مع انتشار محلات الاثاري العشوائية :
صنعاء / سبأ :بات التزايد الملحوظ لمحلات ألعاب الأتاري المنتشرة بشكل عشوائي في أزقة وشوارع الحارات وخصوصا الفقيرة يشكل خطرا على مستقبل أعداد لا بأس بها من الأطفال الذين يترددون على هذه المحلات دونما رقابة او مسؤولية سواء من الاسرة او المجتمع .وتفتقر هذه المحلات التي هي في الغالب عبارة عن دكاكين صغيرة بداخلها عدد من اجهزة الاتاري والبلاي بوي والسوني المتصلة باجهزة تليفزيون ،إلى ادنى مستويات الاهتمام سوى جدران باهتة ومخدشة وإضاءة شبه معدومة والاكتفاء باضاءة شاشات الأجهزة التي وضعت امامها كراس خشبية مهترئة وآخرى من الحديد دون استناد ظهر من يمارس اللعب الذي يظل منحنيا طوال فترة اللعب . وبالرغم من ان المجتمع لا يحبذ وجود مثل هذه المحلات ويستشعر اضرارها على الابناء الا ان الغرابة تكمن في تواجد العديد من الاطفال في اماكن لعب الاتاري!!!.الطفل عادل البالغ من العمر 11 عاما يبرر سبب تواجده في محل العاب الاتاري انه يحتوي على العاب مثيرة ومشوقة وقيمة والاهم ان الالعاب رخيصة الثمن ، بينما لا يخفي انه ياتي في بعض الاوقات دون علم اسرته بحجة انه يلعب مع اصدقائه في الشارع واوقات اخرى ياخذ الإذن من والديه .ويقول « احيانا يعطيني ابي او امي فلوساً اروح العب بها واحياناً اوفر من مصروف المدرسة وبعض الاحيان ما (ما اتقرعش) حتى ارجع واكل في البيت «وينفي عادل انه غاب يوما من المدرسة لكي يذهب الى محل الاتاري بقوله « ما حصلش اني غبت عشان اروح العب اتاري .ويخبرنا الطفل صدام 13 سنة عن لعبته المفضلة التي يلعبها فيقول « احسن لعبة عندى المصارعة وهي تشتي اثنين يلعبون او اختار انا لاعب والجهاز لاعب ، مع تفضيله ان يلعب مع منافس من البشر كي يستمتع بروح المنافسة والندية .بدوره يقول لنا الطفل معين البالغ من العمر 12 سنة ان لديه جهاز اتاري في المنزل اشتراه له والده الا انه يفتقر حسب قوله الى وجود العاب قوية ومثيرة والتي تتواجد بشكل كبير في محلات الاتاري «منهيا حديثه بموقف حصل معه ووالده كان سببا في ان يشتري الاب له جهاز الاتاري ملخصه ان والده ارسله لشراء علبة سجائر من البقالة المجاورة لكنه ذهب ولم يرجع فكان ان عصف القلق بقلب ابيه وخرج يبحث عنه وكانت المفاجاة ان صاحب البقالة اخبره ان ابنه اشترى السجائر قبل وقت لاباس به فازدات مخاوفه وبدت ملامح القلق على ولده واضحة على وجهه وبينما هو في غمرة افكاره اذا باحد الصبية يقول له « انت بتدور على ابنك « فقال الاب « ايوه شفته « فاجاب الطفل » في محل الاتاري ». وختم معين حكايته بما ناله من جزاء رادع وضرب مبرح ومع ذلك عاد ثانية .ومن شغفه الكبير بالعاب الاتاري يقول الطفل حسام ان امنية حياته ان يمتلك محلا كبيرا للاتاري به اكثر من 20 جهازاً تدر عليه الكثير من المال كي يحقق كل امانيه ويعمل حسام البالغ من العمر 15 سنة الذي ترك الدراسة مبكرا محاسبا في احدى الحافلات لظروف اسرته الصعبة ولم يخفي انه ينفق ما يقارب نصف ما يجنيه خلال عمله في لعب الاتاري دون تدخل او رقابة من اسرته التي لا تكترث بما يفعل طالما يعود للبيت بالمال .