مع الأحداث
لا تعرف ما جدوى الكم الهائل من الفضائيات العربية وأنت تمضي أسبوعاً كاملاً من البحث والتنقيب عن برنامج واحد يرصد واقع قضايا الشباب وتطلعاتهم واحتياجاتهم في هذه المرحلة العمرية، عبثاً يضيع الوقت أثناء البحث المضني دون العثور على برنامج شبابي جاد يعالج قضية بإحاطة كاملة وعمق ودقة في التحليل.ضاقت القنوات الفضائية بشبابنا ومتابعة كل ما يختص باهتماماتهم وملامسة بعض مشكلاتهم، فكل ما تستطيع الوصول إليه في رحلة البحث مع الريموت كنترول وشاشة التلفاز عدد من البرامج الترفيهية التي تخاطب الغرائز وتتفنن في أساليب التسلية المسطحة وبعض البرامج الرياضية ومؤخراً مهزلة ما يُعرف بـ “ تلفزيون الواقع “ الذي يدفع الشباب الفارغ والمحبط على العيش في حلم يعوض تلك المعاناة ، ويكمن العجز الحقيقي في مخاطبة فئة الشباب بالبث اللامحدود من قنوات الفيديو كليب وما يحدث أسفلها في شريط الدردشة والتصويت والربح التجاري من خلال الاستغلال السيئ لهذه الفئة.الشباب يشكلون شريحة واسعة من المجتمع، قوة وأداة كل تغيير اجتماعي وسياسي واقتصادي وأخلاقي ، صناع للحضارة ، حماة للوطن ، عدّة الأمم وثروتها وقادتها ، الشباب هم التفتح والاستبشار بالحياة وأمل المستقبل، أول النهار ونور يشعّ نوراً يحتلون مكانة مميزة فهم محور اهتمام وانشغال كل الأنظمة والحكومات المتعاقبة للاستفادة من طاقاتهم الكامنة وإدخالهم إلى معترك الحياة العامة وتفعيل مشاركتهم في مشاريع التقدم والبناء وتمكينهم من التواصل والإبداع كعنصر استثمار لمواجهة تحديات المستقبل والدفع بعجلة التنمية، الشباب عطاء فيّاض وطاقة متفجرة، إذا أحسنّا إدارته وتفريغ المحتوى وامتصاصه، ومن ثمة توجيهه إلى العمل الخلاّق الجاد بعيداً عن رتابة الحياة وسلطة المنع والحظر التقليدية ( الأهل ، المدرسة ، والمجتمع ) تتفجر خيراً وتثري الحياة تجدداً وإبداعاً .الشباب كنز، حالياً يتم إهداره وتبديده، فئة الشباب رغم اتساعها إلا أنها فئة هشة يسهل اختراقها والتأثير عليها واستهدافها لتقع بين فكي الترفيه والتسطيح الذي يخلق جيلاً فاقد الهوية متهماً بالميوعة وعدم الجدية والوقوع في مصيدة الإغراءات وبين التطرف والانفجار والعزلة عن الحاضر وتدمير ذاتها ونسف الآخرين. إغفال وتهميش المجتمع لهذه الفئة والقفز عليها وقلة الاهتمام بما يتعلق بحياتهم وتطلعاتهم وتأهيلهم للدخول في نسيج المجتمع والحيلولة دون إفساح المجال لتفعيل طاقاتهم ، كل تلك الاحتقانات كفيلة لفقدان الكثير من طاقة شبابنا وشعورهم بالضياع والعجز عن التكيف مع حركة المجتمع والإحساس بوجود فجوة فكرية كبيرة، وافتقاد الانتماء للوطن واعتبار المجتمع مسؤولاً عن مأساتهم ، إزاء هذه المشاعر يجدون أنفسهم أمام خيارين، أحدهما الخروج والانسحاب خارج الوطن، أو المغامرة ليصبحوا مرتعاً خصباً لمن لديه مصلحة في تجنيدهم والإمساك بهم جيداً لتنفيذ مصالحهم وتحويلهم إلى طاقة دمار وخراب وعبث .الشباب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، وقبل إفراغها من محتواها لابد من ضرورة إيجاد البدائل لاستيعاب واستثمار طاقاتهم وتوجيه الأنظار نحو تفعيل دورهم على الوجه الأمثل .إشــراقــات :جائزة فخامة رئيس الجمهوريـة علي عبد الله صالح لتكريم المبدعين الشباب في مختلف المجالات العلمية والثقافية والفنية، خطوة مباركة بما تجسده من قيمة معنوية تعزز الثقة بالنفس وتساعد شبابنا على التألق والنجاح والاستمرارية ، وما ينتج عنها من اكتشاف وإظهار المواهب الإبداعية في شتى أنحاء اليمن، حتى لا تذهب إبداعاتهم مهب الريح ، بمجرد تسلم الجائزة وجب على وزارة الشباب والرياضة العناية والاهتمام بهم واستثمارهم لخدمة هذا الوطن .حريٌ بنا أيضاً أن نقف على إشراقة أخرى وهي البيت الثقافي للشباب والطلاب في عدن وما يقدمه من جرع ثقافية عبر المحاضرات النقاشية الأسبوعية والزيارات الاستطلاعية وتدريب الشباب وتأهيلهم على بعض المهارات، مما يسهم في نشر التوعية بين أوساطهم ، وينمي مداركهم و يصيغ آراءهم وأفكارهم ، ومساعدتهم ليكونوا أكثر انتماء وولاء لليمن .ختاماً هناك إشراقات رائعة في كل بقعة من بقاع يمننا الحبيب ، تعمل لأجل الشباب وتتطلع إلى مستقبل يحتفي ويربي ويستثمر هذه الطاقة في مكانها الصحيح .أيها الشاب .. بلادك هي أنت !