مع الأحداث
انتهت أسطورة «حزب الله» بمجرد أن تحول سلاحه للداخل اللبناني. بعد خطاب نصر الله وإعلانه الحرب على حكومة السنيورة يكون قد انكشف الحزب، وانكشف زعيمه صاحب النصر الإلهي. حزب نصر الله غير معني بلبنان التوازنات، وغير معني بأن لبنان لكل اللبنانيين.لبنان ليس للسنة، ولا للشيعة، وليس للدروز أو المسيحيين، لبنان لكل لبناني. لبنان دولة قائمة على التنوع، لا دولة مرشد أعلى، ولا دولة عفلق. اختطاف «حزب الله» لبيروت، التي يحتلها فعليا منذ الاعتصام الشهير، كشف أن الحديث عن المقاومة ما هو إلا غطاء، وكذبة كبرى تعود العرب عليها مرارا، مثلما تعودوا على تصديقها.كذبة مقاومة «حزب الله» رأيناها في تاريخنا المعاصر كثيرا، وما زلنا نصدق الكذبة، ونختلف حولها، ونحن نعرف انها كذبة. قضية لبنان ليست في المطار، أو في ضابط يعصي الدولة ليأتمر بأوامر حزب، بل القضية الأساسية هي في الكذب وتصديقه، الكذب الذي يقود لتدمير دولنا.كذب رأيناه في عام 2006 في حرب الصيف، ويومها صدق من صدق حسن نصر الله، بأنه لقن إسرائيل درسا قاسيا.. لكن ما هي تكلفة ذلك الدرس؟ بالطبع لبنان مكسر، بحكومة محاصرة، ووزراء تحت الإقامة الجبرية في فندق، ودولة تستجدي الأموال، وأهم من كل ذلك ألف قتيل لبناني راحوا قربانا للزعيم نصر الله.تعودنا الكذب. وتعودنا التعايش مع الكذب في عالمنا العربي، وإلا ما معنى أن تبني إيران شبكة اتصالات هاتفية لمصلحة «حزب الله» خارج نطاق الدولة، ومن ثم يعتبر «حزب الله» شركة الاتصالات جزءا من سلاح المقاومة، مثلها مثل المطار، ومدير المطار، فما الذي بقي في لبنان الدولة؟ما يحدث في لبنان اليوم دليل واضح على أنه لا بد من نزع سلاح «حزب الله» وبسط يد الدولة على كل لبنان، لا أن تكون في يد حسن نصر الله وإيران وسورية. لا بد أن يكون لبنان دولة تدار من مجلس وزراء، لا من داخل أقبية.لا يمكن لإيران أن تدعم «حزب الله» في لبنان باسم المقاومة، وهي في تفاوض مستمر مع أميركا في مكان آخر. ولا يمكن لسورية أن تدعم حسن نصر الله، ونبيه بري، باسم المقاومة، وهي غارقة في تفاوض مع إسرائيل. فعن أي مقاومة إذاً يتحدثون.ولذا عندما أقول إننا تعودنا الكذب فهذا ليس كلاما عاطفيا، كما انه ليس استهدافا للشيعة كطائفة، فهل نسينا أن حماس السنية قد اجتاحت غزة واحتلتها وأعلنت الانقلاب، فما الفرق الآن ونحن لدينا حزب يحتل بيروت، وجماعة تحتل غزة، والداعمون إيران وسورية.انتهت أسطورة «حزب الله» بكل تأكيد، لكن ثمن اكتشاف كذبة حسن نصر الله وحزبه سيكون مكلفا للبنان واللبنانيين، والعالم العربي، ونحن الآن إزاء فصل جديد لا يقل سوءا عما سبق، سيدفع فيه المواطن اللبناني ثمنا باهظا، ولذا فلا بد أن يدفع المتلاعبون بلبنان ثمنا يكفل انتهاء حقبة انتهاك لبنان.الدول لا تبنى، أو تطهّر بالساهل.. هذه هي الرسالة.asharqalawsat.com@tariq* عن/ «الشرق الاوسط»