوظيفهن ونحصل لهن على مناقصات لعدد من المرافق الحكومية وذلك لجعلهن يستمررن في العمل مقابل ذلك يتم اعطائهن أجورهن أولاً بأول مثل أي موظفة عادية إلى جانب ذلك نقوم باعطائهن قروضاً ميسرة من أجل شراء مكائن خياطة في المنازل لتحسين أوضاعهم المعيشية وإنشاء مشاريع صغيرة لهن، إلا أن أبرز الصعوبات التي تواجههن هي عدم حصولنا على وظائف لخريجات المركز لأن وظائف مهنة الخياطة والمعامل في الخارج رجالي كذلك لا توجد مصانع لتوظيفهن في السوق المحلية بحجة أن المعامل لديها اكتفاء ذاتي.[c1]صعوبات[/c]وأفادت الأخت/ نهلة فضل مشرفة مشغل الخياطة بالمركز في حديثها معنا قائلة :بعد أن يتم تدريب الفتيات في ورش الأشغال اليدوية والخياطة يتم تحويلهن إلى هذا المشغل كمنتجات ومن أبرز الصعوبات التي نواجهها أن بعض الفتيات نتيجة لجلوسهنفي المنازل وتحديداً الصم والبكم والمعاقات حركياً نجدهن دائماً منطويات على أنفسهن نتيجة البيئة التي ينشأن فيها لأن بعض الأهالي يعزلون المعاق ولا يسمحون له بمواصلة دراسته لذا عندما يلتحق بالمركز يواجه صعوبات في القراءة والكتابة وكوني إحدى المعاقات دائماً ما أواجه نظرة غريبة من الأسوياء وعندما أسير بالشارع أسمع كلمات شفقة تبعث الحزن في نفسي فنحن المعاقون لسنا كالأسوياء وهناك أشياء لا نستطيع عملها فتواجهنا صعوبات في الحياة العملية إضافة إلى ضياع فرص كثيرة لتوظيفنا بسبب الإعاقة وعدم مواصلتنا لتعليمنا لذا اشدد على ضرورة حث أهالي المعاقين على مواصلة تعليمهم حتى دخول الجامعة، أما بالنسبة للزواج فهناك معاقات كثيرات تزوجن واستطعن تحمل مسؤولية الأسرة.[c1]إحساس مؤلم[/c]وخلال لقائنا الأخت/ سيناء محمود مساعدة مدرب أكدت بقولها :كوني معاقة دخلت إلى هذا المركز الذي استطعت فيه أن اتعلم القراءة والكتابة كما تعلمت الأشغال اليدوية والخياطة وبعد تخرجي وحصولي على الشهادة في هذا المجال أصبحت أعمل مساعدة مدرب في المركز وأتذكر أني كنت صغيرة أشعر بالخوف من الخروج إلى الشارع وأفضل البقاء في البيت خاصة وأني كنت استخدم كرسياً متحركاً لذا كنت اعتقد بأني الوحيدة التي تعاني من إعاقة إضافة إلى أن نظرات الناس لي تشعرني بالخجل ولكن بعد دخولي إلى المركز وافتتاح ورشة الأطراف الصناعية قمت بتركيب جهاز وأصبحت استخدم العكاز في المشي ولكني في بعض الأحيان عندما اسقط بالشارع أشعر بالإحراج وأكره كوني معاقة وينتابني إحساس مؤلم واتمنى لو أنني لم آت إلى هذه الدنيا وبعض الأحيان أفكر في الزواج وأحياناً أخرى أخاف من التفكير فيه لأني معاقة ولا أصلح أن أكون أماً وربة بيت خاصة أن المرأة تكون مسؤولة عن بيت وأطفال لذلك أشعر بأن وضعي بدون زواج سيكون أفضل.[c1]تعامل الأهل ساعدني[/c]الأخت/ إشراق عبد العزيز مساعدة مدرب بالمركز تحدثت قائلة :عندما كنت صغيرة أصبت بحمى سببت إعاقتي حركياً وكنت أذهب للمدرسة ولكني لم استطع مواصلة دراستي فبقيت بالبيت لاعتقادي بأني الوحيدة التي تعاني من إعاقة فلم أكن أعلم أن هناك معاقين آخرين ولكن تعامل الأهل والمحيطين بي ساعدني كثيراً وعندما دخلت للمركز درست الخياطة وأصبحت الآن مساعدة مدرب كما أن وجودي بالمركز جعلني أشعر براحة نفسية لأني اكتشفت أن هناك آخرين إعاقتهم أكثر مني لذلك بدأت بالاطمئنان وبدأت أشعر بتحسن وبالنسبة للزواج فأنا لا أفكر فيه حالياً ولكن أن وجد الشخص المناسب فلا مانع في الزواج خاصة أن هناك معاقين تزوجوا وانجبوا أطفالاً سليمين.[c1]كلمة أخيرة[/c]من خلال نزولنا لمركز التأهيل المهني لذوي الاحتياجات الخاصة وجدنا أن هناك علاقة تبادلية بين هذا المركز وباقي المراكز فيما يخص تدريب المعاقين كما أن الاحصائيات التي اوردناها كان مصدرها المركز الذي زرناه وقد سعينا للحصول على احصائيات أخرى لمعرفة أعداد المعاقين إلا أن عدم توافر احصائيات جديدة لدى بعض المراكز وعدم حصولنا على هواتف البعض الآخر حال دون ذلك.نأمل أن تحصل هذه الفئة على دعمنا وأن تطبق كافة القرارات المتعلقة بالاهتمام بالمعاقين وتوظيفهم لا أن تكون مجرد حبر على ورق.
(14 أكتوبر) في مركز التأهيل المهني لذوي الاحتياجات الخاصة
أخبار متعلقة