تجيد 3 لغات أجنبية و بدأت رحلتها إلى عالم الأعمال بقرض 50 ألف ريال
مسقط / متابعات: لم تذهب دراستها لإدارة الأعمال، ولا خبرتها العملية، ولا إجادتها لثلاث لغات بخلاف العربية سدى، بل ساهمت في نقلها من مجرد موظفة في شركة «شل» إلى سيدة أعمال تمتلك وتدير شركتين تقدر استثماراتها بالملايين.إنها سيدة الأعمال العمانية أسماء الخروصي التي بدأت مشوارها كموظفة تسويق في شركة شل، لكنها لم تقنع بهذه الوظيفة، وقررت الدخول إلى عالم الأعمال الخاصة فاقترضت 50 ألف ريال لتأسيس أول مشروع خاص لها وهي شركة سياحية.ولم يتوقف نجاحها عند هذا الحد بل دفعها عشقها للتراث العماني إلى تأسيس شركة أخرى لابتكار أشكال جديدة للتحف والديكور والإكسسوارات يغلب عليها الطابع العماني التراثي للحفاظ على الأصالة والهوية العمانية من التقليد، وللتصدي للمنتجات المقلدة الهندية والصينية.عاشت أسماء الخروصي تجربة الاغتراب مبكرًا؛ فقد ولدت في زنجبار أيام كانت جزءًا من سلطنة عمان، وكان والدها يعمل وقتها مديرًا لمصلحة الجوازات، وكانت والدتها رحمه الله مديرة مدرسة عربية، وتتكون أسرتها من عشرة أشقاء (خمسة أولاد وخمس بنات)، وتذكر أسماء أن والدتها سافرت إلى أمريكا لتدريس الأمريكيين التبغ العربي، ثم سافر والدها إلى العاصمة التنزانية دار السلام لانتقاله للعمل هناك، حيث اصطحب معه أسرته، ودرست هناك حتى انتهاء المرحلة الثانوية.في العام 1972 سافرت أسماء إلى البحرين والتحقت بكلية الخليج قسم إدارة الأعمال، وتخرجت في العام 1975 حيث عملت لدى شركة شل للبترول قسم التسويق، وفي العام 1980 تزوجت، ثم سافرت مع زوجها -مهنا النبهاني- إلى بريطانيا للدراسته هناك لمدة أربع سنوات، ودرست أسماء إدارة الأعمال أيضًا في كلية ويلز، وفى العام 1985 عادت إلى السلطنة، وفى تلك الفترة كانت قد أنجبت ابنها الأول مالك في العام 1984 -يدرس حاليًا في كلية فيكتوريا بأستراليا- ثم سيف في 1985، ثم أنجبت ابنتها رحمة في 1988، ثم خديجة في 1992، وفي العام 1988 سافرت أسماء إلى أمريكا بصحبة زوجها لاستكمال دراسته، وفي العام 1989 عادت إلى السلطنة حيث استقرت في صلالة مع زوجها هناك، وفي العام 1991 استقرت في مسقط نهائيًا.بعد الدراسة والزواج والإنجاب والسفر والعمل في شركة شل، والاستقرار في مسقط، أعادت أسماء ترتيب أوراق حياتها، واكتشفت خبراتها في التسويق والإدارة، وإجادتها ثلاث لغات بخلاف العربية -الإنجليزية والهندية والسواحلية (لغة زنجبار)- وفكرت في استغلال مواهبها المتعددة في مشروع خاص، فاقترضت 50 ألف ريال لاستثمارها في السياحة والمنتجات التراثية، فأسست أولاً شركة (ادفانتج تورز) للسياحة في 2004 لإثبات قدراتها كصاحبة أعمال والترويج للسلطنة سياحيًّا، وحصلت على دورةٍ في الإرشاد السياحي، وكانت تصطحب الوفود الزائرة بنفسها إلى مختلف المواقع السياحية، وفي هذا الإطار قالت أسماء: «كانت نسبة السياح الأجانب حوالي 90 % والعرب 10%، وكان الأجانب يحرصون على زيارة المواقع السياحية الأكثر شهرةً مثل نخل ورمال الشرقية والرستاق ونزوي وحصن جبرين والجبل الأخضر». (الدولار يعادل 0.38 ريال).لم تكن المهمة سهلة؛ فخلال تجربتها السياحية واجهت أسماء تحديات عديدة أبرزها المنافسة الشرسة في السوق بين الشركات السياحية على استقطاب الوفود الأجنبية، وواجهت المنافسة بشعار الجودة أولاً، فكانت تهتم بتقديم أفضل خدمة ممكنة للوفود السياحية، وكانت تسجل ملاحظاتهم بعد انتهاء الزيارة لتلافيها مستقبلاً، وبخلاف الجودة اهتمت أسماء أيضًا بالترويج لنشاط شركتها عبر الكتيبات السياحية ونشر الإعلانات في الصحف والمجلات، والمشاركة في المعارض السياحية داخل السلطنة وخارجها، وآخرها معرض الترويج للسلطنة سياحيًّا في 2009.