وسط تحذيرات من إساءة استخدامه :
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية: مشروع قانون استقطاع وزراعة الأعضاء البشرية من حزمة القوانين التي استحوذت مؤخرا علي قدر كبير للغاية من النقاش في مصر، وربما يكون ذلك لخطورة المسألة ، التي ينظمها القانون ، وهي عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية وما يرتبط بذلك الأمر من نقل بعض الأعضاء خلسة عن طريق غير مشروع ، وهذا بدوره دفع البعض للمطالبة بضرورة تعديل العقوبات المنصوص عليها في هذا المشروع لتصل إلي الإعدام وغرامة 200 ألف جنيه بتهمة القتل العمد لكل من استقطع خلسة أو زرع أو شارك دون رضاء صحيح أو بالتحايل أو بالإكراه عضواً أو جزءاً منه أو نسيجاً من إنسان حي بقصد زارعته في جسم إنسان آخر ، وترتب على ذلك وفاة الشخص المستأصل منه.وفي المقابل طالب آخرون بضرورة تعديل تشكيل اللجان الثلاثية المنصوص عليها في المادة السابقة من مشروع القانون، والتي تشكل بقرار من وزير الصحة المصري من ثلاثة أطباء في المستشفيات للموافقة على إجراء الاستئصال والزرع، ليكون تشكيلها من خمسة أعضاء بدلاً من ثلاث وأن يكون قرار اللجنة بإجراء هذه الجراحة بإجماع أراء أعضائها وليس بأغلبية أصواتهم .واتفق برلمانيون وحقوقيون على ضرورة الإسراع بإقرار البرلمان المصري للمشروع لوجود ضرورات صحية تستلزم ذلك ، مؤكدين أن مئات الآلاف من المصريين يحتاجون لتدخل تشريعي لإقرار القانون لإنقاذ حياتهم ، وأن يأتي تمرير القانون وفقاً لضوابط وقواعد قانونية وأخلاقية تضمن ألا يتحول زرع الأعضاء إلي تجارة ، وألا يتحول إقرار القانون إلي خدمة للأغنياء يدفع ثمنها الفقراء ، وألا يتم تمرير القانون دون ضمان فيتحول إلى أداة لاعدام الفقراء لزرع أعضائهم دون التأكد من وفاتهم وفاة كاملة .[c1]تخوفات القانون[/c]د. خليفة رضوان ، عضو البرلمان المصري ، يؤكد أن الخلاف حول قانون زرع الأعضاء بدأ منذ عام 1997 وكان يدور حول تعريف الموت وهل يتحقق بموت جذع المخ أو توقف جميع الأعضاء عن النبض وعدم قدرتها عن إدارة أي شئ بدون مساعدة الأجهزة الطبية.مشيراً إلى أنه يقف إلى جانب الرأي القائل بتحقق الوفاة بموت جذع المخ ، وأن صحة هذا الرأي لها استشهادها بأنه على مدار السنوات الماضية وبالتجربة على آلاف من حالات المرضي الذين ماتت اجذاع أمخاخهم لم يحدث في حالة واحدة أن عاد أحدهم للحياة من جديد .وقال: إننا في حاجة ملحة لاستصدار قانون زرع الأعضاء بشرط أن يكون في حدود الأخلاقيات والضوابط المطلوبة ، لا سيما أنه لدينا من مرضى الكبد فقط %15،على الأقل يحتاجون زرع كبد ومئات الآلاف من المصريين في أمراض أخرى يحتاجون بصورة عاجلة إلى زرع أعضاء لهم كحل أخير لبقائهم على قيد الحياة ، وطالب بضرورة أن يحكم القانون وتنفيذه بالأخلاقيات التي تضمن ألا يكون مبرراً ليحكم على المواطنين ، خاصة الفقراء منهم بالاعدام ويكون قتلاً بالقانون.وأضاف : أن هناك تخوفات من تحول القانون لأداه لقتل الفقراء والحكم على كل من يدخل في غيبوبة بأنه مات ،ولذلك فإن السيطرة على هذا الأمر تحتاج أطباء أكفياء وعلى أعلى مستوى ، كما أن البرلمان المصري تبنى هذا المشروع من أجل المرضى الفقراء، الذين يظلون في أماكن علاجية لسنوات طويلة حتى يموتوا ، لأن القرار الطبي النهائي لحالاتهم هو ضرورة زرع عضو لهم ودون ذلك لن يشفي وفي هذه الحالة بالطبع فإن فقراء مصر لا يكون أمامهم إلا أنتظار الموت لأنهم لا يستطيعون زرع الأعضاء خارج البلاد بسبب التكلفة والدولة لا تستطيع تحملها عنه فالدولة تدفع لمريض الكبد الذي يحتاج عملية زرع 50 ألف جنيه في حين أن العملية تتكلف ما بين 300 و700 ألف جنيه.