منبر التراث
[c1]الأتراك يحتفلون [/c]بمناسبة فتح العثمانيون للقسطنطينية منذ أكثر من خمسمائة عام ، أحتفل الأتراك بتلك المناسبة . والحقيقة يحق للأتراك الاحتفال بتلك الذكرى العظيمة . فقد كانت القسطنطينية عاصمة ومقر حكم الإمبراطورية البيزنطية التي عرف عنها بغطرستها وجبروتها . وأنها كانت ترى الشعوب الذي حولها مجموعة من البربر يجب أن يكونوا في خدمة الإمبراطورية والإمبراطور . [c1]محمد الفاتح [/c]وفي الحقيقة أن الإمبراطورية البيزنطية أذاقت الشعوب ألوانا من العذاب والذل والقهر والهوان . ولقد تتطلعت الشعوب المقهورة يمنة ويسرة لعلها تجد من يخلصها من مخالبها القاسية التي غرست في لحمها قرونا طويلة والتي نزفت منها دماء غزيرة . وفي سنة ( 824 هـ / 1421 م ) ظهر على مسرح الدولة العلية العثمانية شخصية قوية أتسمت برباطة الجأش ، والحنكة العسكرية ، والشجاعة ، والإقدام ، والجرأة على مواجهة الأخطار أنه السلطان محمد الثاني الفاتح ( 824 / 885 هـ / 1421 ـ 1481م ) الذي حكم السلطنة العثمانية قرابة ثلاثين عاما . وكانت من المشاكل الصعبة والخطيرة التي واجهته وواجهة السلطنة بعد أن تولى مقاليد الحكم فيها تتمثل في موقف الإمبراطور قسطنطين من السلطنة العثمانية الناشئة والذي كان يعمد على الهجوم على حدودها ، فيقتل ، ويدمر ، ويحرق القرى الواقعة تحت نفوذ السلطنة العثمانية . [c1]مؤامرات الإمبراطورية البيزنطية [/c]وفي واقع الأمر ، أن الإمبراطور البيزنطي كان لديه بعدا سياسيا عميقا , أو قل كان قارئا جيدا للأحداث المستقبلية بأن على الإمبراطورية البيزنطية من أجل البقاء والاستمرار في الحياة السياسية عليها القضاء على السلطنة العثمانية الفتية المجاورة لإمبراطوريته . ولقد أكدت المصادر البيزنطية أن الإمبراطور البيزنطية كان يجيش الجيوش على حدودها بهدف الزحف عليها وثم التخلص منها نهائيا . وتذكر أيضا المصادر البيزنطية أن الإمبراطور قسطنطين عمل على نشر القلاقل ، والفتن ، والإضطرابات في داخل السلطنة العثمانية حتى يعمل إضعاف شوكتها عندما يحين الزحف عليها . [c1]زحف الجيوش البيزنطية[/c]وفي الحقيقة كل تلك المخاطر والمؤامرات والفتن والقلاقل أطلت برأسها البشع في بداية حكم السلطان محمد الثاني ـــ كما مر بنا سابقا ـــ . ويبدو أن المسرح السياسي في تلك المنطقة كان مهيئا لظهور مثل ذلك السلطان العثماني القوي الذي وقف بالمرصاد لكل تلك المخاطر الصعبة التي كانت تهدد السلطنة والسلطان نفسه ولقد أدرك السلطان محمد الثاني الذي حاول تكرارا ومرارا أن يوقع صلح مع الإمبراطور قسطنطين إلا أن تلك المحاولات كلها ذهبت أدراج الرياح بسبب غروره وغطرسته ولقد نقلت عيون السلطان العثماني معلومات مفادها أن الإمبراطور البيزنطي قد جيش الجيوش على حدود السلطنة ، وأن موعد زحف جيوشه عليها قريب جدا . [c1]قطع رأس الأفعى[/c]وهنا تذكر المصادر العثمانية ، أن السلطان محمد الثاني وضع خطة خطيرة وهي قطع رأس الأفعى ويقصد بذلك فتح القسطنطينية . في الوقت الذي كان يستعد الإمبراطور البيزنطي المغرور بقوته العسكرية . كان يعمل السلطان العثماني بسرية مطلقة على تجهز الجيوش وكل ما يتعلق بشئون الحرب . وكان يقوم بنفسه على الإشراف على تدريب الجنود . ولم تمض شهور قليلة حتى كان يلوح في الأفق وقوع صداما عسكريا ضخما ومروعا بين السلطنة العثمانية الفتية والإمبراطورية البيزنطية المتغطرسة . وتشير المصادر العثمانية أن الجنود العثمانيين قبل ليلة الزحف على القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية ، أشعلوا النيران أمام خيامهم ، وظلوا طول ليلهم يهللون ويكبرون حتى إذ بزغت أنوار الفجر . صدرت إليهم الأوامر بالزحف على المدينة . فهجم مائة وخمسون ألف جندي وتسلقوا الأسوار حتى دخلوا القسطنطينية . [c1]ملأ الفراغ السياسي[/c]وفي الحقيقة أن فتح عاصمة الإمبراطورية البيزنطية من قبل السلطان العثماني محمد الثاني والذي سمي بعد ذلك باسم (( محمد الفاتح )) كان يعني بداية طي صفحة وفتح صفحة جديدة في تاريخ السلطنة العثمانية وشرق أوربا , والوطن العربي . وكيفما كان الأمر لقد تمكنت تلك السلطنة العثمانية في ذروة مجدها وعنفوا قوتها أن تملأ الفراغ السياسي الكبير الذي تركته الخلافة العباسية بعد سقوطها على يد الجيوش المغولية سنة ( 658 هـ / 1259 م ) وأن تكون بمثابة جدار ضخما حمى الوطن العربي والعالم الإسلامي قرابة خمسمائة عام من الأطماع الأجنبية . ومن يطلع ويقرأ في دور تاريخ العثمانيين في حماية السواحل والموانئ اليمنية في البحر الأحمر من حصار الأساطيل البرتغالية سيدرك تمام الإدراك أن تلك الخلافة العثمانية كانت في شرخ شبابها , وقوة بنيانها بذلت الكثير والكثير من الجهود الجبارة و التضحيات الجسام من أجل حماية البلدان العربية والأمصار الإسلامية مثل إمارات وممالك الهند من ذلك الغزو البرتغالي الذي كان يكن كل العداء والحقد الأسود للعرب والمسلمين .