وتراهن أسماء الخروصي على مستقبل السياحة العمانية؛ نظرًا للاهتمام الحكومي بها، وإعدادها لكي تصبح أحد المصادر المهمة للدخل القومي بعد النفط، ويساعدها على هذا التفاؤل المقومات السياحية العديدة التي تمتلكها السلطنة، من آثار وقلاع ومساجد وأفلاج وكهوف وأسواق تاريخية، إلى جانب حسن استقبال السائح وسماحة وطيبة الشعب العماني، وتطالب أسماء الشركات السياحية بتطوير نفسها خلال الفترة المقبلة باعتبار السياحة أبرز مجالات التنافس بين الدول وليس الشركات فقط، كما تدعو إلى الاهتمام بسياحة المؤتمرات وسياحة رجال الأعمال والسياحة البيئية والدينية والتراثية.خلال عمل أسماء بالسياحة، شكا لها كثيرٌ من السياح الأجانب قلة المنتج التراثي العماني الأصلي في سوق مطرح، وطغيان المنتجات المقلدة الهندية والصينية، فتدارست الأمر وقررت اقتحام المهنة عبر إحياء الموروث العماني، وطرحه مجددًا بقالب وديكور تراثي، وبدأت تصميم أغلفة الهدايا وعلب الحلوى والتمور وصناديق الخناجر والمناديل بأشكال ورموز تراثية عمانية شهيرة، مثل الجنبية والخنجر والنخيل لإعطاء شكل جمالي جذاب لها، كما صممت أشكالاً أخرى من الديكور بقالب عماني مثل الأنتريه والمرآة والأباجورة، ولاقت منتجاتها رواجًا كبيرًا، وفي هذا الإطار قالت أسماء لـ»الأسواق.نت»: «أصمم الأشكال التراثية العمانية على الورق أولاً ثم أنقلها إلى الكمبيوتر، وأشترى الأخشاب والصدف من بعض الدول، وأنفذ الأشكال الفنية في بعض مصانع شرق أسيا، ثم أتولى تسويقها وبيعها في السلطنة تحت اسم (أسماء للأصالة)».زبائن أسماء عديدون، وهم السياح والوزارات والسفارات والهيئات الأجنبية والبنوك والشركات ومجلس الدولة، وتؤكد أسماء أن التراث العماني هو السلاح الوحيد الباقي لنا في مجال منافسة المنتجات الأجنبية، وتضيف: «تتميز السلطنة بثلاثة منتجات هي: البخور والحنا والمجوهرات والتراث، وهناك منافسة في البخور من اليمن والصومال، كما تواجه الحنا منافسة هندية وأفريقية، أما المشغولات الفضية والذهبية والتحف والديكور والأنتيكات الفنية العمانية، فلا توجد فيها منافسة لارتفاع تكلفتها وخصوصية المنتج العماني لأنه عنوان الأصالة».تتراوح أسعار إبداعات أسماء الفنية بين 10 - 200 ريال، باستثناء بعض الطلبات الخاصة، فطاقم الطاولة يصل سعره إلى 2000 ريال مثلاً، ونظرًا لخبراتها الطويلة في المهنة تقدم أسماء أحيانًا بعض المحاضرات لطالبات الكليات والجامعات لتشجيعهن على مزاولة النشاط التجاري وآخرها محاضرة في الكلية التقنية بالمصنعة.تدين أسماء الخروصى في نجاح مشروعاتها كصاحبة أعمال كما قالت، للسلطان قابوس الذي قدم كل الدعم للمرأة العمانية، كما تدين بالفضل لزوجها الذي ساندها كثيرًا، لكن ما يضايق أسماء حقًا هو قصر نظرة المجتمع أحيانًا للمرأة، حيث لا يعترف البعض بنجاحاتها، ويعتقد أن مكانها البيت فقط.وتحلم أسماء بتسويق التراث العماني في الخارج لكي يصل إلى العالمية، وبعيدًا عن البيزنس تهوى أسماء مساعدة الجمعيات الخيرية، وقد شاركت مؤخرًا في معرض مكافحة السرطان، وتبرعت بجزء من إيرادات المعرض لصالح الجمعية، كما تهوى مشاهدة سباق السيارات، وتذكر أنها شاركت في سباق للسيارات في 1978 في بيت الفلج، وحازت المركز الأول على مستوى السيدات، كما تهوى السفر للخارج للتعرف على الشعوب والثقافات الأخرى وهي ربة منزل مرهفة الحس تحب المرح والخير للآخرين.