وخلص إلى أن الدولة ووزارة الصحة مستعدان لتحمل جميع الأموال التى يحتاجها تطبيق المشروع فيما يتعلق بتجهيزات المستشفيات وغيرها من الأمور، وأن مشروع كادر المعلمين بدأ الحديث عنه ، ولكنه لم يتم إقراره إلا بعد استطاعة الدولة توفير الإمكانيات اللازمة له وكذلك مشروع التأمين الصحي توقفت مناقشاته حتى تستطيع ميزانية الدولة استيعاب تكاليفه ، ومن ثم فإنني مطمئن لقدرة الدولة على استيعاب تكلفة إقرار وتنفيذ قانون نقل الأعضاء أيضاً.من جانبه أكد د. محمد خليل نصرالله عضو مجلس البرلمان المصري أن هناك وجهتي نظر حول موضوع زرع الأعضاء ، الأولي المرجعيات الدينية التي يستند إليها بعض رجال الدين في تحريم عملية زرع ونقل الأعضاء على اعتبار أن الإنسان ملك لله لا يملك أعضاءه من الأساس فلا يستطيع ولا يملك التبرع بها بالتبعية ، ووجهة النظر الأخرى ، هي التي تتبنى الضرورة الصحية التي تفرضها إصابة مئات الآلاف من المصريين بأمراض علاجها الوحيد هو نقل أعضاء لها ، وفي ذات الوقت توجد قاعدة شرعية تقول «الضرورات تبيح المحظورات».وأشار إلى أنه اعتماداً علي هذه القاعدة يوافق غالبية البرلمان على مشروع قانون زرع الأعضاء، إلا أن تنفيذ هذا القانون يحتاج إلى إمكانيات مالية ضخمة ، ومن ثم لابد من اقرار القانون ووضع التشريع ، ثم بعد ذلك يأتي البحث عن مصادر التمويل والتجهيزات لافتاً إلى ضرورة سابقية التشريع علي أي شئ آخر، ويمكن بعد تمرير القانون البدء في وضع خطط التنفيذ وتجهيزات المستشفيات بصورة جزئية دون التمسك بأن تتم عملية التجهيزات في جميع المستشفيات على مستوى البلاد في وقت واحد.أما أحمد نصر الباحث بالمعهد الديمقراطي المصري أكد أنه من الضروري السعي لتطبيق جميع المواد ، كما جاء نصها في مشرع القانون دون أدنى تحايل لضمان الجدية ،خاصة أن لدينا قوانين كثيرة وضعت ولا تستخدم في الغرض ، الذي وضعت من أجله ، فالقانون يقضي بعدم نقل الأعضاء إلا للضرورة القصوى وللحفاظ علي حياة المنقول إليه أو علاجه من مرض جسيم، ويشترط ألا ينرتب علي النقل أية أضرار بالمتبرع أو تهديد لحياته، ولو كان التبرع بإرادته فطبقاً للنصوص الواردة في المشروع لا يجوز أن يتم نقل الأعضاء ، إلا إذا كان المتبرع كامل الأهلية وبرضاء كامل منه .وأشار إلى أنه يجوز للمتبرع العدول عن موافقته في أي وقت حتي ، وإن كان هذا العدول قبل البدء في إجراء عملية النقل ولو بوقت بسيط ، كما يشترط المشروع أن تكون الموافقة كتابية ويحظر التعامل مع أي عضو على أساس البيع والشراء ، موضحاً أنه يحظر على أي طبيب إجراء جراحة لنقل العضو لو علم بنية البيع بين المتبرع والمنقول له ، ولا يجوز إجراء عملية النقل في غير المستشفيات والمراكز الحكومية وإنشاء وحدة طبية مركزية متخصصة تابعة لوزير الصحة المصري، وتكون لها الشخصية الاعتبارية ، وهي من تتولى عملية تنظيم نقل الأعضاء والأنسجة وفي كل الأحوال لا يجوز نقل الأعضاء إلا من مصريين إلى مصريين أو إلى أجانب في حالة واحدة هي أن يكون المنقول له قريباً للمتبرع المصري حتي الدرجة الثانية على الأكثر.وقال إنه حان الوقت لإنهاء حالة الجدل حول المشروع ويكفي تأخر صدوره لسنوات طويلة ظل خلالها المشروع حبيس الأدراج ، خوفاً من شائعات عن أنه تشريع يبيح تجارة الأعضاء البشرية وتحريم البعض للمشروع بحجة مخالفته للدين ، وهي سنوات دفع ثمنها المصريون من أرواحهم ، كما أنه لا يمكن أن يمر المشروع دون أن نتأكد من توافر كل الضمانات الأخلاقية ، التي تحمي الأرواح وتمنع الإتجار بالبشر ، لكن كل هذا لا يعني أن نستسلم لاعتراضات وادعاءات يعرف الجميع أنها غير منطقية وكشف ذلك كبار رجال الدين.وأضاف : أن تأخر صدور القانون يعني أن هناك تقصيراً من المشرع في حماية المرضى المصريين فلا يعقل أن أكثر من 85 دولة في العالم تسمح بنقل الأعضاء ليس من بينها مصر ، بينما دول مثل السعودية وتونس وإيران أنهت الأمر وسمحت بنقل الأعضاء .
قانون زراعة الأعضاء إنقاذ للمرضي أم هلاك للفقراء؟
قانون زراعة الأعضاء إنقاذ للمرضي أم هلاك للفقراء؟