أفراح صالح محمدبإطفائها الشمعة الـ (37) يوم الثامن عشر من نوفمبر الجاري، تكون سلطنة عُمان تواصل خطاها نحو نهضة حديثة متمثلة في تعزيز مواردها الطبيعية وتطوير كوادرها البشرية وإقامة دولة المؤسسات وإنشاء البنية الأساسية، وكل ذلك جرى التخطيط له ورسمه في خطة خمسية هي السابعة (2006 – 2010م)..فعلى امتداد (36) عاماً ظلت هذه المحاور أساساً لجهود التنمية الوطنية وخططها وبرامجها، وأصبح اليوم الهم الأكبر لسلطان عُمان إقامة الدولة العصرية المتقدمة في مختلف مجالات الحياة..وحالياً الزائر لسلطنة عُمان، أو لأية محافظة من محافظاتها الأربع أو مناطقها الخمس يجد نفسه مشدوهاً إلى كل شيء. ويصعب عليه أن يصف ما يعيش فيه أو يسمعه، فأول ما تصل إلى المطار يصدمك الفرق بين مطار البحرين ( الذي مررت فيه وصولاً إلى مسقط من صنعاء) فمطار البحرين مدينة كاملة، تحوي مختلف الأسواق الحرة، وتلتقي فيه بمختلف الأمم والأجناس، وشكل يبهر الزائر لكن يسيء لكل هذا التطور خشونة العاملين فيه، واستعلائهم وعجرفتهم. وعلى الرغم من وجود كل شيء فيه تلمس التلاعب بسعر الصرف، لأن كثيراً من المعروض بالعملة البحرينية وعند الدفع بالدولار ( تصبح النفس أمارة بالسوء ) ويصعب المجادلة في هذا الأمر..وفي مطار ( السيب ) الدولي بمسقط ينقلب حالك ( 360) درجة.. وتلمس أنك مواطن عماني لا غريب فبساطة البلد وبساطة شعبه وهدوئه واحترامه لذاته وللناس سمة بارزة في هذا المطار..ثم تبدأ مع أول خطوة تخطوها السيارة التي تقلك . تبدأ بالتحسر على نفسك وبلدك، لأنك تعيش خارج عُمان..فنظافة الشوارع أمر لا يصدق، والتشجير والاخضرار أيضاً، ثم أنك قل ما ترى إنسان يمشي على قدميه، فالكل يقود سيارته التي تبرق من شدة نظافتها. وعلى جانبي الطريق تشعر بالراحة لبعد الأبنية عن الرصيف مسافة تريح البصر وتجعلك تستمتع بالعمران و الهندسة العمانية المميزة..وحين تصل إلى (حياة) وهو فندق درجة أولى في مسقط، ومطل على البحر والسلطنة كلها تقع على بحر العرب ورغم ذلك وللحذر تتوفر في ساحاته أحواض السباحة للكبار والصغار مع تحذيرات بأن السباحة في البحر على مسؤولية الفرد ذاته..الخدمة في (حياة) كما في (الكراون بلازا) الفندق الذي استقبلنا في الرحلة الثانية في محافظة ظفار – صلالة – خدمة ضيف عزيز يأمر فيطاع كرماً ومحبة.. وهذا السلوك نابع من عادات وتقاليد الشعب العماني والتي لم تؤثر فيها الحداثة والعصرنة التي تجهد قيادة سلطنة عمان لتحقيقها بمساعدة كل مواطن عماني..[c1]خطة التنمية السابعة[/c]وخطة التنمية السابعة (2006 – 2010م) تقوم على رؤية وضعت بعد دخول الاقتصاد العماني مرحلة المشروعات والصناعات التحويلية والثقيلة واقتصاد المعلومات بشكل أكبر مما كان، وتحقيق خطوات متقدمة على صعيد التطوير السياسي والاجتماعي في إطار تجربة عُمان الديمقراطية، وتفصيل دولة المؤسسات وحكم القانون وأول ما أرساه قائد عُمان، السلطان قابوس بن سعيد، قاعدة المشاركة الواسعة والعميقة في صنع القرار وفي صياغة وتوجيه التنمية الوطنية بين الحكومة والمواطن وعلى أساس مبدأ المساواة الكاملة بين الناس والذي أكد عليها النظام الأساسي للدولة، واعتبر العمل والأداء المتفاني في خدمة الوطن هو مجال ومساحة التمايز على كافة المستويات..