عتمة الإمامية أوحت للناس أنها مخلوق غريب "أبو بروانة"
المحويت/ صدام الزيديعرف أبناء المحويت الطائرة الهليكوبتر قبل معرفتهم السيارات والناقلات عندما هبطت أول طائرة هليكوبتر في مدينة المحويت قبل أكثر من ستين عاماً أبان حكم الإمامة الغاشم.ويؤكد الباحث والمؤلف علي بن علي الحمزي احد أبناء المحويت في كتابه التوثيقي الرائع (المختار من كل بستان زهرة) ان من عاش تلك المرحلة الزمنية الممتدة إلى نهاية الخمسينات من القرن الفائت من أبناء مدينة المحويت يعرفون قصة أول طائرة هبطت باحدى حارات المدينة وكان احد تجار المحويت أستأجرها لتنقله إلى الحديدة حيث أسعف إلى مستشفاها العتيق.والقصة ـ طبقاً لما أورده المؤلف ـ ليست نسجاً من خيال أو حبكة كلام.. إذ مرض في ذلك الوقت البائس احد تجار المدينة التي لم يكن بها مستشفى ولا مستوصف ولم تكن هناك طريق اسفلتية ولا حتى ترابية وبعد أن أشتد بالتاجر المرض لم يجد أمامه من سبيل غير برقية عاجلة أرسلها إلى وكيله في الحديدة طلب منه استئجار طائرة تنقله من المحويت إلى الحديدة لإسعافه هناك.وتجمهر الناس من كل مكان لمشاهدة ذلك المخلوق الغريب الذي قيل لهم ان اسمه طائرة أبو بروانة وليستمتعوا بسماع محركاتها المدوية وهي تهبط بحارة المرزمة ثم وهي تنتقل منها إلى "الوصية" إلى أن هبطت بمحاذاة "مسجد النور" ثم وهي ترتفع إلى الأعلى لتحلق في الجو وتغادر المكان بعد ان نفثت في الأجواء ركام من الغبار الكثيف لتخلف ورائها تلك الجموع الهائلة من الناس المحتشدين في حالة من الوجوم والاستغراب من شكل ذلك الطائر الكبير والغريب عليهم المسمى "أبو بروانة" الذي يطير في الهواء بلا أجنحة بخلاف غيره من الطيور.واعتبرت صحيفة (المحويت) الصادرة عن فرع المؤتمر الشعبي العام في محافظة المحويت في عددها الأخير ان قصة هذه الطائرة وغيرها من القصص الجميلة والشيقة التي تمكن المؤلف من جمعها في مختاره بعضاً من الحكايات الغريبة واللذيذة التي نحن في أمس الحاجة إلى التذكير بتفاصيلها لمن لم يعيشوا تلك الحقب الزمنية من تاريخ وطنهم ومحافظتهم حتى يعوا ويفهموا كم كان أجدادنا وآباؤنا الأوائل خاصة أولئك الذين تجرعوا مرارات الظلم وعاشوا حياة العزلة والانغلاق، كم كانوا بائسين في حياتهم تلك.وفيما حرص بعض المهتمين والمتنورين من أبناء اليمن الحبيب على توثيق ما استطاعوا توثيقه وتدوينه من قصص ومآسٍ ومراحل عن تفاعلات وقوة الإنسان اليمني على تطويع الطبيعة وإشاعة الحياة في الصخر فإن الذاكرة الشعبية احتفظت ولاتزال بالكثير مما يستدعى توثيقه.