غضون
* رواية ( مصحف أحمر ) للأديب اليمني محمد الغربي عمران تقطع لها قطاع الطرق أول ما طبعت ، والآن قرر القائمون على المعرض الدولي للكتاب بصنعاء حظرها وكأنها من أسلحة الدمار الشامل ، وقبلها حظرت رواية وجدي الأهدل (قوارب جبلية) ،وأشعل سلفيون حرباً لأن صحيفة في تعز أعادت نشر (صنعاء مدينة مفتوحة) للعبقري الفقيد محمد عبد الولي ، وهذه العادة العربية في مصادرة الكتب أو حظر بيعها ومعاقبة الكتاب والناشرين مستحكمة للغاية وهي على أية حال عادة قديمة وضحاياها كثر كان من أبرزهم وأقدمهم الفقيه والقاضي والفيلسوف ابن رشد الذي جمعت كتبه وأحرقت في مهرجان عام وأوذي الرجل ومات مغلوباً واليوم فقط عرفنا قيمة آرائه وأفكاره الأصيلة، ولم تمت تلك المحرقة لا كتب ابن رشد ولا غيره فهي الآن مفخرة المكتبات العربية .. بالله عليكم هل في هذا الزمان يمكن إخفاء أو مصادرة كتاب بقرار في ظل وجود أحدث وسائل التواصل والنشر؟.* مشكلة العربي أنه يخجل من تراثه ويتخوف من كل جديد تماماً مثل المصاب بالزكام الذي يغلق النوافذ لكي لا يصيبه الهواء النقي .. والعبرة متوافرة فأكثر الكتب والأفكار التي أخافت وتخيف العربي والتي حاربها وأحرقها وصادرها وقمعها هي تلك التي يكتشف بعد مدة أنها هي الأنفع له ولمجتمعه.وقد صاغ العربي خجله وخوفه من الجديد ومن العلوم والآداب في قوانين ولوائح مخجلة.. تصوروا مثلاً أن وزارة الثقافة عندنا تراقب الكتب بموجب لائحة تجرم ما “ ينطوي على خيال “ هكذا ، بينما المعروف أن القصص والروايات وأصناف أخرى من الأدب تعتمد أصلاً على الخيال.. وتجرم هذه اللائحة كل ما “ينطوي على مساس “ بالعادات والتقاليد” وطبعاً هذا يشمل عادات وتقاليد مثل الثأر والقات وحمل الأسلحة ، وتجرم “ ما يمس الأديان “ دون تحديد ما هو هذا” المس” أو المساس.* إن الرقابة على الضمائر والعقول ومصادرة الفكر والتضييق على حرية التفكير ومصادرة أو منع الكتب الرفيعة القيمة والجديدة في موضوعاتها مصيبة عربية عامة ، وفي هذا الوقت الذي منع القائمون على معرض الكتاب عندنا رواية “مصحف أحمر” يتزامن معه نفس الإجراء في معرض الكتاب في الكويت وقبله في دمشق وقبله في القاهرة .. والمصيبة هي أن هذا المنع والحصار مضروب فقط على الكتب التي تعتمد على مناهج العلم على العقل وتعمل على ترقية تفكير الناس والنهوض بالمجتمع وتجديد ثقافته، بينما يشحنون المكتبات ومعارض الكتب بمؤلفات تحض على التطرف والإرهاب والخرافة وما يعطل العقول ويكرس التخلف.