هؤلاء الاطفال وغيرهم لا تقع على عاتقهم اية مسؤولية تذكر ولايتحملون تبعات ما قد يحدث لهم من مشاكل واضرار طالما تنصل الكبار عن واجبهم ومسؤولياتهم تجاه ابنائهم فهل الابوين هما من يتحملا مسؤولية ذلك ام المدرسة ام المجتمع ككل ؟!!!!. وبهذا الشأن حمل محمد العواضي مدرس تمهيدي الاسرة مسؤولية هروب او غياب الطالب وذهابه الى محلات الاتاري او غيرها ويقول « الاطفال امانة في اعناق ابائهم وامهاتهم ومحيط اسرهم ،ومرحلة الطفولة مرحلة تكوين واكتساب وتعلم ، وهذا هو ما سيحدث اذا ظل الطفل يتردد باستمرار على تلك المحلات او غيرها دون رقابة اسرية .ويضيف كما انه يجب على الاب او الام عدم ترك الطفل الذهاب بمفرده الى المدرسة التي تتحمل المسؤولية في حالة دخوله من الباب وحتى خروجه منوها ان المدرسة لا تقل مسؤولية عن الاسرة من خلال متابعة الطلبة وخصوصا طلاب التمهيدي والاساسي ومعرفة اسباب الغياب بالنسبة للمتغيبين والتواصل المستمر مع اولياء الامور في كل ما يتعلق بمستوى الطالب .نحن لا نقول إن على أولياء الأمور منع أبنائهم من ألعاب الفيديو، ولكن وتابع انه لا مانع ان يستمتع الاطفال بالعاب الاتاري شرط اختيار الاهالي بعض الألعاب المفيدة أو تلك التي تنمي عقل الطفل لا تلك التي تهدمه خاصة العاب الدمار والقتل والاحتيال والقتال والتي تساعد بدورها في غرس ملكات الجريمة بين اوساط الاطفال .من جانبه يرى عبدالله الشراحي رب اسرة ان هذه المحلات بحاجة الى رقابة كما هو الحال في محلات الانترنت وتحديد الالعاب المناسبة لمستوى الاطفال وازالة اية العاب قد تؤثر على سلوكهم وشخصياتهم تاثيرا سلبيا .لافتا الى ان المسؤولية الاولى تقع على الاسرة في التربية السليمة ومن ثم المجتمع وفقا لمقولة «ابنك على ما ربيته » .ويبين الباحث الاجتماعي نبيل عبدالسلام الاضرار الاجتماعية والنفسية والسلوكية التي قد نتتج من تردد الاطفال على محلات الاتاري العشوائية المتمثلة في الادمان والاستمرار في الذهاب واللعب و اكتساب عادات وسلوكيات سيئة كالكذب وعدم الاكتراث واللامبالاة ، والتسول، والسرقة في بعض الاحيان كي يوفر ثمن اللعب ، فضلا عن الاثار السلبية التي قد تلحق بالطفل اثر اختلاطه باصدقاء السوء والضرر الكامن في مضمون الالعاب التي لا تتناسب مع عقلية واستيعاب الطفل ومداركه والتي يغلب عليها العنف والحرب والقتال مما تؤثر عكسا في سلوك الطفل ونفسيته .وأكد اهمية دور الاسرة في التربية الصحيحة والتنشئه السليمة التي تزرع في الابناء القيم والسلوكيات والاخلاق الحميدة والفاضلة وكذا الاهتمام والمتابعة المستمرين للاطفال اضافة الى اهمية دور المدرسة والجهات المعنية بحماية وحقوق الطفل في هذا الجانب . من جهته يبين طبيب امراض العيون المقيم بمستشفى الكويت الجامعي الدكتور عمار سلمان دلول الاضرار الصحية الناتجة عن تعرض الاطفال لشاشات الاجهزة والاضاءة والالوان القوية التي من ابرزها تحسس العين وتاثرها واجهادها وكذا تاثر عضلات العين والشبكية نتيجة المشاهدة والتركيز المستمرين وهما يؤدي مع مرور الوقت الى ضعف البصر ومشاكل بصرية كثيرة .وينصح الدكتور عمار بالرقابة المستمرة على الاطفال من قبل اولياء الامور وتحديد اوقات اللعب والراحة ومشاهدة التلفاز وتوفير بديل مناسب للطفل في المنزل بدلا من ذهابه الى محلات لعب الاتاري .