[c1]الرؤية والمشاركة الواعية[/c]هكذا تجري الأمور في سلطنة عمان بين القيادة والشعب وفق ارتباط كامل ومباشر وبدأت خطوات إقامة دولة المؤسسات وتحديد العلاقات بين مختلف المؤسسات التنفيذية والبرلمانية والقضائية مع صيانة استقلال القضاء واحترام المواطن وصون حقوقه وواجباته وحرياته وهو المواطن والأمن والاستقرار الذي يعيش المواطن العماني اليوم يرفل تحت ظلاله هادئ البال، مطمئن على روحه وحاله وماله ويعلم أنه إذا وقع في مشكلة ما فإن القضاء يحميه ويحمي حقوقه ولا سلطان على القضاء..وتمثل خطة التنمية الخمسية السابعة (2006 – 2010م ) الحلقة الثالثة من خطط تنفيذ إستراتيجية التنمية الطويلة المدى (1996 – 2020م ) وهذه الخطة تعطي أولوية لبرامج التنمية البشرية والرعاية الاجتماعية وزيادة فرص التعليم والتشغيل،فاهتمام القيادة بتحسين مستوى معيشة المواطن العماني هم يتضاعف اليوم في ظل (قوة) الريال العماني والذي قارب الـ (4) دولارات، والغلاء العالمي الذي لم تستطع دولة واحدة تجنبه أو وضع معالجات سريعة له، لأن عنصر مفاجأته كان أسرع وأكثر تأثيراً وخاصة على الدول العربية، لكن في عمان وإن لمسنا صراخاً من تأثير الغلاء على الناس إلا أن معالجات كثيرة وصفت ضمن الخطة الخمسية السابعة هذه في مجالات عدة منها التعليم حيث يتم تطوير هذا القطاع تطويراً يجعله أقرب إلى الكمال في كل شيء وللصغار والكبار.ولذلك وضعت إستراتيجية التعليم (2006 – 2020م) الشاملة والمتكاملة لمنظومة التعليم وملامحها تظهر من خلال خمس إستراتيجيات فرعين هي إدارة التعليم، التحاق الطلبة وتقدمهم عبر المراحل التعليمية، بناء الجودة في التعليم والبحث العلمي والتطوير وتمويل التعليم.. وهذا على مستوى التعليم العالي الذي يقدم عبر جامعات حكومية وأهلية وكليات خاصة وتخصصية..أما على مستوى تعليم الصغار، فإن الجوانب الخاصة بالإنماء المهني والتقويم التربوي وتطوير المناهج والكتب المدرسية واللوائح التنظيمية والارتفاع بكفاءة المدرسين والعملية التعليمية وجودة التعليم تحظى بالأولوية كعناصر أساسية وبما يغطي كل المدارس على امتداد السلطنة، مما يضاعف أعداد الملتحقين بالمدارس، وفي ظل تنويع أساليب تدريب الهيئة التعليمية داخلياً وخارجياً، وضعت مشروعات تطويرية كمشروع ( البوابة التعليمية الإلكترونية ) والتي تضم كل عناصر المنظومة التعليمية وربطها بديوان عام وزارة التربية والتعليم، والمشروع التكاملي للإنماء المهني والتدريب الإلكتروني، والحقيبة المتلفزة وملف النمو المهني. وهناك نظام التقويم الذاتي لتحقيق مستويات جودة عالية..