صباح الخير
* بعض من الأشقاء وكذلك من الأصدقاء السياسيين والمثقفين والإعلاميين وحتى المواطنين العاديين يتساءلون عن سبب و سر إصرار اليمن في مواصلة جهوده لحل الخلاف بين الأشقاء الفلسطينيين (فتح وحماس)، وعودة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى ماقبل انقلاب (حركة حماس) على الشرعية الدستورية والسيطرة على قطاع غزة منتصف العام الماضي.باعتقادي أن التساؤل وإن كان فيه جانب كبير من الجهل في معرفة سياسة وأجندة اليمن الخارجية وخصوصا بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من ايار / مايو عام 1990م، يظل تساؤلا مشروعا أوجبه ما يشاهده العالم العربي والإسلامي وحتى الأوربي من صمت الكثير من القيادات العربية إزاء المشهد المأساوي المخيف في الأراضي الفلسطينية وخصوصا قطاع عزة التي يعاني سكانها من الحصار والجوع والموت اليومي جراء العمليات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي التي تحصد الإنسان والأرض والزرع.من الحقائق التي لايمكن نكرانها لأنها مثل الشمس الساطعة في كبد السماء، أن الجمهورية اليمنية وقيادتها السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، تدرك أن القضية الفلسطينية الممثلة في حق الشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على ترابه المقدس وعاصمتها القدس الشريف، هي جوهر ولب الأزمة السياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، وحل هذه القضية بالطرق السلمية والمرجعية الدولية وكذلك العربية على أسس عادلة غير منقوصة من حقوق شعبنا الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال الإسرائيلي منذ وعد بلفور المشؤوم وإتفاقية سايكس بيكو التي بموجبها قسمت فلسطين وأعطي لليهود النازحين من الدول الأوربية بعد الحرب العالمية جزء كبير منها تحت مسمى وهمي كاذب “أرض الميعاد”.هذا الإدراك اليمني المبكر انطلق من مصداقية السياسة الخارجية لليمن التي تتسم بالمصداقية والشفافية والوضوح في الرؤية والمبدئية مع قضايا الأشقاء وفي المقدمة قضية الشعب الفلسطيني الساكن في قلب ووجدان وروح كل مواطن يمني ولعل المتتبع للمواقف والحضور اليمني في المحافل الإقليمية والعربية والعالمية سيدرك أن اليمن تضع في مقدمة أجندتها وحواراتها مع الآخرين القضية الفلسطينية وتدعو بل وتطالب بقوة بالتزام المجتمع الدولي بتنفيذ القرارات الدولية التي تؤكد حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وتقديم كافة أشكال الدعم المادي واللوجستي لشعب ينهش الاحتلال الإسرائيلي من جسده وأرضه ليل نهار.من هنا جاء حرص بل إصرار القيادة اليمنية بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، على سرعة حل الخلافات المفتعلة بين أشقاء مصيرهم واحد وعدوهم واحد، وذلك لتفويت الفرصة على العدو الإسرائيلي في التهرب من التزاماته المتكررة في تنفيذ ما نصت عليه إتفاقيات السلام وآخرها إتفاقية (نابلوليس) .. لأن الخلافات الفلسطينية وأبرزها ما يجري اليوم من مشاهد يدمى لها القلب قبل العين في قطاع (غزة) تعد مكسبا ذهبيا للكيان الاسرائيلي لشن مزيد من الاعتداءات العسكرية ضد المواطنين العزل في القطاع والضفة تحت ذريعة (إطلاق الصواريخ) على المدن الإسرائيلية الحدودية من قبل (حركة حماس) التي تسيطر على قطاع غزة، وهو أمر يعيد المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي كانت قبل أحداث غزة، قريبة من الخروج بنتائج وتحت مظلة دولية، تهدف إلى إيجاد بداية حقيقية للسلام، يعيدها إلى مربع الخطر والتهرب الإسرائيلي منها.من هذه المعطيات جاءت المبادرة اليمنية الأخيرة ذات السبعة بنود لحل هذه الخلافات، وقد وجدت المبادرة التي أطلقها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح تأييدا وقبولا من الأطراف وأبناء الشعب الفلسطيني ومبادرة عربية واسعة واليوم واستجابة لهذه المبادرة والبحث في آلية تنفيذها تحتضن العاصمة صنعاء لقاءات بين حركة فتح وحماس ووفد منظمة التحرير الفلسطينية المرجعية الشرعية للسلطة الفلسطينية وهي لقاءات وإن كانت بعض المواقف المتشنجة قد شابتها إلا أن لقاء فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بالمتحاورين مساء أمس الأول قد أذاب الكثير من كتل الثلج بعد أن وضعهم الأخ الرئيس أمام حقيقة المخطط العالمي الذي تنفذه إسرائيل في تقسيم فلسطين واحتلال غزة ومواصلة سياسة التشريد والشتات في الدول العربية ليكون الشعب الفلسطيني وقضيته في أسفل الاهتمامات الدولية، وتكون الضفة وبعض المناطق التي يتواجد فيها الفلسطينيون أشبه بمناطق العراق والصومال وأفغانستان تسمح بالتواجد العسركي الغربي فيها.إننا نتطلع بكل أمل إلى الأشقاء ءفي (فتح) و(حماس) ليتجاوزوا هذه الخلافات ويعززوا من وحدتهم الوطنية عبر الحوار الذي تكون أجندته مصلحة الشعب الفلسطيني وحق إقامة الدولة المستقلة، ومن دون ذلك فإن الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية والإسلامية ستلعن هذه القيادات التي جعلت من مصالحها الضيقة في التمسك بالسلطة على حساب الشعب وأمنه واستقراره.. جعلتها فوق أجندة الوطن الفلسطيني.