الرياض /متابعت:أظهرت تقديرات مشتركة لصندوق النقد الدولي ومعهد التمويل الدولي ارتفاع حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولاسيما الدول العربية مثل: مصر، الأردن، تونس، المغرب، والجزائر بصورة كبيرة خلال الأعوام الماضية، خاصة منذ عام 2002، حيث يقدر حجم تلك التدفقات بنحو 100 مليار دولار لغاية الربع الأول من عام 2008، في حين دعا عدد من المحللين والاقتصاديين إلى قيام تعاون وتنسيق أكبر على مستوى الحكومات والقطاع الخاص في الدول العربية لدمج تلك الاستثمارات في إطار الجهود والمشاريع الهادفة لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي.وبينت تلك التقديرات أن ارتفاع الإيرادات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 2002 قد دفع الهيئات والجهات المسؤولة عن إدارة الفوائض المالية إلى البحث عن استراتيجيات استثمارية بديلة سواء من الناحية الجغرافية أو الموجودات الاستثمارية. وقد استفادت دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولا سيما مصر، المغرب، تونس، الجزائر، والأردن بصورة كبيرة من التدفقات الاستثمارية الخليجية، حيث يقدر معهد التمويل الدولي إجمالي تلك التدفقات بنحو 60 مليار دولار خلال الفترة من 2002 ـ 2006، بينما تقدر إحصائيات ارتفاع هذه التدفقات إلى نحو 85 مليار دولار عام 2007، وقد ناهزت الـ 100 مليار دولار مطلع عام 2008، وهي تمثل 11 في المائة من إجمالي التدفقات الاستثمارية الخارجة من دول مجلس التعاون التي تقدر بنحو تريليون دولار خلال الأعوام السبعة الماضية.وفقا لبيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي، فقد شكلت التدفقات الاستثمارية الخليجية إلى مصر نحو 25 في المائة من إجمالي التدفقات الاستثمارية الواردة إليها أي بنحو 11 مليار دولار عام 2007، حيث تم استثمار معظم تلك الاستثمارات في مشاريع عمرانية وعقارية وقطاع الاتصالات والسياحة، علاوة على القطاع المالي. كذلك الحال في تونس التي مثلت حصة دول مجلس التعاون 1.6 مليار دولار أي نحو 6 في المائة من إجمالي التدفقات الاستثمارية عام 2007. أما في المغرب، فقد بلغت حصة دول التعاون من إجمالي التدفقات الاستثمارية الواردة إليها 2.8 مليار دولار، نحو 15 في المائة عام 2007، وقد ذهبت معظمها في مشاريع عمرانية وسياحية أيضا.كما أوضحت تلك التقديرات أن المغرب شهد خلال عام 2007 قيام مشاريع خليجية قدرت استثماراتها بنحو ستة مليارات دولار، كما حصلت تونس على تعهدات لاستثمارات خليجية بنحو 29 مليار دولار على مدى السنوات العشر الماضية في مشاريع عمرانية وسياحية.فيما يخص الاستثمارات الموجهة نحو البورصات العربية، تقدر بيانات صندوق النقد الدولي أن بورصات القاهرة وعمان والدار البيضاء حازت نصيب الأسد من تلك الاستثمارات. وتحوز الرساميل الأجنبية أكثر من الثلث في تداولات أسواق القاهرة والمغرب ونحو النصف في المغرب، وتحوز الاستثمارات الخليجية نحو النصف من تلك الرساميل.وفي الوقت الذي يؤكد فيه صندوق النقد الدولي أن تلك الاستثمارات حققت عوائد كبيرة للاقتصادات العربية وأسهمت في تنفيذ مشاريع التنمية فيها، دعا اقتصاديون إلى قيام تعاون أوثق على مستوى الحكومات والقطاع الخاص في الدول العربية لدمج تلك الاستثمارات في إطار المشاريع الهادفة لقيام تكتل اقتصادي عربي قوي يواجه التكتلات الاقتصادية العالمية الكبيرة، مشيرين إلى أن الأموال الخليجية يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في تحقيق هذا الهدف.