وبينما يجري هذا التطوير للأداء التربوي التعليمي للمدارس، تقوم (6) مدارس ثنائية اللغة بتطبيق المناهج الدولية للشهادة العامة الدولية للتعليم الثانوي ( آي جي سي أس أي)..وإلى جانب كل ذلك وغيره، فإن المحافظات ومناطق السلطنة تتنافس سنوياً على نيل كأس جلالة السلطان المعظم في مسابقة العام الدراسي والتي تربط الطلاب بالجوانب الصحية والبيئية في المجتمع المحلي وتنمي فيهم المهارات القيادية من المناشط التربوية..[c1]تعليم وتوظيف وعمننة[/c]في إطار التعاون مع القطاع الخاص والجهات المعنية، يتم تشغيل القوى العاملة الوطنية، وإحلال البعض منها محل الأجنبية، وخلال العام 2005م تم توفير (46556) وظيفة شغلها مواطنون عمانيون وصدرت قرارات بحظر العمل في بعض الوظائف على غير العمانيين مع السماح للمواطن العماني الانتقال من القطاع العام إلى الخاص والعكس وقد تجاوز عدد العاملين العمانيين المسجلين لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية (98537)عاملاً وعاملة في نهاية عام 2005م، ويأتي برنامج (سند) ليخدم الشباب بتوفير فرص عمل لهم عبر طرائق عدة منها التعميق (إحلال العماني محل الأجنبي) أو عبر برامج التشغيل الذاتي والمشروعات الصغيرة وتوفير التسهيلات الممكنة والمناسبة.وتقدم وزارة التنمية الاجتماعية للمواطن المساندة والدعم لتحسين نوعية حياته عبر قانون الضمان الاجتماعي الذي يقدم لمختلف شرائح المجتمع الرعاية التامة..ومن هذا الدعم تخصيص آلاف الأراضي السكنية والسكنية التجارية لأسرا لضمان الاجتماعي وهم الأرامل والأيتام والعاجزين عن العمل، المطلقات وأسر السجناء، وكل من لا معيل ملزم لهم أو قادر على الإنفاق عليهم. وهناك منحة العيدين، ومنحة تأدية فريضة الحج والمساعدات المالية الطارئة والإعفاء من رسوم الخدمات العامة والدراسة الجامعية للأبناء على نفقة الدولة، ويلعب برنامج وصندوق سند لتنمية موارد الرزق دوراً فاعلاً في دعم المشروعات الحرفية والخدمية لتنمية موارد الرزق لهذه الشرائح.. كما ترعى الدولة المعوقين والطفولة، وكبار السن.[c1]جمعيات المرأة العمانية والمجتمع المدني[/c]يسهم القطاع الأهلي والخيري والتطوعي بدور متزايد في خدمة المجتمعات المحلية وهناك (45) جمعية للمرأة العمانية في مختلف مناطق السلطنة، و (12) جمعية مهنية جمعيات الصحفيين، والمقاولين، ومؤخراً تم تدشين عمل (7) جمعيات خيرية جديدة وصندوق ومؤسسة خيريين، و (7) أندية اجتماعية لجاليات أجنبية مقيمة في السلطنة.. كما تم تشكيل لجان للتنمية الاجتماعية كخطوة لدعم وتوسيع نطاق العمل الاجتماعي التطوعي لخدمة المجتمع المحلي..[c1]الخدمات الصحية[/c]يعتبر نظام الرعاية الصحية الأولية المدخل الأساسي للرعاية الصحية بكافة مستوياتها، وبمستوى عال من الجودة في مختلف مناطق السلطنة.. وتوفر عبر منظومة متكاملة تقوم على (3) مستويات هي أولاً الرعاية الأولية الفعالة وثانياً الرعاية الصحية الثانوية وتقدمها عشر مناطق صحية فقط وتوفر رعاية أكثر مهارة وتخصصاً في (13) مستشفى بها.. وثالثاً الرعاية الصحية التخصصية عالية التقنية ولها مستشفيات خاصة بها ومجهزة لهذا الغرض.