من الحياة
يكتبها/ إقبال علي عبدالله * لم أصدق ما سمعته من أغلى ما أملك الآن في الوجود، / علي / البالغ ستة أعوام، هو ابن أخي، لكنه ابني، فمنذ ولادته وهو معي في البيت والشارع وحتى عند المنام.. صار ابني لا أستطيع الغنى عنه.. قال لي قبل يومين وهو ينتظر قدومي مساءً من العمل :"ليش عمو تأخر؟".ردت والدته الطيبة جداً.."يمكن معه عمل كثير!!"قال لها :"هذا "حبيشي" ويقصد الأستاذ/ أحمد الحبيشي / رئيس مجلس الإدارة رئيس تحرير صحيفة 14 أكتوبر ـ دوّخ بعمو..".ردت والدته :"أنت دلحين ليش ما تنام ولما يجي عمو بنقيمك مثل كل يوم".قال الطفل / علي/ - حسب ما روت والدته الحكاية لي عند عودتي في الثانية عشرة مساءً قال :"أنا أشتي عمو ضروري علشان أقول له لزم يودينا إلى المستشفى منشان أعمل تحصين ضد الحصبة.. التلفزيون قال إنّ الذي ما يعملش تحصين، الحصبة بتميته!! ".* الحقيقة إنني لم أصدق ما قالته والدة / علي/، ليس معنى ذلك إنّها تكذب عليه، بل كيف وصل هذا التفكير إلى عقل طفل لم يكمل السادسة من عمره بعد... انتظرت حتى الصباح وتأخرت في الذهاب إلى العمل حتى يصحي / علي/ وأسمع منه ما سمعته من والدته الطيبة.. فعلاً قام /علي/ وجاء إلى غرفتي وسألني :"مو أنا مشتيش أموت" !!.قلت له : "من قال لك إنّك بتموت.. عادك صغير وبكرة بتكبر إن شاء الله وبتكون دكتور".قال : "لا تزيد عليّ أمس شفت التلفزيون حقنا.. قالوا إنّ الحصبة تموت الأطفال".قلت له : "هذا صح، الأطفال الذين ما يعملوش تحصين.. يعني يدقوا إبرة ضد الحصبة بيتموتوا".قال بصوتٍ مرتفع :" يعني أنا ما سويتش إبرة .. باموت"قلت له :"اسمع يا علي . بكره لما يعلنوا الحملة في عدن با نعملك إبرة".قال : " ايش من حملة"؟!.شعرت بأنني أخاطب شاب وليس طفلاً.. وهذه حقيقة أقسم بالله عليها..قلت له :"بلادنا منشان الأطفال ما يموتوش من الحصبة سوت حملة في كل المحافظات.. دورنا عاده في عدن ما أجاش.."قال :"يعني مثل التحصين حق شلل اللأطفال"قلت :"أيوه.. بارك الله فيك.. المهم لا تأكل من الشارع واشرب اللبن يومياً"تصوروا ماذا كان رد الطفل / علي/ :قال :"اللبن غالي وأبي مشاهرته قليلة.. اشتري لي أنت اللبن .. "الحبيشي" يعطيك فلوس كثير".* ما دفعني إلى رواية هذه الحدوثة لكم والتي كما قلت إنّها حقيقية وليست من بُنات أفكاري مثلما أدعت إحدى الزميلات العزيزات ذات مرة تعليقاً على إحدى أعمدتي في هذه الزاوية بأنّ "ما اكتبه ليس من واقع الحياة، بل من تخيلاتي!.. وهذا موضوع أعدكم بالكتابة عنه في المواضيع القادمة..دافعي لرواية الحدوثة "حدوثة "علي" و"الحصبة"، تنبيه كل الآباء والأمهات بأهمية التحصين ضد هذا المرض الذي لا يرحم والتساهل معه يؤدي إلى الوفاة .. وأنا أعرف كثير من الأسر خاصة في الأرياف امتنعوا عن تحصين أطفالهم من شلل الأطفال بعضهم عن جهلٍ بأهمية التحصين وآخرون صدقوا فتاوى أطلقها بعض رجال الدين يحرمون التحصين، فتوى نسبت إلى الإسلام والإسلام بريء منها بكل المعاني.. فكانت النتيجة أطفالنا فلذات الأكباد هم الضحية..والعياد بالله .. لذلك نقول إنّ أطفالنا أمانة في أعناقنا وعلينا بذل التحضيات من أجلهم.. من أجل أن ينمو نمواً صحيحاً ويكونوا رجالاً أقوياء وحتماً سيعملون حينها مع أولادهم نفس ما عملناه نحن معهم اليوم..******ليلة مع أمي* أمس الأول (الثلاثاء) الواحد والعشرين من مارس.. قررت أن أتمرد عن العمل.. وأجلس يوماً كاملاً مع أمي محتفلاً معها بعيد الأم.. شعرت أنني في حديقة كل زهورها يانعة.. استنشقت وملأت رئتي بعبير الزهور التي كلها تشبهه أمي.. تمنيت أن يطول اليوم.. لأنّه كان أماناً أحاط بجسدي وروحي.. طبعت فوق جبينها قبلة، وعلى قدميها ألف قبلة تقديراً لأقدس وأعظم إنسانة في الوجود أمي..******أغنية الأسبوع* "فات الميعاد وبقينا بعادوالنار بقت دخان ورمادتفيد بأية يا ندموتعمل إيه يا عتابطالت ليالي الألمواتفرقوا الأحبابوكفاية بقى تعذيب وشقاودموع في فراق ودموع في لقاءتعتب عليه ليهأنا با يديه ايهفات الميعاد"كلمات / مرسي جميل عزيز