جميل النمري تتهم (حماس) اضراب الموظفين والمعلمين في مناطق السلطة بأنه سياسي بقناع مطلبي. وفي كل الأحوال، فهي تستغرب هذا التحرك في مواجهة الحكومة؛ فإسرائيل والمجتمع الدولي هما من يمنعان المال عن الشعب الفلسطيني وليس الحكومة الحماسية.هذا صحيح، فالحكومة لا تملك مالا، لكن ما الذي تقترحه حماس على الموظفين بعد ان استمرّوا بالعمل دون راتب لمدّة 6 اشهر؟ ان يستمرّوا بالعمل دون راتب الى ما شاء الله؟! هل هذا معقول؟ ولنفترض ان الإضراب موجه سياسيا من فتح، فماذا تطلب منهم حماس؟ استمرّوا بالعمل مجّانا لدعم حكومة حماس لأنها مستهدفة، حتى لو كان وراءكم عائلات لا تستطيعون إطعامها؟ هل هذا معقول؟! مرّة اخرى قد تقول حكومة حماس: ماذا نستطيع ان نفعل؟ اضغطوا على العالم وليس علينا! اذن، على الآخرين ان يقوموا بإنقاذ خطّ حماس الذي يقول "نجوع نجوع ولا نركع"! حماس تمارس البطولة والتصلب السياسي، والآخرون يستخدمون علاقاتهم الإقليمية والدولية واستجداء الحلّ حتّى لا يموت الناس من الجوع.. امّا اذا طالب هؤلاء الحكومة بموقف سياسي مقبول دوليا، لكي يتمكنّوا من فك الحصار، فسيتم تخوينهم واتهامهم بالتواطؤ مع الضغوط الدولية من أجل "انتزاع تنازلات سياسية". هذه خطّة طريفة!حتّى الكلام اعلاه لن يفلت من كل أنواع التهم، ونحن نسحبه كلّه شرط ان نسمع خطابا اكثر نزاهة ووضوحا. ان من حق حماس المحافظة على خطّها السياسي وثوابتها حرفيا، ورفض كل القرارات الدولية، وكل ما وقّعت عليه السلطة الفلسطينية، بشرط واحد؛ هو ان تكفّ عن افتراض انه يجب على موظفي السلطة ان يستمروا بالعمل مجّانا أكثر من ستّة اشهر، وأن تصارح الشعب بأنها لا تستطيع ادارة حكومة وأجهزة وموظفين، وأنها سوف تتنازل عن هذه المسؤولية لأنها تفرض تنازلات سياسية لكي يكون هناك تفاهم وتمويل دولي. تداري (حماس) هذه الحقيقة بالبكاء على الديمقراطية التي يطالب العالم بها, ثم يتنكّر لها حين تأتي نتائجها بغير ما يشتهون.وهذا الكلام لا يفيد ايضا؛ فالدول لا تحدد موقفا من الديمقراطية، بل من الحكومة الموجودة، وهذا حق سيادي لجميع الدول. ودول الغرب لم تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية الى أن غيّرت خطّها السياسي، واعترفت بقرارات الشرعيّة الدولية. هذه مسألة موازين قوى وصراع سياسي. حماس تطالب الاتحاد الاوروبي بحترام التزاماته وإعادة فتح المساعدات إلى خزينة الحكومة الفلسطينية، وحماس تدرج ايضاً ان التزامات الاتحاد الاوروبي كانت منصوصة في اتفاقية أوسلو التي تعهدت فيه الدول الضامنة للاتفاق بتموين مشروع بناء السلطة الوطنية الفلسطينية.. لكن حماس تتجاهل حقيقة انها اعلنت عدم اعتراف حكومتها باتفاقية أوسلو وغيرها من الاتفاقيات الدولية.. بينما تطالب الاخرين بالوفاء بتعهدات التزمو بها تطبيقاً لاتفاقيات دولية تنكرت لها حماس ورفضتها فور وصولها إلى السلطة!!وقد فهمت منظمة التحرير انها امام طريق مسدودة مع العالم كلّه اذا ما استمرت بمطالب جذريّة، من نوع انهاء وجود اسرائيل. مهما قيل عن تسييس الإضراب، فالحقيقة الماثلة هي ان حماس لا تستطيع ان تفترض استمرار الناس بالعمل مجّانا أكثر من ستّة أشهر، وهي التي عليها ان تقول كيف ستحلّ المشكلة؟ وهنا بالتأكيد المسألة سياسية!!.
المنطق المفقود في موقف( حماس)!!
أخبار متعلقة