شخصيات خالدة
[c1]* عالم ولغوي عربي [/c]ولد الأب انستاس ماري الكرملي في 5/ آب/ 1866 ببغداد ، لأب لبناني وهو ميخائيل عواد وأم بغدادية وهي مريم أوغسطين وسمي ( بطرس ) ، و دخل مدرسة الآباء الكرمليين ثم مدرسة الاتفاق الكاثوليكي ، وعندما لمس أساتذته شغفه باللغة العربية ونبوغه فيها ، عين مدرسا لها وهو في السادسة عشرة من العمر فقط.في عام 1886 أرسل الى المدرسة اليسوعية في بيروت لدراسة اللغتين اليونانية واللاتينية ، ومواصلا في ذات الوقت تدريس اللغة العربية ، وفي نفس العام سافر الى بلجيكا حيث إرتدى أسكيم الرهبان في دير شفرمون ، واصبح اسمه منذ ذلك الحين انستاس ماري الكرملي ، و في عام 1888 إنتقل الى دير مونبيليه ( فرنسا ) ليقضي فيه ست سنوات في دراسة اللاهوت والفلسفة واللغات . وفي عام 1893 رسم كاهنا ً ليعود بعد عام الى وطنه العراق ، مرورا ً ببلاد الأندلس ليطلع على بقايا الحضارة العربية المندرسة ، و فور عودته الى بغداد ، تولى ادارة مدرسة الآباء الكرمليين لعدة سنوات ، ثم ترك الإدارة ليتفرغ تماما ً للبحث والدراسة والتأليف ، بهمة عالية ونشاط قل مثيله .عند اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914 تعرض للمضايقة والاضطهاد من قبل الاتراك ، نظرا لمواقفه الوطنية . وبالنتيجة سرقت واحرقت الكثير من كتبه وسيق جورا ً الى المعتقل في قيصرية عبر مدينة حلب السورية ، وهناك تعرض لألوان التعذيب ، ولولا تدخل مطران الأرمن ، لمات شنقا حتى الموت .منذ نعومة أظفاره ولج طريق الكتابة ، فكتب مقالات كثيرة وبحوثا ً قيمة جدا ً زادت عن الالف ، في مختلف الصحف والمجلات العلمية والادبية التي لها مكانتها في العراق او في خارجه ، فنشر مثلا ً : في المشرق ، المقتطف ، المسرة ، زهور ، الصفاء ، البشير ، الهلال ، الأهرام ، وغيرها .وكانت له قدرة في تعلم اللغات فأجاد الفرنسية ، اللاتينية ، اليونانية ، السريانية ، العبرية ، الحبشية ، التركية ، الفارسية ، الانكليزية ، الاسبانية ، والايطالية ، إضافة لنبوغه في اللغة العربية التي أحبها وعشقها وإعتبرها أغنى اللغات وأجملها .كان يدعو للتصحيح اللغوي والحفاظ على اللغة العربية، ألف معجما سماه المساعد يقول عن سبب تأليفه له: «منذ أخذنا نفهم العربية حق الفهم، وجدنا فيما كنا نطالع فيه من كتب الأقدمين والمولدين والمعاصرين ألفاظا جمة ومناحي متعددة، لا أثر لها في دواوين اللغة... ولهذا رأينا في مصنفات السلف نقصا بينا، فأخذنا منذ ذلك الحين بسد تلك الثغرة...»، وقد ظل هذا الكتاب مخطوطا سنوات طويلة بعد وفاة مؤلفه، ولم ير النور إلا في سنة (1972م) حيث صدر المجلد الأول منه.إهتز العراق لنبأ وفاة عالمه الفذ انستاس الكرملي في 7 / كانون ثان / 1947 ، فحمل جثمانه في المستشفى التعليمي إلى باحة مدرسة اللاتين ، وتوالت الكلمات والأشعار والرسائل في ذلك المصاب الجلل ، وكتبت عنه الصحف العراقية جميعها وصحف مصر وفلسطين وسوريا ولبنان.ترك الكرملي عددا هائلا من الكتب لا يزال معظمه مخطوطا لم ير النور، ومن أهم كتبه المطبوعة أغلاط اللغويين الأقدمين، ونشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها والنقود العربية وعلم النميات، وقد حظي الكرملي بتقدير كثير من الهيئات والمجامع العلمية واللغوية، فانتخب عضوا في مجمع المشرقيات الألماني سنة (1911م) والمجمع العلمي العربي في دمشق سنة (1920م) واختير ضمن أول عشرين عالما ولغويا من مصر وأوربا والعالم العربي يدخلون مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة (1932م).