بين مطالب الناشطين وتقاعس السياسيين
استطلاع/ عبد الواحد الضراب لاتزال قضية تمكين النساء من المشاركة السياسية وتمثيلها في البرلمان حتى الآن وفي كثير من الدول العربية مصابة بالضعف والوهن وفي بيئة معادية لحقوق النساء وفيها تعنت الذكور على النساء كما أن العادات والتقاليد تقف عائقا أمام وصول المراه الى السلطة فالتمكين السياسي للمراه يحتاج إلى إرادة سياسية واضحة تؤيد تمكين النساء من المشاركة السياسية والوصول الى مراكز صنع القرار باعتبار دعم النساء للمشاركة في الحياة السياسية لا يقل اهمية عن دعمها في القضايا الاجتماعية والتنموية وغيرها وبالتالي فقد قامت بعض الدول العربية بتطبيق نظام الكوتا لضمان مقاعد للنساء في مختلف الهيئات التشريعية والتنفيذية ومنها بلادنا والتي أعلن الأخ علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية في مبادرته الأخيرة عن تخصيص( 15%) من المقاعد البرلمانية للنساء وهذا دليل على دعم القيادة السياسية للمرأة ومشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها.الكوتا هي إجراء مؤقت للتمييز الإيجابي ضمن مؤسسات الدولة المنتخبة وغير المنتخبة لصالح فئات معينة تعاني من التهميش القائم على الدين أو العرق أو الجنس أو غيره ويعني نظام الكوتا في العلوم السياسية وضع نسبة معينة أو رقم معين لتمثيل مجموعة معينة من النساء وغالباً ما يكون ذلك من حيث أدنى نسبة تمثيل ، على نسبة تمثيل ، على سبيل المثال (15%) أو (30%) وتستخدم أنظمة الكوتا كمقياس لزيادة نسبة تمثيل أي مجموعات تم استثناءها من المشاركة السياسية .[c1]أنواع الكوتا :[/c]للكوتا نوعين هما : الكوتا القانونية وهي المنصوص عليها في دستور أو قانون بلد ما عادة ما يكون ذلك في قانون الانتخابات أو قانون الأحزاب السياسية ، وتنظم الكوتا المشروعة إجراءات كل الأحزاب السياسية في أي بلد أما النوع الثاني من الكوتا فهو الكوتا الطوعية ومعناه أن يتم إقرار هذا النظام طوعاً من قبل أحد الأحزاب السياسية أو أكثر في أي بلد ما وعن الحديث عن الكوتا القانونية فهناك نوعين منها الأول ( كوتا الترشيح) وتكون أسهل للتطبيق لأنها تتطلب تعديلاً في قانون الأحزاب السياسية بحيث تضاف فترة تشترط أن تحوي قائمة الترشيح للأحزاب على نسبة لا تقل (15%) نساء مرشحات ولكن هذا النظام لا يضمن وصول النساء ونجاحهم ، والثاني (كوتا المقاعد ) وتضمن وصول النساء إلى البرلمان أو المجلس المحلي . [c1]المرأة العربية والكوتا :[/c]وعن مدى استفادة المرأة العربية من هذا النظام فالمرأة العربية لم تستفد كثيراً من هذا النظام وذلك بسبب عدن تطبيق الكثير من الدول العربية لنظام الكوتا سوى (8) دول تطبق هذا النظام وهي العراق ـ تونس ـ المغرب ـ الأردن ـ الصومال ـ جيبوتي ـ فلسطين ـ الإمارات ، وسنستعرض تجارب هذه الدول على النحو التالي :العراق ـ حققت النساء العراقيات قفزات كبيرة ، حيث كفل قانون إدارة الدولة العراقية لسنة (2004) والدستور (2005م ) تمثيل المرأة في البرلمان لا يقل عن 25% من مجموع أعضاء المجلس البالغين(275) عضواً وبلغت النائبات (73) نائبة ، كما كفل الدستور العراقي حق المرأة في المشاركة بالأمور العامة في البلاد بما يمكنها من الاشتراك في تشكيل الحكومة أو السلطة التنفيذية .