أضواء
القرار الجريء الذي اتخذته حكومة الإمارات الأسبوع الماضي ممثلة في وزير التربية، بنقل بعض المدرسين الذين ينتمون للأحزاب الدينية كجمعية “الإصلاح” الإماراتية (الإخوان المسلمون) من مناصبهم في وزارة التربية كمدرسين وإداريين إلى مناصب أخرى في وزارات لا تتعامل مع الأطفال والطلاب من الشباب...هذا القرار الحازم والصائب يدل دلالة قاطعة على إدراك القيادة في دولة الإمارات لأهمية عدم تسييس الجيل الصاعد من الشباب الذين يشكلون اليوم في الإمارات ودول مجلس التعاون الأغلبية السكانية بنسبة تزيد عن 60% من السكان الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً. التساؤل لماذا أقدمت الإمارات على هذه الخطوة؟ السبب الرئيسي يعود إلى حقيقة أن الإمارات ودول المجلس الخليجي وعت حقيقة ازدياد التطرف الديني والإرهاب بين شباب الخليج... وقد حاولت دول المجلس كل على طريقتها معالجة هذه الحقيقة خصوصاً بعد ازدياد العمليات الإرهابية في الخليج والمنطقة. فبعض دول الخليج وضعت قيوداً على خطباء المساجد وحاولت تغيير مناهج التعليم في بلدانها، لكن لم تتخذ أي دولة أي خطوة ضد المدرسين المؤدلجين الذين ينتمون للتيارات الإسلامية السياسية، هؤلاء المدرسون هم الذين زرعوا بذور التطرف والمغالاة في الدين وزرع الفتنة الطائفية في المجتمع الواحد.فالكويت مثلاً حاولت أن تتخذ بعض الخطوات لتغيير المناهج لكنها قوبلت بالرفض من قبل جماعات الإسلام السياسي في الشارع ومجلس الأمة، مع حقيقة أن وزارة التربية لم تتطرق إلى حقيقة تطرف المدرسين وانتمائهم للإسلام السياسي بسبب هيمنة أحزاب الإسلام السياسي على جمعية المعلمين الكويتيين والاتحاد الوطني لطلبة الكويت ومعظم المناصب الحساسة في وزارة التربية، مما يجعل من الصعب أو من المستحيل تحديث التعليم ليواكب روح العصر.ما تشهده البحرين هذا الأسبوع من مظاهرات وطنية تدعو إلى رفض الطائفية والدعوة إلى الوحدة الوطنية، يعود إلى إساءة النائب السلفي جاسم السعيدي لرئيس المجلس الإسلامي العلمائي الشيخ عيسى قاسم.من يتابع قضايا الإرهاب والتطرف في الخليج يلاحظ أن الدول الخليجية التي تعاملت مع قضايا التطرف الإسلامي بحزم وقوة منذ البداية هي اليوم أكثر استقراراً وأمناً من دول الخليج الأخرى.دولة الإمارات وسلطنة عُمان كانت قيادتاهما السياسيتان على وعي تام بخطورة أحزاب الإسلام السياسي على بلديهما وتعاملتا معها لمنع تنظيماتها من التغلغل بين الشعب تحت أي مسميات إسلامية. واليوم تمنع دولة الإمارات وعمان “تسييس التعليم” في بلديهما. أما دول الخليج الأخرى التي شجعت قياداتها الأحزاب الدينية وشجعتها كوسيلة لمحاربة الحداثة والتغيير التي عبر عنها الليبراليون والقوميون والقوى الوطنية... تجد هذه الدول نفسها اليوم غير قادرة على وضع حد للتطرف في بلدانها بين الشباب بسبب هيمنة الإسلام السياسي على مؤسسات التعليم.[c1]*عن/ صحيفة (الاتحاد )الاماراتية [/c]