وتكشف إحصائيات حديثة أن حجم التجارة البينية العربية لا يتعدى ملياري دولار مقابل 18 تريليون دولار استثمارات عربية في الخارج عام 2007 وأوضحت هذه الإحصائيات أن الفجوة في الميزان التجاري العربي بين الصادرات والواردات تبلغ أكثر من 15 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، وذلك على الرغم من مرور عشر سنوات على دخول اتفاقيات التجارة الحرة العربية حيز التنفيذ، ودخول هذه الاتفاقيات مرحلة التطبيق. كما تفيد هذه الإحصائيات أن حجم التبادل التجاري العربي متواضع جدا مقارنة بحجم الاستثمارات العربية في الخارج، فالأرقام تؤكد أن التبادل التجاري بين مصر والمغرب مثلا عام 2007 لم يتعد 60 مليون دولار، وبين لبنان ومصر 96 مليون دولار، والرصيد التراكمي للاستثمارات العربية البينية الخاصة في عشر سنوات من 1995 إلى 2006 لم يتعد 60 مليار دولار، ما يؤكد صحة عدم تحقيق اتفاقيات التجارة العربية أهدافها.وفي هذا الإطار تشير تلك الدعوات إلى أن تحقيق هدف دمج الاستثمارات الخليجية في مشاريع التكامل الاقتصادي العربي اصطدم في الماضي بالسمات الغالبة على الاقتصادات العربية المتمثلة في هياكل اقتصادية تتسم بوجود قوي للدولة ومسيطر عليها القطاع الأولي وقطاع الخدمات بنوعية متوسطة، ونظام مالي غير متطور يوفر خيارات محدودة من الأدوات المالية، وطاقة إنتاجية ضعيفة الاستغلال تولد معدلات بطالة تزيد على 15 في المائة، ونظام تعليمي يؤكد التعليم التقليدي بدلا من الإبداع والاختراع والأفكار، ونهج إدارة governance يتسم بالبيروقراطية وعدم المحاسبة، وشعور عام بعدم الاستقرار السياسي بسبب مشكلة الشرق الأوسط.لذلك لا بد أن يقوم التعاون المأمول بين الحكومات والقطاع الخاص في الدول العربية في هذا المجال على أساس وضع الإطارات والبرامج والسياسات السليمة الجاذبة للرساميل من جهة مع حرية وتنويع أكبر في الخيارات المطروحة، وفي الوقت نفسه وضع إطار استراتيجي عام لكيفية إسهام تلك الخيارات في تفعيل التكامل الاقتصادي العربي، حيث إن بقايا السياسات الاقتصادية القديمة غير السليمة والمؤسسات غير الفاعلة هما المسؤولان عن انخفاض الإنتاجية الحدية لرأس المال في البلدان العربية التي تقدر بنحو 15 في المائة مقارنة بنحو 21 في المائة للدول النامية و27 في المائة للدول المتقدمة. يذكر أن توقعات معهد التمويل الدولي تشير إلى تنامي صافي الأصول الأجنبية المعلنة في دول المجلس من 176 مليار دولار في 2001 إلى ما يقارب تريليون دولار عام 2007 مع تغير ملحوظ في خريطة توزيعاتها، حيث كانت الأصول تتوزع في 2001 على المحافظ الاستثمارية في الأوراق المالية مثل الأسهم والسندات، في حين شهد العام الماضي 2007 تغيراً في خريطة توزيع الأصول حيث ارتفعت حصة الأسهم الأمريكية إلى 28.8 في المائة والدين الأمريكي طويل المدى 20 في المائة واستثمارات أجنبية مباشرة بحصة تبلغ 15.4 في المائة.
100 مليار دولار تدفقات الاستثمارات الخليجية للدول العربية
أخبار متعلقة