أمين عبدالله إبراهيم :مرت عملية إعداد السياسة الوطنية للسكان والتي بلورت موقف بلادنا تجاه مختلف جوانب المشكلة السكانية بعدة مراحل شكلت في مجملها المعرفة التراكمية والخبرات المكتسبة خلال الأعوام الماضية من التطبيق ما جعل الفرصة متاحة في كل مرحلة لإعادة النظر واتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة.وقد بدأ الاهتمام بشكل واضح وملموس بالقضايا السكانية في نهاية عقد الثمانينات وبداية عقد التسعينيات من القرن الماضي ويعتبر انعقاد المؤتمر السكاني الأول عام 1991م وكذا ندوة الإسلام والسكان عام 1989م بمثابة الخطوة العملية الأولى التي كان لها الأثر في الخروج بإستراتيجية وطنية للسكان وإنشاء المجلس الوطني للسكان وأمانته العامة وإرساء القواعد الأساسية للعمل السكاني وتحقيق الكثير على المستويين المركزي والمحلي.كما كان لوجود الإستراتيجية مع وجود هيئة تعمل على وضع التصورات والمقترحات والحلول والخطط والتنسيق والمتابعة للقضايا السكانية أثر إيجابي كبير في إظهار حجم المشكلة وملامسة الحلول وإحداث توعية فعالة في أوساط كل من صناع القرار والمسؤولين التنفيذيين والمستهدفين وإن بنسب متفاوتة.أما المؤتمر السكاني الثاني (1996) فقد جاء في ظل وجود العديد من التحولات والتغيرات التي شهدها العالم آنذاك وخاصة في مجال معالجة القضايا السكانية ما تتطلب بالضرورة إجراء تحديث للرؤى والأهداف والسياسات بما يتواءم وينسجم مع تلك التحولات والتطورات والمستجدات التي حدثت في مجال العمل السكانيه فكان لذلك التحديث والتطوير انعكاساته الإيجابية على مستوى معالجة القضايا والمشكلات السكانية من خلال وضع الإستراتيجيات والخطط قصيرة المدى والتي كان يعتقد حينها أن لها فاعلية وأثراً كبيراً في حل المشكلات السكانية غير أن التعامل مع الإنسان وإمكانية تغيير بعض السلوكيات مع تطور الاحتياجات يستلزم وجود رؤى وسياسات متوسطة وطويلة المدى إضافة إلى الخطط والسياسات قصيرة المدى ليتم التناغم وملامسة المستجدات وإعطاء فرصة للمراجعات السنوية ومراجعة لكل خمس سنوات.وبذلك كان للمؤتمر الوطني الثالث للسياسة السكانية دور كبير في الخروج برؤية طويلة المدى للفترة2025-2001 م والتي توضحت من خلال الوثائق الصادرة عن المؤتمر السكاني الثالث (2002م) والمتمثلة في الإشكاليات والتحديات، المنطلقات والمبادئ والأهداف، وبرنامج العمل السكاني.وبعد أن تمت الاستفادة من التجارب والخطوات السابقة التي خاضتها بلادنا في مجال العمل السكاني ومن المستجدات المحلية والإقليمية والدولية وخصوصاً من تجارب الدول الأخرى الناجحة في هذا المجال الحيوي المهم بما يتوافق مع ظروف مجتمعنا اليمني كان لابد من الوقوف مرة أخرى عند محطة سكانية تقويمية جديدة لإعادة النظر في ترتيب أولويات العمل السكاني للمرحلة القادمة وتحديث السياسة الوطنية للسكان وبرنامج عملها بما يتيح ويهيئ الفرصة للتعامل مع كافة الجوانب بما يتناسب مع أهميتها وتأثيرها على الأوضاع السكانية ولهذا جاء انعقاد المؤتمر الرابع للسياسة السكانية المنعقد في صنعاء (ديسمبر 2007م) ليكون بمثابة المحطة الوطنية السكانية الرابعة والذي تولى خلالها مهمة عملية التحديث والتغيير الذي اعتبره خبراء السكان والتنمية في بلادنا أمراً مهماً وضرورياً ينبغي القيام به وذلك وفقاً للمنطلقات والحيثيات والأسباب الآتية:-- حداثة التجربة التي خاضتها وتخوضها بلادنا في مجال العمل السكاني والتوعية بقضايا السكان والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة باعتبار أن التجربة جديدة ورائدة وبالتالي فإنها لم تخل من وجود نوع من القصور والصعوبة في تنفيذ كل ما تم التخطيط له سواء على المستوى المركزي أو المحلي.- تسارع إيقاع تطور الحياة والتغير المستمر في طبيعتها ومتطلباتها ومستجداتها ونوعية مشاكلها الأمر الذي يقتضي ضرورة إجراء عمليات التقويم العلمي والمراجعة والتغيير والتحديث.- ضرورة تأكيد وزيادة الالتزام السياسي وإشراك المجتمع المدني والأحزاب في مختلف القضايا والمسائل السكانية.- الحرص على توسيع الشراكة ومشاركة أوسع قطاع من الجهات والمنظمات والمهتمين في سبيل إيجاد الحلول ووضع الرؤى المستقبلية المناسبة لمعالجة الإشكالات القائمة والمتوقعة على المستويين المركزي والمحلي.- مرونة السياسات والحاجة إلى تغييرها على أساس تجارب العمل وتغير الزمان والواقع وتوسعات الحياة المستمرة.- تأثر السياسات بالحياة والتنمية داخلياً وخارجياً لذلك فمن الحكمة بل ومن الضرورة الاستمرار في التحديث والتجديد والاستفادة من كل التجارب السابقة ومن تجارب الغير فحياة الأمس ليست كحياة اليوم ولا كحياة الغد.
المؤتمرات السكانية محطات مهمة لتطوير العمل السكاني
أخبار متعلقة