[c1]بين التأييد والمعارضة :[/c]أختلف المجتمع الأردني بين مؤيد ومعارض لنظام الحصص الكوتا فمنهم من اعتبر أن نظام الكوتا غير عادل ومنهم من اعتبره مرحلة انتقالية يجب أن تمر بها العملية السياسية لإيصال المرأة إلى البرلمان ، وقد طرح الأردن نظام الكوتا لأول مرة عام 2003م حيث تم تخصيص (6 مقاعد ) للنساء من أصل (110 مقعد ) وحسب القانون يتم اختيار النساء المرشحات الحاصلات على أعلى نسبة من الأصوات في دوائرهم الانتخابية.وفي دولة المغرب التي تعتبر من أفضل الدول العربية في مشاركة المرأة في الحياة السياسية ومراكز صنع القرار فقد حدد القانون المغربي بمقتضى اللائحة الوطنية (كوتا بـ 30 مقعداً) فقد بلغ تمثيل النساء في البرلمان المغربي (35 مقعداً) بنسبة (10.76 %) بالنسبة للولاية التشريعية ( 2002 ـــــــ 2007م) وكما تقول الباحثة عائشة الحجا مي المغرب بأن تفعيل المشاركة السياسية للنساء تقتضي الآن تجاوز مقتضى اللائحة الوطنية وتبني قانون انتخابي واضح ينص صراحة على إجراء إيجابي لصالح النساء وذلك بتخصيص نسبة لا تقل عن الثلث في التشريعات لمختلف الاستشارات الشعبية والتشريعية وغيرها.[c1]قفزة إلى الأمام :[/c]أما في تونس فقد شاركت النساء في الانتخابات كناخبات ومرشحات عند تنظيم أول انتخابات برلمانية سنة (1959م ) حيث ساعدت طريقة الاقتراع ( اقتراع بالقائمة في دورة واحدة) من فوز قائمة الحزب الحاكم ومختلف المنظمات الموالية له وظلت المشاركة السياسية في تونس مستمرة حتى يومنا هذا ، حيث تطور التمثيل النسائي داخل البرلمان من 1% سنة 1956م إلى %22.7 حالياً وتعتبر أكبر نسبة في الدول العربية ، كما بلغ تمثيلها في مجلس المستشارين (15.2 %) وفي المجالس (البلدية) نسبة ( %26) وفي مركز القرار بالوزارات نسبة ( %27) من تمثيل النساء ، المرأة في تونس موجودة في مجلس المستشارين والهيئات القضائية والبرلمان والبلدية والأحزاب السياسية وغيرها من مراكز صنع القرار.وفي فلسطين تم إقرار نظام الكوتا في 30 / 10/ 2004م حيث ترشحت (51) امرأة قبل إقرار الكوتا في أول انتخابات في فلسطين للهيئات المحلية ، وبعد إقرار الكوتا ارتفع عدد المرشحات إلى (150) مرشحة انسحبت منهن إحدى عشر مرشحة وبقيت ( 139) بما يثبت أن الكوتا شجعت النساء على خوض التجربة بثقة أكبر رغم الوضع في فلسطين.وتوجد المرأة الفلسطينية في العديد من مراكز القرار فهي تشغل منصب وزير وسفير وتشارك في مختلف الأحزاب والحركات السياسية في فلسطين بالإضافة إلى تمثيلها في مجالس البلدية والوظيفة وغيرها .[c1] الأحزاب والكوتا :[/c]من الملاحظ أن بعض الأحزاب السياسية في اليمن أظهرت عدم استعدادها لزيادة عدد مشاركة النساء كمرشحات ذكر ذلك الورقة التي قدمها المعهد الديمقراطي الوطني في الندوة التي عقدت الاثنين الماضي بهذا الخصوص، أما المتابع للشأن المحلي فإنه يجد أن معظم الأحزاب السياسية ليست لديها قناعة تامة بالعمل على إيصال المرأة إلى مراكز صنع القرار سواء في البرلمان أو المجالس المحلية بدليل أن (35) امرأة خضن الانتخابات، وتقول الباحثة بلقيس اللهبي من منتدي الشقائق العربي بأن أعلى الأحزاب قاعدة هو المؤتمر الشعبي العام فقد ارتفع تمثيل النساء فيه باللجنة العامة من ( %4) إلى (14.24 %) فيما قرر أن تأخذ النساء نسبة (%15) من التمثيل في اللجنة الدائمة، أما في التجمع اليمني للإصلاح فالتمثيل للنساء في هيئاته قد ارتفع من (7 % إلى (11) % أما في الحزب الاشتراكي اليمني فقد ارتفع تمثيلهن في اللجنة المركزية إلى ( % 12.3) وظل عدد النساء في المكتب السياسي يمثل (13.8%) فيما ارتفع تمثيل النساء إلى أعلى مستوى الهيئتين في التنظيم الوحدوي الناصري من ( 0 %) إلى %11.1) ومن ( %17.8) في اللجنة