وللرياضة والثقافة والسياحة اهتمام خاص ومستمر وذلك لأن كثيراً من الأراضي العمانية جاذبة للسياحة ولممارسة شتى أنواع الرياضة وفيها من الثقافة والسمات الحضارية ما جعل منها عاصمة للثقافة العربية عام 2006م.. وهناك تراثها وعاداتها وتقاليدها التي تعكسها مهرجاناتها السنوية ومنها مهرجان الخريف الذي يتهافت كل من سمع عن سلطنة عمان لحضوره وليعيش أيام في بلاد الضباب العربية هذه، وفي هذه المهرجانات تتوفر فرص العمل للكثيرين وتتحسن أوضاع الأكثر من الناس..[c1]عُمان اليوم والغد[/c]في كل عام تتجدد سلطنة عمان وتزدان بنتاج خيرات أرضها الطبيعية، وجد واجتهاد شعبها الذي ينظر نحو آفاق واسعة توثقها حكمة قيادة هذا الشعب الكريمة والتي تضع نصب أعينها حلم ( العالمية).. فعمان تسير حثيثاً نحو التقدمية والعالمية في كل شيء ابتداءً من مواردها البشرية المؤهلة تأهيلاً يفخر به، إلى مواردها الطبيعية التي يستفاد منها بتدبير وتخطيط ودراسة، لاعتبارها ثروات من حق أجيال المستقبل حبلى بخيراتها التي تجعلها ذاتية الاكتفاء، وفيها البيئة الجميلة الجاذبة، وفيها الطبيعة السمحة للمواطن العماني..عُمان اليوم ترسم صورة مصغرة لعُمان الغد، فعندما تكتمل الخطة الخمسية السابقة عام (2010) ستكون عُمان على غير ما هي عليه اليوم.. هي اليوم جميلة وغداً ستكون أجمل في ظل مفهوم صحيح للديمقراطية والمواطنة الحقة التي يتظلل بها كل مواطن عماني اليوم، وفي ظل الأمان الذي يحيط بالمواطن في الداخل والخارج وعلى كل الحدود مع الجيران الذين أزيلت بالتفاهم معهم، كل تلك المشاكل والمعوقات الحدودية ومنهم بلادنا اليمن السعيد..[c1]صورمن سلطنة عمان[/c]هناك صور واقعية واضحة تميز سلطنة عمان ضمن أهداف قيادتها الحكيمة والكريمة بناء الإنسان العماني ولذلك كانت قريبة منه وارتبطت معه في صداقة ومصداقية عبر الزيارات السنوية للسلطان إلى كل مناطق السلطنة، حيث وثق وثبت ثقافة جديدة اسمها (ثقافة الضبط والربط) والتي اعتبرها سر تفاعل الرعية براعيها، هذا التفاعل الذي يخلق بدوره الولاء المتبادل بين الطرفين..وأقام مؤسسات الدولة العصرية وجهزها بكل ما يؤكد مصداقية معنى العصرية، ونشر التسامح العماني وسيادة القانون على كل الأرض العمانية، وجعل منها أرض عطاء حضاري متواصل، ومرافق حديثة وبيئة نظيفة، وتراث وموروث وثقافة وفنون ممزوج بالعصرنة والحضارة العمانية، وفتح مجال للتنمية الاقتصادية بمختلف مناحيها، ثم عزز حماية الوطن ومنجزاته بقوله لصحيفة ( السياسة الكويتية) في إحدى لقاءاته بها عام 2006م ( إن الشأن العماني هو هاجسي بلا شك ومعايشتي اليومية، وهو فكري وعملي وكل شيء حولي وحوالي.. وأحلامنا لأجل عمان كثيرة وكبيرة، وشعبنا حملنا مسئولية نحملها بأمانة وجد..).
سلطنة عمان.. و37 شمعة تضيء المستقبل
أخبار متعلقة