المركزية، فيما مثلت النساء في مجلس شورى حزب إتحاد القوي الشعبية ( %15.06) وتشير اللهبي إلى أن الأحزاب التقدمية لم تعطي النسبة التي تطمح لها النساء من الكوتا وهي نسبة (50-30 % )[c1] الكوتا في اليمن :[/c]تعتبر الكوتا الحل الوحيد والمناسب للمراه في اليمن حتى تصل إلى مواقع صنع القرار وفي هذا الجانب يقول الدكتور محمد عبد الجبار سلام عميد كلية الإعلام أن الحل لمشاركة المرأة بصورة فاعلة أن يوجد نظام الكوتا ألحصصي والذي سيرفضه البعض ويخلق له مبررات رفض لكنها حقيقة مناسبة وأساسية فان كان المجتمع يرفض هذا فكيف يكون لها الدور الآمن من خلال الأحزاب السياسية إذا كانت بالفعل جادة في إشراك المرأة في العمل ولابد من وجود قناعة عند الكل .وحول إمكانية هذا النظام في بلادنا وما يحتاجه من آليات تحدث الأستاذ عبد الرحمن معزب عضو مجلس النواب بقولة :هذا النظام بحاجة إلى آلية مركزية يتفق عليها ويتطلب إلى جانب ذلك رؤية قانونية او تشريعية او إلى جانب توافقي وهذا يعتبر مبدأ شرف إذا استجابة له الأحزاب وخاصة اللقاء المشترك .كما قدم المعهد الديمقراطي الوطني ورقة عمل في الورشة التي انعقدت الأسبوع الماضي أورد فيها بعض المقترحات لتطبيق الكوتا في اليمن ومنها تعديل الدستور وإضافة (45) مقعداً إلى المقاعد (301) المتواجدة حالياً وقد تكون مرتبطة بالدوائر الانتخابية جغرافيا والاستفادة من التجربة المغربية في ذلك إضافة إلى أن هناك حل آخر بدون إضافة مقاعد للنساء وهو وصول عدد ( 45) امرأة مرشحة للانتخابات البرلمانية بحصولهن على أعلى نسبة تصويت ولكن أيضا قد نواجه مشكله أن تفوز إمرأة حصلت على 5 % في دائرتها من نسبة الأصوات ويكون منافسها رجل قد حصل على نسبة 45% وهذا سيؤثر سلبيا على شرعية وصولهن كنائبات في البرلمان ، وكذلك مطلوب جدول زمني حاسم وواقعي اذا اردنا ان يكون هذا القانون قائما في الانتخابات القادمة ، كما ان الورقة دعت الأحزاب الى دعم المرأة في المشاركة السياسية كحل من حلول لتطبيق الكوتا ودعمها في الانتخابات القادمة 2009م.[c1]تحديات ومعوقات :[/c]يرى الكثيرين من المحللين والسياسيين بأن من أسباب فشل المرأة العربية في الوصول إلى حقوقها عامة وحقها في المشاركة السياسية ومنها المرأة اليمنية وأول هذه الأسباب العادات والتقاليد الاجتماعية التي ترفض تقليد المرأة أي منصب ومنها بلادنا ، كما أن هناك سببا يتعلق بطبيعة شخصية المرأة العربية التي مازالت تعاني السلبية وعدم الثقة بالنفس وأنها تحمل قيما تعتبر أن العمل هو حالة اضطرارية وفنية وان همها الأول يتركز في حياتها الزوجية ورعاية أطفالها ، إضافة إلى ذلك أن العمل السياسي في البلدان العربية ما يزال في حد ذاته يشكو عدم التركيز في العمق والفاعلية ، كما ان العديد من المجتمعات العربية لم تقبل حتى الآن الاعتراف بقدرة المرأة على المشاركة في الحياة السياسية وتقلد مناصب قيادية اضافه الى ذلك أن التشريعات العربية لم تفهم بوضع تدابير خاصة لحث النساء على الأحزاب السياسية في دعمها للمرأة العربية للمشاركة في الحياة السياسية وتقلد مناصب قيادية إضافة إلى ذلك ان التشريعات العربية لم تفهم بوضع تدابير خاصة لحث النساء على العمل السياسي بمعنى تخفيض مناصب للنساء داخل المؤسسات المنتخبة ، وكذا تخاذل الأحزاب السياسية في دعمها للمرأة العربية للمشاركة في الحياة السياسية والوصول بها الى مراكز صنع القرار .هذه أهم المعوقات والتحديات التي تواجه المرأة العربية عموما والمرأة اليمنية خصوصا .